لماذا تعتنق الاوروبيات الاسلام؟
لماذا تعتنق الاوروبيات الاسلام؟
بيتر فورد / عن كريستيان ساينس مونيتور
لجينيات /
لا تظهر على ماري فالوت اية علامة تنبىء عن احتمال كونها ارهابية. فهي امرأة فرنسية بيضاء البشرة دقيقة الملامح تجلس الى طاولة مقهى باريسي مزدحم وهي تثرثر عبر الهاتف النقال مع شابات فرنسيات اخريات.
لهذا السبب بالذات تضع سلطات مكافحة الارهاب في اوروبا عيونها على ماري فالوت والالاف من مثيلاتها عبر القارة.
والانسة فالوت متحولة جديدة الى الاسلام, الامر الذي يجعلها, في عيون تلك السلطات, مصدرا لخطر محتمل.
لقد جذبت وفاة مورييل ديغوك البلجيكية التي فجرت نفسها في عملية انتحارية ضد القوات الامريكية في العراق الشهر الماضي الانتباه الى تزايد عدد الاشخاص الذين يعتنقون الاسلام في اوروبا ومعظهم من النساء.
يقول مدير وكالة الاستخبارات الداخلية الفرنسية باسكال ميلهوس ان هذه الظاهرة في ازدهار, وانها تثير قلقنا.
وتنشأ الصعوبة التي تواجهها السلطات الامنية من ان النساء الاوروبيات البيضاوات لا يثرن شبهات الشرطة التي قد تكون اسرع الى الانتباه الى احتمالات التهديد الصادرة عن شبان من اصول شرق اوسطية. ويقول ماغنوس رانستوب, الخبير بشؤون الارهاب في كلية الدفاع الوطني السويدية, ان بامكان الارهابيين استخدام هؤلاء النساء المتحولات الى الاسلام واللواتي يمتلكن مزايا عملياتية في المواقف التي تتطلب اجراءات امنية مشددة.
الانسة فالوت التي اعتنقت الاسلام قبل ثلاث سنوات بعد ان عجزت عن ايجاد الاجوبة على اسئلتها الروحانية في تعاليم طفولتها الكاثوليكية, تقول انها تجد الشكوك التي تلاحقها بسبب ديانتها الجديدة »جارحة«. وتضيف قائلة:»الاسلام, بالنسبة لي, رسالة حب وتسامح وسلام«.
انها رسالة تستهوي المزيد من الاوروبيين وخصوصا بعد الفضول الذي نشأ حول الديانة الاسلامية في اعقاب احداث الحادي عشر من ايلول. وعلى الرغم من عدم توفر الارقام الدقيقة, فان المراقبين المعنيين بمراقبة السكان المسلمين في اوروبا يقدرون عدد الذين يعتنقون الاسلام من النساء والرجال في اوروبا ببضعة الاف كل عام.
نسبة قليلة من الذين يعتنقون الاسلام ينجذبون الى الاتجاهات الراديكالية. ونسبة اقل هي تلك التي تتورط في اعمال العنف. وهناك اشخاص يعدون على الاصابع ادينوا بجنح ذات طابع ارهابي مثل ريتشارد ريد الذي قبض عليه وهو يضع مواد متفجرة في كعب حذائه, والامريكي جون ووكر لنده الذي قبض عليه في افغانستان.
ويقول الخبراء, ان البحوث غير المكتملة التي تجرى هنا وهناك تشير الى ان النساء اكثر عددا من الرجال بين المتحولين الجدد الى الاسلام. وتؤكد تلك البحوث انه بخلاف الاعتقاد الشائع, فان اقلية فقط من بين هؤلاء النساء يعتنقن الاسلام بسبب زواجهن من رجال مسلمين.
تقول الدكتورة هيفاء جداد, المدرسة في جامعة برمنغهام البريطانية, »ان اعتناق الاسلام بسبب الزواج من مسلمين كان السبب الاكثر شيوعا بين النساء, لكن الامر قد تغير الان, حيث تقبل النساء الاوروبيات على اعتناق الاسلام بسبب قناعتهن الشخصية«. وتوضح الدكتورة جداد ان غير المسلم من الرجال يحتاج الى الدخول في الاسلام قبل ان يتمكن من الزواج من مسلمة. لكن هذه القاعدة لا تنطبق على النساء غير المسلمات اللاتي يستطعن الاحتفاظ بديانتهن عند الاقتران برجال مسلمين.
تنفي ماري فالوت ان يكون للحب اي دور في دفعها الى اعتناق الاسلام, وتقول ان اول سؤال يواجهها به معارفها عندما تخبرهم باعتناقها للاسلام هو »هل لديك صديق مسلم؟« وتعلق قائلة انهم غير قادرين على ان يصدقوا انها اقدمت على ذلك انطلاقا من ارادتها الشخصية الحرة.
تقول الانسة فالوت انها تحب الطريقة التي »يضعها الاسلام للتقرب من الله. فالاسلام اسهل واكثر استقامة, وبساطته تأتي من وضوح تعاليمه«. وتمضي فالوت الى القول »كنت ابحث لنفسي عن اطار, فالانسان يحتاج الى قواعد وسلوكيات يتبعها«.
تعكس هذه الكلمات الطريقة التي تفكر بها الكثيرات من المتحولات الى الاسلام. وترى الدكتورة جداد ان »هذه الظاهرة تمثل ردة فعل الكثيرات من النساء على الكثير من الالتباس الاخلاقي في المجتمعات الغربية. فهن يرتحن الى الاحساس بالانتماء والرعاية والمشاركة الذي يمنحه الاسلام«.
من جانب آخر, تقول كارين فان نيوكيرك, المتخصصة بدراسة حالة النساء الهولنديات اللاتي يعتنقن الاسلام, ان هؤلاء النسوة ينجذبن الى الفكرة الخاصة عن النساء والرجال التي يقدمها الاسلام. حيث يوجد هناك في الاسلام متسع اكبر للاسرة والامومة, والنساء في الاسلام لا يعتبرن مجرد اوعية للجنس«.
في الوقت نفسه, تقول سارة جوزيف الانجليزية التي اعتنقت الاسلام واصدرت مجلة »امل« وهي مجلة نسوية اسلامية باللغة الانجليزية, ان الفكرة القائلة بان »جميع النساء الاوروبيات اللائي يعتنقن الاسلام ينزعن الى نمط انعزالي في الحياة بعيدا عن افراطات النسوية الغربية هي فكرة ليست صحيحة«.
ويرى ستيفانو الييفي, الاستاذ في جامعة بادوفا الايطالية, ان بعض النساء اللائي يعتنقن الاسلام يخلعن على قرارهن هذا بعدا سياسيا. فالاسلام, حسب ما يرى الييفي, »يمنح السياسة روحانية ويضيف اليها فكرة النظام المقدس«. لكن الييفي يستدرك قائلا ان هذه الطريقة في النظر الى العالم هي طريقة ذكورية وقلما تستجيب لها النساء.
بعد اتخاذ القرار باعتناق الاسلام, تفضل بعض المتحولات التحرك ببطء وتبني التقاليد الاسلامية بالتدريج: فالانسة فالوت, على سبيل المثال, لا تشعر بانها قد اصبحت مهيأة لارتداء الحجاب رغم انها اخذت بلبس ملابس اطول واكثر اتساعا من تلك التي كانت ترتديها من قبل.
هناك اخريات يندفعن بحماسة الانتشاء بالدخول في ديانة جديدة, ويظهرن من التقوى ما يفوق تلك التي تظهرها النساء اللاتي ولدن مسلمات واعتدن ارتياد المساجد. ومن هذه الشريحة من المتحولات تأتي النساء الاسهل انصياعا للتطرف.
ترى بتول الطعمة التي تدير برنامج »المسلمون الجدد« من المؤسسة الاسلامية في بريطانيا ان المراحل الاولى من دخول المرء في الاسلام »قد تكون حساسة. لانك لا تملك الثقة الراسخة بما تتعلمه كمعتنق جديد للاسلام. وبالامكان ان يقع المرء ضحية لانواع مختلفة من الاشخاص الذين يعملون بشكل منفرد او في جماعات« وتقول الطعمة »ان بعض معتنقي الاسلام الجدد يشعرون برغبة شديدة في الاندماج بوسطهم الجديد الى الحد الذي يجعلهم على استعداد لفعل اي شيء من اجل ان يتقبلهم الاخرون«.
وتستخلص الطعمة درسا حزينا من حالة موريل ديغوك التي اوردت الانباء انها كانت قد عانت من الفشل والادمان في حياتها قبل اعتناقها الاسلام واندفاعها الى الاقتناع بان تنفيذ »عمل خارق« مثل التفجير الانتحاري قد يمنحها فرصة الخلاص والتوبة. وتقول الطعمة ان الجانب المؤثر في حكاية ديغوك هو في كونها امرأة سعت الى الحصول على الاسلام الداخلي فوقعت ضحية لاشخاص سعوا الى استغلالها«.
32