فدائي

0

4,113

الصفحة\9 من يومياتي في حرب 1973

الرابع عشر من تشرين اول 1973--في الصباح وصلت ناقلة دبابات نوع (يونيماك) لاستبدالها مع الناقلة التي تحمل دبابتي.وقمنا بأنزال الدبابة من الناقلة المعطوبة ورفعها الى الناقلة الجديدة وفرحنا لهذا الامر فقد تأخرنا عن جماعتنا .. استمرينا بالتقدم وتوجهنا نحو الحدود العراقية السورية التي وصلناها حوالي الساعة الخامسة مساءاً قطعنا مسافة طويلة قبل ان يحدث عطل اخر في اطارات الناقلة وهو العطل (13) من حيث تسلسل العطلات .اخذنا جانب الطريق وانزلنا الدبابة لتصليح اطار الناقلة .حملت بندقيتي (الكلاشنكوف) في وضع الاستعداد وبدأت اراقب المنطقة التي لفها الظلام الدامس والشارع العام فارغ كليا سمعت صوت عجلة قادمة الينا فصحت بصوت عالي (قف) وانا متهيء للرمي فتوقفت كليا ونزل منها شخص ليقول (يعطيك العافية اخوي ) نحن من اخوانك الفدائيين ونحن دورية نحمي الطريق العام من تسلل (الكومندوس الاسرائيلي) الذي بدأ بعمليات خطف خلف القطعات وخاصةً العراقية المتقدمة نحو الجبهة .. فشكرته واخبرته ان العطل بسيط وسنواصل التقدم بعد اكماله وطلب مني ان ينتشروا مع جماعته لحمايتنا فشكرته جزيلا على هذه الخدمة وفعلا لم يغادروا المنطقة الا بعد تحركنا على الشارع العام وودعناهم ودعوا لنا بسلامة الوصول.... فتحت الراديو لأسمع صوت محمد عبد الوهاب وهو ينشد (نحن شعب عربي واحدٌ----ضمه في حومة البعث طريق --- الهدى والحق من اعلامه ---واباء الروح والعهد الوثيق --أذن الفجر على ايامنا ---وسرى فوق روابيها الشروق ---كلُ قيد حوله من دمنا --جذوة تدعو قلوب الشهداء ) و(طول ما أملي معايا معايا --وفي ايديا سلاح--حفضل أجاهد وأمشي وأمشي من كفاح لكفاح --طول ما ايديا في ايدك أقوم وأهتف وأقول حي حي على الفلاح --داري يا داري أنا احميكي بايماني --طول ما ذراعي معايا -- أبني وأعلي بنياني --حفضل عايش فيها --بجهدي وأملي أبنيها --أنا روحي فداها--وفدا أهلي وأوطاني-- زاحف ياشعبي --تمحي الماضي رياحك --عهدك جوه في قلبي --والبطولة جراحك --- أيامنا اللي جايه --وأرادتنا القوية --تنصرنا يا وطني-- ويملأ الدنيا صباحك ) دخلت الى غرفة سائق الدبابة وأغلقت ونمت على الكرسي الممدد لانام قليلا بعد شعوري بالتعب والارهاق فلا اسمع شيئا سوى اهتزاز الدبابة نتيجة مسير الناقلة فكأنها اصبحت ( كاروك اطفال) يهتز لينام الطفل ..استيقظت من النوم فجأة نتيجة توقف (الاهتزاز) الحركة للناقلة وقلت في نفسي هل سيصبح العطل القادم رقم 14 منذ حركتنا الاولى ..فتحت الباب وقلت توكلنا على الله فلفحني تيار من الهواء البارد وعطر غريب يختلف عن عطر بلادي والظلام سيد المكان واذا بالسائق يدردش مع انضباط عسكري سوري عند سيطرة مدخل العاصمة (دمشق) ليسأله عن طريق الجبهة وكان الوقت فجرا فتقدمت الناقلة مرة اخرى فجلست على برج الدبابة وانا ارتجف من البرد لأرى معالم المدينة واشم عطرها الفواح الشوارع فارغة والبنايات العالية وقد لفها الظلام نتيجة الالتزام بتعليمات الدفاع المدني حماية من الغارات المعادية تنتشر مجموعات صغيرة من الجيش الشعبي في اركان الطرق والازقة وقد لوحوا بأيديهم الينا تحية الوصول تقدمنا نحو طريق دمشق -- درعا وعند الضياء الاول ليوم 15\10\1973 توقفت الناقلة وطلب منا سائق الناقلة ان ننزل الدبابة بناءاً على أوامر من مرجعه الاعلى وقال ستكملون الطريق على السرفة ,,أنزلت الدبابة مع زملائي وقدتها على الشارع العام نحو الجبهة بعدما نصحنا افراد من الجيش الشعبي السوري ان نسرع قبل حدوث غارات جوية قد تستهدف دبابتنا !! تقدمنا بسرعة نحو قرية (الصنمين ) موقع الجبهة الشمالية والتي تبعد عن دمشق 45 كم وبدأ الشارع يعج بالعجلات العسكرية والمدنية ذهابا وايابا تم تأمين اتصال لاسلكي مع آمر الرعيل الثالث (ملازم هليل شمخي ) الذي اخبرنا ان نتبع الدليل الذي سيقف عند مدخل قرية الصنميين ..واصلت التقدم وهيأ صاحبي الرشاشة (دوشكا ) المثبتة اعلى برج الدبابة لمواجهة اي غارة معادية مررت بجبل قاسين على يسار الطريق وتذكرت انشودة الفنانة دلال شمالي ( من قاسيون اطل ياوطني __وأرى بغداد تعانق الشهبا )ومررت بسلسلة جبال الشيخ على يمين الطريق وصلنا الى القرية وصعد الدليل معنا ليرشدنا الى الموضع الذي اعد لدبابتي فوضعتها في الموضع وانا اسمع اصوات المدفعية تدك مواضع العدو الاسرائيلي على تل (عنتر) وللحديث بقية اخوتي الاعزاء....

التعليقات (0)