الفناء عن النوازع الشهوانية
{1} يقول ابن القيم في مدارج السالكين: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ يذكر ذلك ويفسره بأن الولادة نوعان : أحدهم : هذه المعروفة ، والثانية : ولادة القلب والروح وخروجهما من مشيمة النفس ، وظلمة الطبع منقول من كتاب {حوارات الإنسان المعاصر}
كيف يمكن للإنسان أن يولد مرة أخرى؟
الإجابة : هذا السؤال ربما يستند إلى ما نسب إلى السيد المسيح عليه السلام في قوله: {لن يلج الملكوت من لم يولد مرتين}[1]
وهذا الأثر يطابقه في المعنى دون اللفظ قوله تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} الأنعام122
هذا يعني أن من أراد الإطلاع على أنوار عالم الملكوت وهو في عالم الدنيا عليه أن يفني النوازع الشهوانية في نفسه كشهوة الجنس وشهوة الطعام وشهوة الشراب وشهوة النوم وشهوة الجاه وشهوة حب المال وغيرها من الشهوات التى تجعل الإنسان متعلقاً بالأكوان عاشقاً للفانيات لا يستطيع أن يتخلص منها
فإذا سما بهذه الشهوات واستعاض عنها بالحب لله والحب لرسول الله والمداومة على الطاعات وعمل الخير والبر على الدوام إنفتق رتق قلبه وإستضاءت عين بصيرته وتمتع برؤية أنوار عالم الملكوت
ويكون كمن ولد من جديد لأن الطفل قبل نزول الحواس يشهد عقب ولادته أنوار الملكوت ولا يحرم من هذا المشهد إلا عند نزول الحواس وتمكنه فيها حاسة السمع والبصر والشم واللمس والذوق وغيرها ، فإذا إستعاد هذا المشهد يكون كما قيل "قد ولد مرتين"
لماذا خُلِقْنا؟
الإجابة :
خلقنا لحكم كثيرة لا تعد منها :
1. ليظهر فينا تجليات أسماء الله تعالى حيث تجلى على أسماعنا بالسميع فسمعنا ، وتجلى على عيوننا بالبصير فأبصرنا ، وتجلى على ألسنتنا بالمتكلم فنطقنا وتكلمنا ، وتجلى على عقولنا بالعليم فعلمنا ، وتجلى على أجسامنا بالحي فاحتيينا وتحركنا ، وغيرها من الأسماء التى يضيق النطاق عن ذكرها
2. ليظهر فينا سر تكريم الله عز وجل لبني آدم على سائر المخلوقات وهذا ما قال فيه سبحانه: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}الإسراء70
3. لنقر لله عز وجل بالوحدانية ونذكره على ألاءه ونشكره على نعمائه ونعبده حق عبادته قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} الذاريات56
4. أن نعمّر الأرض ونستخرج خيراتها ونستفيد من مواردها على وفق الأصول التى وضعها لنا الله في شريعته ونطبق فيها العدل والمساواة قال تعالى: {أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} هود61
5. التعارف والتآلف بين البشر جميعاً تحقيقاً لقول الله {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} الحجرات13
http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=%CD%E6%C7%D1%C7%CA%20%C7%E1%C5%E4%D3%C7%E4%20%C7%E1%E3%DA%C7%D5%D1&id=559&cat=2
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً
0