في ظلال القرآن - سيد قطب
- كذلك يفعل الشياطين اليوم في الجاهلية الحديثة . . إن معظمهم لا يستطيع أن يتبجح تبجح الشيوعيين الملحدين؛ فينفي وجود الله جملة ويتنكر للدين علانية . إنما يلجأ إلى نفس الأسلوب الذي كان يلجأ إليه الشياطين في جاهلية العرب يقولون : إنهم يحترمون الدين ويزعمون أن ما يشرعونه للناس له أصل من هذا الدين . . إنه أسلوب ألأم وأخبث من أسلوب الشيوعيين الملحدين إنه يخدر العاطفة الدينية الغامضة التي لا تزال تعيش في قرارات النفوس - وإن لم تكن هي الإسلام . فالإسلام منهج واضح عملي واقع وليس هذه العاطفة المبهمة الغامضة - ويفرغ الطاقة الفطرية الدينية في قوالب جاهلية لا إسلامية . وهذا أخبث الكيد وألأم الأساليب.
- ثم يجيء « المتحمسون » لهذا الدين؛ فيفرغون جهدهم في استنكار جزئيات هزيلة على هامش الحقيقة الإسلامية ، لا تروق لهم في هذه الأوضاع الجاهلية المشركة ، المغتصبة لألوهية الله وسلطانه بالجملة . وبهذه الغيرة الغبية يسبغون على هذه الأوضاع الجاهلية المشركة طابع الإسلام . ويشهدون لها شهادة ضمنية خطيرة بأنها تقوم على أصل من الدين حقا ، ولكنها تخالف عنه في هذه الجزئيات الهزيلة ويؤدي هؤلاء المتحمسون دورهم لتثبيت هذه الأوضاع وتطهيرها .
- وهو نفس الدور الذي تؤديه الأجهزة الدينية المحترفة ، التي تلبس مسوح الدين وإن كان الإسلام بالذات لا يعرف المسوح ولا ينطق باسمه كاهن ولا سادن.
اختلاف الليل والنهار، تعاقب النور والظلام، توالي الإشراق والعتمة، ذلك الفجر وذلك الغروب، كم اهتزت لها مشاعر، وكم وجفت لها قلوب. وكم كانت أعجوبة من الأعاجيب، ثم فقد الإنسان وهلتها وروعتها مع التكرار، إلا القلب المؤمن الذي تتجدد في حسه هذه المشاهد، ويظل أبداً يذكر يد الله فيها، فيتلقاها في كل مرة بروعة الخلق الجديد.
تفضل اخي من ترفيعي
للاسف انحذفوا يا استاذ زهير
ارجوا منك اعادة التحميل ان استطعت
بااارك الله بك ....وجعلك ممن يدخلون الجنة بغير حساب
بالإمكان تحميل المقطع من الرابط التالي:
http://www.fileden.com/files/2010/8/17/2944804//slicing_tahasoft.com.rar
بارك الله فيك اخي الكريم
وشكرا على سرعة الرد
مشكور وبارك الله فيك اخي زهير
ولكن هل يوجد لديك مجال لرفع ملف الفيديو الخاص بالتقطيع للستايل ان سمحت
وجزيت عنا كل الخير
http://www.fileden.com/files/2010/8/17/2944804//slicing_tahasoft.com.rar
مشكور وبارك الله فيك اخي زهير
ولكن هل يوجد لديك مجال لرفع ملف الفيديو الخاص بالتقطيع للستايل ان سمحت
وجزيت عنا كل الخير
مشكور اخي وبارك الله فيك
عندي سؤال
هل يمكنني اضافة اكثر من مقطع مثلا لعمل مشغل صوتي لبعض المقاطع
وكي أتيح للزائر اختيار الملف الذي يرغب بالاستماع اليه
ارجو ان تكون الفكرة واضحة لديك عن سؤالي
وشكرا لك
بارك الله فيك اخي زهير
وسلمت اناملك شرح رائع ووافي وكافي
من اجمـــــــــــــل الاستايلات التي رايتها
...
بانتظار الاصدار للنسخــــــــــــة 4.2
تحي
ـــــــــــــــاتي
- يقف الطغيان عاجزاً أمام الإيمان ، وأمام الوعي ، وأمام الاطمئنان . . يقف الطغيان عاجزاً أمام القلوب التي خيل إليه أنه يملك الولاية عليها كما يملك الولاية على الرقاب ويملك التصرف فيها كما يملك التصرف في الأجسام . فإذا هي مستعصية عليه ، لأنها من أمر الله ، لا يملك أمرها إلا الله . .
- وماذا يملك الطغيان إذا رغبت القلوب في جوار الله؟ وماذا يملك الجبروت إذا اعتصمت القلوب بالله؟ وماذا يملك السلطان إذا رغبت القلوب عما يملك السلطان إنه موقف من المواقف الحاسمة في تاريخ البشرية . هذا الذي كان بين فرعون وملئه ، والمؤمنين من السحرة . . السابقين . .
- إنه موقف حاسم في تاريخ البشرية . بانتصار العقيدة على الحياة . وانتصار العزيمة على الألم . وانتصار « الإنسان » على « الشيطان »
إنه موقف حاسم في تاريخ البشرية . إعلان ميلاد الحرية الحقيقية . فما الحرية إلا الاستعلاء بالعقيدة على جبروت المتجبرين وطغيان الطغاة . والاستهانة بالقوة المادية التي تملك أن تتسلط على الأجسام والرقاب وتعجز عن استذلال القلوب والأرواح . ومتى عجزت القوة المادية عن استذلال القلوب فقد ولدت الحرية الحقيقية في هذه القلوب .
- إنه موقف حاسم في تاريخ البشرية بإعلان إفلاس المادية فهذه القلة التي كانت منذ لحظة تسأل فرعون الأجر على الفوز ، وتمنى بالقرب من السلطان . . هي ذاتها التي تستعلي على فرعون؛ وتستهين بالتهديد والوعيد ، وتُقبل صابرة محتسبة على التنكيل والتصليب .
- وما تغير في حياتها شيء ، ولا تغير من حولها شيء - في عالم المادة - إنما وقعت اللمسة الخفية التي تسلك الكوكب المفرد في الدورة الكبرى . وتجمع الذرة التائهة إلى المحور الثابت ، وتصل الفرد الفاني بقوة الأزل والأبد . . وقعت اللمسة التي تحوّل الإبرة ، فيلتقط القلب إيقاعات القدرة ، ويتسمع الضمير أصداء الهداية ، وتتلقى البصيرة إشراقات النور . .
- وقعت اللمسة التي لا تنتظر أي تغيير في الواقع المادي؛ ولكنها هي تغير الواقع المادي؛ وترفع « الإنسان » في عالم الواقع إلى الآفاق التي لم يكن يطمح إليها الخيال ويذهب التهديد . . ويتلاشى الوعيد . . ويمضي الإيمان في طريقه . لا يتلفت ، ولا يتردد ، ولا يحيد.
إن الفساد يصيب تصورات الناس كما يصيب حياتهم الاجتماعية حين يكون هناك أرباب متفرقون يتحكمون في رقاب العباد - من دون الله - وما صلحت الأرض قط ولا استقامت حياة الناس إلا أيام أن كانت عبوديتهم لله وحده - عقيدة وعبادة وشريعة - وما تحرر « الإنسان » قط إلا في ظلال الربوبية الواحدة . .
{
أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا : آمنا وهم لا يفتنون؟
} . .
إن الإيمان ليس كلمة تقال إنما هو حقيقة ذات تكاليف؛ وأمانة ذات أعباء؛ وجهاد يحتاج إلى صبر ، وجهد يحتاج إلى احتمال . فلا يكفي أن يقول الناس : آمنا . وهم لا يتركون لهذه الدعوى ، حتى يتعرضوا للفتنة فيثبتوا عليها ويخرجوا منها صافية عناصرهم خالصة قلوبهم . كما تفتن النار الذهب لتفصل بينه وبين العناصر الرخيصة العالقة به وهذا هو أصل الكلمة اللغوي وله دلالته وظله وإيحاؤه وكذلك تصنع الفتنة بالقلوب .
هذه الفتنة على الإيمان أصل ثابت ، وسنة جارية ، في ميزان الله سبحانه :
{ ولقد فتنا الذين من قبلهم ، فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } . .
رابط إضافي (فورشيرد)
http://www.4shared.com/zip/z-RuIryO/av_online.html
انصح الجميع بالاشتراك في موقع 4shared
وهنا شرح التسجيل
http://www.tahasoft.com/showthread.php?17445
فهذا هو الضمان الحقيقي لاجتياز الامتحان ، ونيل الرضوان . فالعبد مقصر مهما يحاول من الوفاء . ومن رحمة الله به أن يعامله بالعفو والمرحمة والغفران . .قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « لا يدخل أحدكم الجنة بعمله . . قالوا ولا أنت يا رسول الله قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته » .
http://www.mediafire.com/?f6s7kz4obqn5nz3
Username: TRIAL-74130683
Password: x74ja3jbvr
Expiry Date: 12.02.2013
Username: TRIAL-74217643
Password: fr5cx3bu45
Expiry Date: 12.02.2013
Username: TRIAL-74676282
Password: he24aa554m
Expiry Date: 12.02.2013
Username: TRIAL-44354757
Password: r7kba6sbbk
Expiry Date: 10.03.2013
Username: TRIAL-44354758
Password: 4dthavsh33
Expiry Date: 10.03.2013
Username: TRIAL-44354759
Password: vuk85252be
Expiry Date: 10.03.2013
Username: TRIAL-44354782
Password: t2v8h8vfxk
Expiry Date: 11.03.2013
Username: TRIAL-44354783
Password: jcckftvuee
Expiry Date: 11.03.2013
Username: TRIAL-44354784
Password: dt5bcu8dpu
Expiry Date: 11.03.2013
---------------------------------
Username: EAV-77775338
Password: 586aher586
Expiry Date: 18.03.2013
Username: EAV-77775409
Password: rmjjfmenmb
Expiry Date: 18.03.2013
Username: EAV-77778532
Password: satr6jnecc
Expiry Date: 18.03.2013
Username: EAV-77778572
Password: kfhxt46keu
Expiry Date: 18.03.2013
Username: EAV-77800049
Password: rprjj4fkb2
Expiry Date: 19.03.2013
Username: EAV-77800232
Password: e37hdxfufu
Expiry Date: 19.03.2013
Username: EAV-77858647
Password: fdfvpe6p8d
Expiry Date: 20.03.2013
Username: EAV-77984468
Password: xj5u3x8xpt
Expiry Date: 22.03.2013
Username: EAV-77984472
Password: 7ssat7j8v2
Expiry Date: 22.03.2013
الله يعطيك العافية اخي
دمتم بود
............
دمتم بود
............
دمتم بود
............
-إن مخافة الله بالغيب هي قاعدة هذه العقيدة في ضمير المسلم . القاعدة الصلبة التي يقوم عليها بناء العقيدة ، وبناء السلوك ، وتناط بها أمانة الخلافة في الأرض بمنهج الله القويم . .
-إن الناس لا يرون الله؛ ولكنهم يجدونه في نفوسهم حين يؤمنون . . إنه تعالى بالنسبة لهم غيب ، ولكن قلوبهم تعرفه بالغيب وتخافه . إن استقرار هذه الحقيقة الهائلة - حقيقة الإيمان بالله بالغيب ومخافته - والاستغناء عن رؤية الحس والمشاهدة؛ والشعور بهذا الغيب شعوراً يوازي - بل يرجح - الشهادة؛ حتى ليؤدي المؤمن شهادة : بأن لا إله إلا الله . وهو لم ير الله . .
-إن استقرار هذه الحقيقة على هذا النحو يعبر عن نقلة ضخمة في ارتقاء الكائن البشري ، وانطلاق طاقاته الفطرية ، واستخدام أجهزته المركوزة في تكوينه الفطري على الوجه الأكمل؛ وابتعاده - بمقدار هذا الارتقاء - عن عالم البهيمة التي لا تعرف الغيب - بالمستوى الذي تهيأ له الإنسان - بينما يعبر انغلاق روحه عن رؤية ما وراء الحس ، وانكماش إحساسه في دائرة المحسوس ، عن تعطل أجهزة الالتقاط والاتصال الراقية فيه ، وانتكاسه إلى المستوى الحيواني في الحس « المادي »
ومن ثم يجعلها الله سبحانه حكمة لهذا الابتلاء؛ ويكشف للذين آمنوا عن هذه الحكمة كي تحتشد نفوسهم لتحقيقها . .
-والله سبحانه يعلم علماً لَدُنِّياًّ من يخافه بالغيب . ولكنه - سبحانه - لا يحاسب الناس على ما يعلمه عنهم علماً لدنيا . إنما يحاسبهم على ما يقع منهم فيعلمه الله - سبحانه - علم وقوع .
لمسة توقظ قلوبهم إلى الواقع المشهود في حياتهم . فكم من دابة لا تحصل رزقها ولا تجمعه ولا تحمله ولا تهتم به ، ولا تعرف كيف توفره لنفسها ، ولا كيف تحتفظ به معها . ومع هذا فإن الله يرزقها ولا يدعها تموت جوعاً . وكذلك يرزق الناس . ولو خيل إليهم أنهم يخلقون رزقهم وينشئونه . إنما يهبهم الله وسيلة الرزق وأسبابه . وهذه الهبة في ذاتها رزق من الله ، لا سبيل لهم إليه إلا بتوفيق الله . فلا مجال للقلق على الرزق عند الهجرة . فهم عباد الله يهاجرون إلى أرض الله يرزقهم الله حيث كانوا . كما يرزق الدابة لا تحمل رزقها ، ولكن الله يرزقها ولا يدعها .
ويختم هذه اللمسات الرفيقة العميقة بوصلهم بالله ، وإشعارهم برعايته وعنايته ، فهو يسمع لهم ويعلم حالهم ، ولا يدعهم وحدهم : { وهو السميع العليم } . .
وتنتهي هذه الجولة القصيرة؛ وقد لمست كل حنية في تلك القلوب؛ ولبت كل خاطر هجس فيها في لحظة الخروج . وقد تركت مكان كل مخافة طمأنينة ، ومكان كل قلق ثقة ، ومكان كل تعب راحة . وقد هدهدت تلك القلوب وغمرتها بشعور القربى والرعاية والأمان في كنف الله الرحيم المنان .
ألا إنه لا يدرك هواجس القلوب هكذا إلا خالق القلوب . ولا يداوي القلوب هكذا إلا الذي يعلم ما في القلوب
سيد قطب
https://www.facebook.com/zilalquran?ref=streamإن مدلول الحاكمية في التصور الإسلامي لا ينحصر في تلقي الشرائع القانونية من الله وحده. والتحاكم إليها وحدها. والحكم بها دون سواها .. إن مدلول الشريعة في الإسلام لا ينحصر في التشريعات القانونية، ولا حتى في أصول الحكم ونظامه وأوضاعه. إن هذا المدلول الضيق لا يمثل مدلول الشريعة والتصور الإسلامي!
إن شريعة الله تعني ما شرعه الله لتنظيم الحياة البشرية.. وهذا يتمثل في أصول الاعتقاد، وأصول الحكم، وأصول الأخلاق، وأصول السلوك، وأصول المعرفة أيضاً.
هذه السورة بموضوعها، وتعبيرها، ومشاهدها، وظلالها وإيقاعها، لسمة من حنان، ونسمة من رحمة. وطائف من ود. ويد حانية تمسح على الآلام والمواجع، وتنسم بالروْح والرضى والأمل. وتسكب البرد والطمأنينة واليقين.
إنها كلها خالصة للنبي صلى الله عليه وسلم كلها نجاء له من ربه، وتسرية وتسلية وترويح وتطمين. كلها أنسام من الرحمة وأنداء من الود، وألطاف من القربى، وهدهدة للروح المتعب، والخاطر المقلق، والقلب الموجوع.
ورد في روايات كثيرة أن الوحي فتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبطأ عليه جبريل عليه وسلم فقال المشركون: ودع محمداً ربه! فأنزل الله تعالى هذه السورة..
والوحي ولقاء جبريل والاتصال بالله، كانت هي زاد الرسول صلى الله عليه وسلم في مشقة الطريق. وسقياه في هجير الجحود. وروْحه في لأواء التكذيب. وكان صلى الله عليه وسلم يحيا بها في هذه الهاجرة المحرقة التي يعانيها في النفوس النافرة الشاردة العصية العنيدة. ويعانيها في المكر والكيد والأذى المصبوب على الدعوة، على الإيمان، وعلى الهدى من طغاة المشركين.
فلما فتر الوحي انقطع عنه الزاد، وانحبس عنه الينبوع، واستوحش قلبه من الحبيب. وبقي للهاجرة وحده. بلا زاد. وبلا ري. وبغير ما اعتاد من رائحة الحبيب الودود. وهو أمر أشد من الاحتمال من جميع الوجوه..
عندئذ نزلت هذه السورة. نزل هذا الفيض من الود والحب والرحمة والإيناس والقربى والأمل والرضى والطمأنينة واليقين..
{ما ودعك ربك وما قلى. وللآخرة خير لك من الأولى. ولسوف يعطيك ربك فترضى}..
وما تركك ربك من قبل أبداً، وما قلاك من قبل قط، وما أخلاك من رحمته ورعايته وإيوائه..
ويَقِفُ المُؤمِنُ قَابضاً عَلى دِينه كالقَابضِ على الجَمْر في المُجتمع الشّارد عن الدين، وعن الفَضيلة، وعَنِ القِيَمِ العُليا، وعن الاهْتِمَامات النَبِيلة، وعنْ كُل مَا هُو طَاهرٌ نظيفٌ جميلْ.. ويقفُ الآخرون هازِئين بِوِقْفته، سَاخرين مِن تَصوراته، ضَاحكين منْ قيمه..
فما يَهُنِ المُؤمن و هُو يَنْظر مِن عُلٍ إلى السّاخرين والهَازئين والضَاحكين، وهُو يَقول كَمَا قال واحدٌ من الرّهط الكِرام الذّين سَبَقُوه في مَوكِبِ الإيمان العَريق الوَضيء، وفي الطّريق اللاّحب الطّويل.. نوحٌ عليه السلام :
شكرا جزيلا لكم
يعطيكم العافية
شكرا جزيلا لكم
يعطيكم العافية
شكرا جزيلا لكم
يعطيكم العافية
شكرا جزيلا لكم
يعطيكم العافية
(إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرًا . )
====
في الدرك الأسفل . . إنه مصير يتفق مع ثقلة الأرض التي تلصقهم بالتراب فلا ينطلقون ولا يرتفعون . ثقلة المطامع والرغائب ، والحرص والحذر والضعف والخور ! الثقلة التي تهبط بهم إلى مو
الاة الكافرين ومداراة المؤمنين . والوقوف في الحياة ذلك الموقف المهين: (مذبذبين بين ذلك . لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء). .
فهم كانوا في الحياة الدنيا يزاولون تهيئة أنفسهم وإعدادها لذلك المصير المهين (في الدرك الأسفل من النار). . بلا أعوان هنالك ولا أنصار . . وهم كانوا يوالون الكفار في الدنيا . فأنى ينصرهم الكفار ؟
ثم يفتح لهم - بعد هذا المشهد المفزع - باب النجاة . . باب التوبة لمن أراد النجاة:
إلا الذين تابوا وأصلحوا , واعتصموا بالله , وأخلصوا دينهم لله . فأولئك مع المؤمنين . وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيمًا . .
(وسوف يؤتي الله المؤمنين أجرا عظيمًا).
وبهذه اللمسات المنوعة ، يكشف حقيقة المنافقين في المجتمع المسلم , ويقلل من شأنهم وينبه المؤمنين إلى مزالق النفاق ويحذرهم مصيره . ويفتح باب التوبة للمنافقين ليحاول من فيه منهم خير أن يخلص نفسه , وينضم إلى الصف المسلم في صدق وفي حرارة وفي إخلاص . .
مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً
=======
وأخيرا تجيء تلك اللمسة العجيبة الموحية المؤثرة العميقة . . أخيرا بعد ذكر العقاب المفزع والأجر العظيم . . لتشعر قلوب البشر أن الله في غنى عن عذاب العباد . فما به - سبحانه - من نقمة ذاتية عليهم يصب عليهم من أجلها العذاب . وما به - سبحانه - من حاجة لاظهار سلطانه وقوته عن هذا الطريق . وما به - سبحانه - من رغبة ذاتية في عذاب الناس . كما تحفل أساطير الوثنية كلها بمثل هذه التصورات . . وإنما هو صلاح العباد بالإيمان والشكر لله . . مع تحبيبهم في الإيمان والشكر لله .
وهو الذي يشكر صالح العمل ويعلم خبايا النفوس:
(ما يفعل الله بعذابكم - إن شكرتم وآمنتم - وكان الله شاكرا عليما). .
نعم ! ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ؟ إن عذابه لجزاء على الجحود والكفران وتهديد لعله يقود إلى الشكر والإيمان . . إنها ليست شهوة التعذيب , ولا رغبة التنكيل ; ولا التذاذ الآلام , ولا إظهار البطش والسلطان . . تعالى الله عن ذلك كله علوا كبيرا . . فمتى اتقيتم بالشكر والإيمان ; فهنالك الغفران والرضوان . وهناك شكر الله - سبحانه - لعبده . وعلمه - سبحانه - بعبده .
وشكر الله - سبحانه - للعبد , يلمس القلب لمسة رفيقة عميقة . . إنه معلوم أن الشكر من الله - سبحانه - معناه الرضى , ومعناه ما يلازم الرضى من الثواب . . ولكن التعبير بأن الله - سبحانه - شاكر . . تعبير عميق الإيحاء !
وإذا كان الخالق المنشى ء , المنعم المتفضل ، الغني عن العالمين . . يشكر لعباده صلاحهم وإيمانهم وشكرهم وامتنانهم . . وهو غني عنهم وعن إيمانهم وعن شكرهم وامتنانهم . . إذا كان الخالق المنشى ء , المنعم المتفضل , الغني عن العالمين يشكر . . فماذا ينبغي للعباد المخلوقين المحدثين المغمورين بنعمة الله . . تجاه الخالق الرازق المنعم المتفضل الكريم ؟!
ألا إنها اللمسة الرفيقة العميقة التي ينتفض لها القلب ويخجل ويستجيب .
ألا إنها الإشارة المنيرة إلى معالم الطريق . . الطريق إلى الله الواهب المنعم , الشاكر العليم . .
وبعد . . فهذا جزء واحد , من ثلاثين جزءا من هذا القرآن . . يضم جناحية على مثل هذا الحشد العجيب من عمليات البناء والترميم والتنظيف والتقويم . وينشى ء في عالم النفس , وفي واقع المجتمع , وفي نظام الحياة , ذلك البناء الضخم المنسق العريض . ويعلن مولد الإنسان الجديد الذي لا تعرف له البشرية من قبل ولا من بعد مثيلا ولا شبيها , في مثاليته وواقعيته . وفي نظافته وتطهره , مع مزاولة نشاطه الإنساني في شتى الميادين . . هذا الإنسان الذي التقطه المنهج الرباني من سفح الجاهلية ودرج به في المرتقى الصاعد ، إلى القمة السامقة . في يسر . وفي رفق وفي لين . .