غريب1

0

1,600

قالوا وداعاً ... ولكنهم لم يرحلوا

قالوا وداعاً ... ولكنهم لم يرحلوا


هذه أنا من جديد أحكي لسنونوي حكاية ما بعد ليال طوال ، حكاية ثوب الأحلام الذي أرتديته في سهد ذلك الليل الحالك . فريثما أفتح نصف عيناي و أدرك أنني حقا مستقرة على أرض الواقع، حتى أغمضها بقوة كي أغوص من جديد في قاع بحار الأحلام و الخيال .
عند ذلك الطريق و خلف جدران تلك البيوت ، كانت الشمس تشير إلى الساعة ما بعد الظهر ، وأجواء ثملت من خمر أعياد السعادة ، تجمع أفواج من البشر واحد تلو الآخر ، وكأنهم ينتظرون عودة غائب طال هجرانه ، إلا أنني لم أعرف أحداً منهم سوى أمي وخالتي .
وما لبثت بضع دقائق حتى هبط فوج آخر يقال أنهم ( الأموات ) لكنني لم أعرف من أين وكيف هبطوا. تسارع الناس بدقات قلوبهم ومن بينهم أمي وخالتي للقاء أحبائهم من الأموات و هم يحملون خلف شفاههم ابتسامة الأشواق التي أمحتها أحزان الزمن الغادر و أنفاس الحنين و دموع آلام الفراق.
ظلت كل مجموعة تقف مع فقيدها الراحل و تحكي له ما فعل بها الزمان وما حل بها بعد سنين رحيله ، ومن بينهم أمي وخالتي اللتان أيضا قد ألتقيتا أمهما التي سافرت إلى أعالي السماء منذ أكثر من15 عاما ، و ما أتذكره أنها كانت امرأة شبه عجوز تتساءل عن أحوالنا برقة تغريد العصفور . و بصدر رحب حنون لا يملكه أجيال هذا اليوم .
علما بأن تلك المرأة ( جدتي ) لما أرها قط فلقد توفيت وأنا لم أكمل 3 سنوات ، تبادل الناس أطراف الأحاديث مع فقيدهم و تسامروا و أخذوا يضحكون تارة ويبكون تارة أخرى ، حتى حل المساء ودقت الساعة معلنة وقت عودة الأموات إلى عالمهم الحقيقي ،كم أتذكر جدتي في تلك اللحظة التي قالت لأمي وخالتي ( مع السلامة حان الوقت كي أرحل ) .
وها أنا أعود على فراشي و أحاول فتح عيناي و إقناع ذاتي أنني فقط كنت أحلم لا غير ، حتى استطعت أن أفتحها تماما حينها أدركت حقا أنني كنت أحلم .
فهم أهلنا الأموات الذين قالوا وداعا، ولكنهم لم يرحلوا عن ذاكرة الأذهان ، ولم تهزها أشباح النسيان

المصدر مدونة روسية

التعليقات (0)