الشوارب تنقل الميكروبات اثناء القبل .. وفرنسا صاحبة تقليعة اللحية بدون شارب. الاثنين و الدنيا ( 1947

جولة في دولة الشوارب

كانت الشوارب في الاجيال السابقة صولة ودولة فكانت رمز الرجولة ومبعث الزهو

ولا ي ف بالضبط تاريخ الشوارب ولكن المفهوم انها ظهرت حين بلغ ادم سن الرشد ان كان قد مر بما يمر به احفاده من مراحل العر ولم يكن ادم يعرف ( امواس الحلاقة )او المقصات فترك شاربه و لحيته مرسلين .. و لانظن انه احتاج يوما لان يتانق او يتزين فما كان في دنياه سوى حواء وحدها على ا ن بنى ادم ما لبثوا ان تكاثروا واصبح بينهم اناث لا حصر لعددهن فاخذ الرجال يتجملون فيشحذون من الصخر ( امواسا ) يشذبون بها لحاهم وشواربهم .

ومن اعجب ( التقاليع ) والتي ظهرت في فرنسا في القرن التاسع عشر حلق الشارب وترك اللحية كثة غزيرة الشعر وكان بطل هذه ( التعليقة ) هو الكونت دورساي الذي كان نجما لامعا في سماء صالونات لندن وباريس معا ولعل هذه الموضة غير غريبة عن الشرق فان بعض مذاهب المتصوفين تعالى في تفسير الحديث القاءل قصوا الشوارب واعفوا عن اللحى فتمحوا الشوارب محوا

على ان ابقاء الشارب مع ازالة اللحية ظل هو الموضة الغالبة

وفي تركيا وفرنسا ابان مجدهما شاعت الشوارب الرفيعة الرقيقة التي ترتفع اطرافها مدببة كمانعات الصواعق بينما انتشرت عقب الحرب العالمية الاولى الشوارب القصيرة او المبتورة

وعندما ما بدأت السينما تتبوأ مكانتها من المجتمع واخذ ممثلوها يرقون الى مراتب المثل العليا للموضة بدأت شوارب الكواكب تتزعم سواها من الشوارب ومن اشهرها شوارب ( ادولف مانجو ) و ( رونالد كولمان ) و ( كلارك جبيبل )

ومن ابدع الشوارب في تاريخ مصر الحديث شارب المغفور له سعد زعلول باشا فقد كان ينم عن رجولة حقة تنطوي على مزيج من قوة الشخصية و العظمة و الحزم مع طيبة النفس و البساطة

ومن اطرف الشوارب في مصر شاربا المرحومين حسب رشدي باشا ومحمد توفيق رفعت باشا .. كان كلا الرجلين قصي القامة طويل الشارب على ان رفعت باشا كان اقصرهما قامة واطولهما شاربا مما اوحى الى الرسامين الكاريكاتوريين ان يرسموا شاربه اطول من جسمه بمراحل

وزعامة الاناقة في الشوارب المصرية معقودة اليوم لشوارب عبد الفتاح يحيى باشا وشريف صبري باشا ومحمود شاكر باشا ومن اشهر الشوارب شارب الجنرال ( جايشي ناجاوكا ) الياباني فقد كان طوله عشرين بوصة وعند ما مات الجنرال فصل الشاربين شفته ودفن في قبر خاص وفي متحف برلين شارب كث طوله ستون بوصة كان لرجل من اهالي بروسيا الشرقية يدعى (فريتز كليبر ) وقد عجز ( الكوزمتيك ) و الشمع عن ابقاء هذا الشارب مستقيما فاضطر صاحبه الى ان يولج بين شعره عيدانا من الغاب الرفيع

وكانت الجيوش الى عهد قريب تشجع جنودها على تنمية شواربهم وكان الجندي المصري الذي يعنى بشاربه منذ مائة عام يتناول مكافأة تتراوح بين عشرة قروش وثلاثين قرشا شهريا وقد كان الجيش المجري يحتم على جنوده في القرن التاسع عشر تنمية شواربهم بحيث تصل اطرافها الى ما بين ضروسهم فاذا عوقب الجندي باحدى العقوبات البدنية الصارمة عض على طرفي شاربه حتى لا يصرخ

وفي عصر الملكة فكتوريا في انكلترا كانت الشوارب من الامتيازات المقصورة على الطبقات العليا فقط وكانت الدولة بكامل هيئاتها تكافح انتشار هذا الامتياز بين طبقات الشعب حتى ان بنك انجلترا اصدرا امرا يحرم على موظفيه تربية شواربيهم

وفي سنة 1875 قام طبيب فرنسي شهير بحملة في باريس ضد الشوارب اذا اتهمها بانها تنقل الميكروبات فاحضر شخصين احدهما حليق الشارب و الاخر كثه واطلقهما في شوارع المدينة حتى اذا عاد الى عيادته كانت في انتظارهما فتاة عقم الطبيب شفتيها فقبلهما كل منها على حدة وفحص الطبيب اثار كل قبلة فاذا بتلك التي طبعها الشاب الحليق لم يترك سوى عدد بسيط من البكتريا غير الضارة اما قبلة ( ابي شنب ) فقد خلفت ميكروبات و بقايا اطعمة كانت كامنة بين شعيرات شاربه ولكن هذا لم يصد الفرنسيين عن اطلاق شواربهم ... كل ما هناك انهم اخذوا يحملون فراجين صغيرة يمسحون بها شواربهم قبل تقبيل الفتيات.

الاثنين و الدنيا

29 ايلول 1947