سيد قطب والشهادة ؟؟
أتى
سيد قطب ـ رحمه الله، وتقبله في الشهداء ـ أحد الضبّاط أثناء المحاكمة وسأله: يا شيخ سيد، ما معنى كلمة "شهيد"؟
فقال: شهيد يعني أنّه شَهِدَ أنَّ شريعةَ الله أغلى عليه من حياته.
وبعد جلسة المحاكمة، عاتبَه أحدُ إخوانِه قائلاً: لماذا كنتَ صريحاً كل الصراحة في المحكمة التي تملك رقبتَك؟
قال سيّد: لأن التَّوْرِيَةَ لا تجوز في العقيدة، وليس للقائدِ أنْ يأخذَ بالرُّخصِ.
ثم صَدَّقَ جمالُ عبد الناصر على حُكمِ الإعدام، فلمّا سمِع سيد الحكمَ قال: الحمد لله، لقد عملتُ خمسةَ عشرَ عاماً لنيْلِ الشهادة.
ثم حاولت المخابراتُ الحربيةُ النَّيْلَ منه بشتى السُّبُل، ولكنه كان أمامهم كالطودِ الأشم.
طلبوا منه الاعتذارَ مقابل إطلاق سراحه، فقال: مثلي يعتذرُ عن العمل مع الله؟
ثم طلبوا منه كتابةَ كلماتٍ يسترْحمُ عبد الناصر بها، فقال لهم (وهنا بيت القصيد): إنّ إصْبعَ السّبّابةِ الذي يشهدُ لله بالوحدانيةِ في اليومِ خمسَ مراتٍ ليرفضُ أن يكتبَ حرفاً يُقرُّ فيه حُكمَ طاغيةٍ.
لماذا أسترحم؟ إن سُجنت بحقٍ، فأنا أقبل حُكمَ الحق، وإن سُجنت بباطل، فأنا أكبرُ مِن أنْ أسترحمَ الباطلَ.
ثم أتاه أحدُ الضباط قبل أن يُشنق بقليل؛ ليكتب لعبد الناصر والصحافة ووكالات الأنباء بِضعَ كلماتٍ؛ فيُفرج عنه،
وكانت تلك الكلمات: "كنتُ مُخطئاً وإني أعتذر".
فابتسم وقال له بهدوء عجيب: أبداً، لن أشتري الحياةَ الزائلة بكذبة لن تزول.
فقال له الضابط: ولكنه الموتُ يا سيّد.
فقال: يا مرحباً بالموت في سبيل الله، افعلوا ما بدا لكم.
وبعد أن أدّى صلاةَ الفجرِ، سيق إلى حبلِ المشنقةِ لتنفيذِ الحكم،
وجاءه شيخُ من الأزهر يُلقِّنه الشهادتين، فقال: قل معي يا سيد..
فقاطعه سيد قائلاً: يا مسكين، أنا أُساقُ إلى الموتِ مِن أجل "لا إله إلا الله"،
وأنت تذهب لتأكل فتات الموائد بـ"لا إله إلا الله"، ثم ابتسمَ مُردِّداً الشهادتيْن.
رحمك الله يا صاحب الظلال؛ يا من قلتَ:
أخي ستبيدُ جيوشُ الظلام *** ويُشرقُ في الكونِ فجرٌ جديد
فأطلِقْ لروحِكَ إشراقها *** ترى الفجرَ يرْمقُنا مِن بعيد
اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك.
رحم الله الشهيد سيد قطب وشكرا جزيلا على هذه المعلومات وجزاكم الله خيرا