غريب1

0

2,297

فضل الإمامة في الصلاة

فضل الإمامة في الصلاة






1_ الإمامة في الصلاة ولاية شرعية ذات فضل، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله“([1]). ومعلوم أن الأقرأ أفضل، فقرنا بأقرأ يدل على أفضليتها([2]).



2_ الإمام في الصلاة يُقتدى به في الخير، ويدلّ على ذلك عموم قول الله عز وجل في وصفه لعباد الرحمن، وأنهم يقولون في دعائهم لربهم: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}([3]). المعنى: اجعلنا أئمة يقتدى بنا في الخير، وقيل: المعنى: اجعلنا هداة مهتدين دعاة إلى الخير([4]). فسألوا الله أن يجعلهم أئمة التقوى يقتدي بهم أهل التقوى، قال ابن زيد كما قال لإبراهيم: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاما}([5])، وامتنّ الله – عز وجل – على من وفقه للإمامة في الدين فقال: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ}([6]) أي لَمّا كانوا صابرين على أوامر الله – عز وجل – وترك نواهيه، والصبر على التعلم والتعليم والدعوة إلى الله، ووصلوا في إيمانهم إلى درجة اليقين – وهو العلم التام الموجب للعمل – كان منهم أئمة يهدون إلى الحق بأمر الله، ويدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر([7]).



3_ دعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم للأئمة بالإرشاد، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”الإمام ضامنٌ والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين“([8]).



4_ الإمامة فضلها مشهور، تولاها النبي صلّى الله عليه وسلّم بنفسه، وكذلك خلفاؤه الراشدون، وما زال يتولاها أفضل المسلمين علماً وعملاً، ولا يمنع هذا الفضل العظيم أن يكون الأذان له ثواب أكثر، لِمَا فيه من إعلان ذكر الله تعالى، ولِمَا فيه من المشقّة، ولهذا اختلف العلماء في أيهما أفضل: الأذان أم الإمامة؟



فمنهم من قال: الإمامة أفضل، لِمَا سبق من الأدلة، ومنهم من قال: الأذان أفضل، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ”الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين“. ومنزلة الأمانة فوق منزلة الضمان وأعلى منه، والمدعو له بالمغفرة أفضل من المدعو له بالرشد، فالمغفرة أعلى من الإرشاد، لأن المغفرة نهاية الخير([9]).



واختار شيخ الإسلام – رحمه الله – أن الأذان أفضل من الإمامة([10]). وأما إمامة النبي صلّى الله عليه وسلّم وإمامة الخلفاء الراشدين – رضي الله عنهم – فكانت متعينة عليهم، فإنها وظيفة الإمام الأعظم ولم يمكن الجمع بينها وبين الأذان فصارت الإمامة في حقهم أفضل من الأذان لخصوص أحوالهم، وإن كان لأكثر الناس الأذان أفضل([11]).



5_ عظم شأن الإمامة وخطره على من استهان بأمرها ظاهر في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ”يصلون لكم فإن أصابوا فلكم [ولهم] وإن أخطأوا فلكم وعليهم“([12]). والمعنى: ”يصلون“ أي الأئمة ”لكم“ أي لأجلكم، ”فإن أصابوا“ في الأركان والشروط، والواجبات، والسنن ”فلكم“ ثواب صلاتكم، ”ولهم“ ثواب صلاتهم، ”وإن أخطأوا“ أي ارتكبوا الخطيئة في صلاتهم، ككونهم محدثين ”فلكم“، ثوابها، ”وعليهم“ عقابها([13]).



وعن عقبة بن عامر – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ”مَن أمّ الناس فأصاب الوقت فله ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئاً فعليه ولا عليهم“([14]).



وعن سهل بن سعد – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ”الإمام ضامن فإن أحسن فله ولهم، وإن أساء – يعني – فعليه ولا عليهم“([15]).



* طلب الإمامة في الصلاة إذا صلحت النية لا بأس به، لحديث عثمان بن أبي العاص – رضي الله عنه – قال: يا رسول الله، اجعلني إمام قومي، فقال: ”أنت إمامهم واقتدِ بأضعفهم، واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً“([16]).



والحديث يدلّ على جواز طلب الإمامة في الخير، وقد ورد في أدعية عباد الرحمن الذين وصفهم الله بتلك الأوصاف الجميلة أنهم يقولون: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}([17]).



وليس ذلك من طلب الرياسة المكروهة، فإن ذلك فيما يتعلق برياسة الدنيا التي لا يُعَانُ مَنْ طلبها، ولا يستحق أن يُعْطَاهَا مَنْ سألها([18])، فإذا صَلحت النية وتأكدت الرغبة في القيام بالواجب والدعوة إلى الله – عز وجل – فلا حرج من طلب ذلك.



* أولى الناس بالإمامة: الأقرأ([19]) العالم فقه صلاته([20])، فإن استووا فأفقههم، فإن استووا فأقدمهم هجرة، فإن استووا فأقدمهم إسلاماً، لحديث أبي مسعود الأنصاري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله([21]) فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواءً فأقدمهم هجرة([22])، فإن كانوا في الهجرة سواءً فأقدمهم سلماً – وفي رواية - سنّاً([23]) ولا يؤمّنَّ الرَّجلُ الرَّجلَ في سلطانه([24]) ولا يقعد في بيته على تكْرِمَتِه([25]) إلا بإذنه“. وفي لفظ: ”يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأقدمهم قراءة، فإن كانت قراءتهم سواءً...“([26]).



أما حديث مالك بن الحويرث – رضي الله عنه – الذي فيه: ”فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ثم ليؤمكم أكبركم“([27]). فقدم الأكبر، لأنهم استووا في باقي الخصال والشروط، لأنهم هاجروا جميعاً، وصحبوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولازموه عشرين ليلة، فاستووا في الأخذ عنه، ولم يبق ما يقدم به إلا السن([28]).



فالمراتب خمس: يقدم الأقرأ، فالأعلم بالسنة، فالأقدم هجرة، فالأقدم إسلاماً، فالأكبر سِنّاً ([29]).

التعليقات (0)