غريب1

0

1,126

لغة الثياب

هناك قول نردده باستمرار يحثنا على أن نأكل ما يتفق ورغبتنا ، وأن نرتدي ما يوافق حكم الناس ويحوز إعجابهم ( كول ما يعجبك والبس ما يعجب الناس ) .

المهم هنا ، أننا نردد هذه العبارة مرارا وتكرارا وننسى أن للثياب لغة خاصة تتحدث عن ذوقنا ، تصف ميولنا ، وتحكي شخصيتنا ، بل إن بعضا من المحللين النفسيين ذهبوا إلى تأكيد أهمية ما نرتديه من ثياب وما نختاره من ألوان ، إلى درجة قولهم إن الثياب هي التي تحدد شخصية مرتديها ، فمثلا من يرتدي الثياب وفق ما يقتضي الموقف والوقت الذي هو فيه ، وإن تكون ألوانها هادئة ومتناسقة يعد شخصا متزنا نفسيا ، عكس من يرتدي ثيابا تحمل خليطا من الألوان الصارخة والفاقعة ، وتبايناً في التصميمات ، فهو شخص مضطرب يشعر بنقص ما في شخصيته يحاول أن يعوضه .

ومسألة تقليد البعض للبعض في ارتداء الثياب ، والتمسك بتتبع خطوط ما يسمى( موضة ) هو خطأ فادح ، وشراء كل ما ترتديه مجسمات العرض الواقفة في واجهات المحلات ، خطأ أفدح ، فكثيرا ما يكون ما نشتريه من ثياب وفق هذه الرؤية ، مخالفا لشخصيتنا الفعلية ، ويؤدي إلى ظهورنا بمظهر غير أنيق ويعبر عنا بصورة خاطئة دون أن ندرك ذلك .

إن مفتاح الأناقة هو في اختيارنا لما يتفق وهويتنا ، فليس من المنطق أن نرتدي ثيابا أقل ما يمكن أن توصف به أنها مجرد

( هلاهيل ) قد يرتديها غيرنا لكنها لا تلائم بيئتنا ، وقيمنا ، وخير مثال على ذلك تلك القصاصات من الأقمشة التي تسمى عبثا ملابس ، ترتديها فتياتنا ، حتى نكاد لا نجد لها تسمية إذا ما أردنا وصفها ، والأمر نفسه ينطبق على ما يرتديه شبابنا من تصميمات لا تتفق وأخلاقيات ديننا وثقافة مجتمعنا ، حتى إن بعض التصاميم التي يرتدونها ، تمثل فئة ما أو مجموعة من الخارجين عن سياق الأدب في مجتمعات أخرى، ومتتبعي السلوكيات المنحرفة التي توافق ما يرتدونه من ثياب .

إن اختيارنا لثيابنا ، سيعكس ذوقنا ، ويؤكد اعتزازنا بأنفسنا ، فليس من الضروري على الإطلاق التشبث بارتداء التصاميم الحديثة خاصة الغريبة منها والخارجة عن المألوف والمنطق ، بل إن ثقتنا في ثيابنا هي التي ستنعكس على طريقتنا وأسلوبنا في الكلام ، وستجعلنا نملأ المكان الذي نتواجد فيه بحضورنا الذي حتما سيأسر غيرنا ، ويمكننا من التواصل معه بأريحية وسلاسة .

إن أردنا أن نحسن من طلتنا ، وأن نلفت انتباه غيرنا لما نرتديه من ثياب ، علينا أن لا نرتدي ما ينفرهم منا ، وعلينا أن نختارها بعفوية وبالصورة التي تبرز شخصيتنا ، وأن نراعي اختلاف المناسبات التي نرتدي فيها الثياب ، فأوقات العمل تختلف عن الحفلات والسهرات ، وبالتأكيد هي تختلف عن أوقات الدراسة وحتى اللقاء مع الأصدقاء .

بقي شيء مهم جدا وهو أن تحديد ملا مح الشخصية ورسم سماتها ، لا يتم بارتداء الثياب واستخدام مساحيق الزينة عند النساء والفتيات ، أو بارتداء الغريب واستعمال المحسنات عند الرجال والشباب ، لكن ذلك قد يكون في نبرة الصوت ونظرة العين والكلام الرزين الموزون ، والحضور وظهور الروح التي تبين مكانتنا كأفراد نسعى لأن تكون ثيابنا هي لسان حالنا الذي يقدمنا للآخرين .

هذه دعوة أعزاءنا القراء لوضع مسألة اختيار الثياب ، وارتداء آخر ما توصلت إليه خطوط الموضة رهن النقاش والحوار ، فمسألة كهذه جديرة بالدراسة لأنها تمثل هويتنا ، أقصد الثياب فليس كل ما يأتينا من خلف البحر يكون صالحا للارتداء ، ألستم معي أعزائي الشباب بأن بعض الملابس والصرعات ، تنافي قيمنا الاجتماعية وأخلاقياتنا الإسلامية ، وتبتعد كثيرا عن سمتنا الوطنية؟.

أنا أدعو الجميع للمساهمة في تفعيل النقاش حول ظاهرة ارتداء الملابس التي تحمل بعض الشعارات والصور والملصقات الدعائية ، ولأن النقاش الجدي والمثمر هو ما نسعى إليه باعتباره وسيلة لوضع الحلول لكثير من الظواهر الهدامة والمستهجنة ، هذه دعوة للتفكير الجاد والفاعل من أجل أن تكون لغة ما نرتديه من ثياب توافق ما جبلنا عليه من قيم وسلوكيات وصفات حسنة .

التعليقات (0)