السنه والعام والفرق بينهما
الحمد لله
والصلاة والسلام على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
وبعد
..
قال الله تعالى
: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ
فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ
ظَالِمُونَ
)
العنكبوت _14
كلمة
(سنة
) و كلمة
(عام
) مترادفتان ، و تأتي كل منهما على
معنى الأخرى ، كما في قوله عز و جل
:(بل لبثت مئة
عام
) البقرة _259 و في قوله تعالى
:
(وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا
تِسْعاً
(
الكهف _25
لكن قد يكون لكل منها معنى
خاص ، كما عند الإقتران ، فان الله أخبر عن نوح صلى الله عليه و سلم أنه لبث في
قومه
: ألف سنة
) فلما استثنى
منها بعضها أعرض عن لفظ
(سنة
) الى لفظ
(عام
) فقال
: (الا خمسين عاما
)
،
قال الزركشي في_ البرهان
_ (386/3): (( فذكر في مدة
اللبث
(السنة
)
، و في الإنفصال
(العام
)
، للإشارة الى أنه كان في شدائد في مدته كلها ،الا خمسين عاما قد
جاءه الفرج و الغوث ، فان
(السنة
) تستعمل غالبا في موضع
الجدب ، و لهذا سموا شدة القحط
(سنة
) .
و قال السيوطي رحمه الله في الإتقان (1
/ 573)- :
( ومن ذلك
السنة والعام
. قال الراغب الغالب استعمال
السنة
في الحول
الذي فيه الشدة والجدب ولهذا يعبر عن الجدب بالسنة
والعام
ما فيه الرخاء والخصب وبهذا تظهر النكتة
في قوله ألف
سنة
إلا خمسين
عاما
حيث عبر عن المستثنى
بالعام
وعن المستثنى منه
بالسنة
)
قلت : لأن الخمسين كملها صلى الله عليه و
سلم بجوار الرفيق الأعلى بعد أن توفاه ربه اليه ، و من استعمال
(السنة
) في الجدب و الشدة و
(العام
) في الصب و الرخاء قوله عز و جل
في قصة يوسف
: (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا
فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِى سُنْبُلِهِ إلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ
* ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ
لَهُنَّ إلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ
عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) _يوسف
47_49
فسمى سني الكد و العمل الدؤوب في الآية
الأولى و كذا سني المجاعة و الشدة في الآية الثانية ب
(السنين
)
، و أما في الآية الأخيرة فقد قال
: (عام
) بدلا
(سنة
)
، لأنه موصوف بالغوث و الرخاء و
عصارة الزيت و اللبن و غير ذلك من الخيرات التي ذكرها أهل العلم لقوله
: ( فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ
يَعْصِرُونَ)_49
المصدر
: من كل سورة فائدة لعبد المالك بن أحمد
رمضاني
منقول للفائده
32