مفاتح الفرج
إن الإنسان لا يخلو في هذه الحياة من المتاعب والأحزان وتقلُّب الأطوار وتعاقب الأدوار فكما نرى في الطبيعة اختلاف الليل والنهار وتعاقب الفصول خلال العام من ربيع وصيف وخريف وشتاء كذلك نرى النفوس يتعاقب عليها القبض والبسط والعسر واليسر فيتقلَّب المرء بين السرور والأحزان وقد يدور عليها الخير والشر والبأساء والنعماء فيظهر عليه الابتهاج أو الاكتئاب فالسرور والحزن يظهران على وجه الإنسان ليعبرا عما في نفسه من جلال أو جمال وقبض أو بسط وأسباب القبض كثيرة منها : كثرة الحجب المتراكمة على النفس لذنب وقع وهذا يزول بالتوبة والاستغفار وقد يكون القبض بسبب أمل ضاع أوأمنيَّة لم يستطع المرء تحقيقها وعلاج ذلك بالتسليم لأمر الله والرضا عما قضاه وتفويض الأمر كله لله وربما يكون سبب القبض ظلمٌ وقع على المرء نفسه أو ماله أوأهله وعلاجه بالصبر وسعة الصدر وصدق الالتجاء إلى حضرة الله وتفويضه سبحانه في ردِّ الظلم ودفع المكروه وهناك قبضٌ لا يعرف له سبب وهذا يزول بالكفِّ عن الأقوال والأفعال مع ملازمة الصمت والسكون انتظاراً لفرج الله فإن بعد القبض بسطا وإنَّ مع العسر يسرا .
ومع العسر إن تدبرت يسرٌ \ ومع الرضا كلُ شئٍ يهـون
فنهاية الشدة هي بداية الفرج وربما أفادك ليل القبض ما لم تستنفذه في إشراق نهار البسط فقد ينكشف ليل القبض بظهور نجم يهديك أو قمر يضئ لك الطريق أو شمس تبصر بها سبيل الخلاص .
اشــتدِّي أزمـة تنفرجي \ قد أذن ليــلك بالبلج
وظــــــلام الليل له سرج \ حتى يغشاه أبو السرج
وسحــاب الخير له مطر \ فإذا جـــاء الأبان تجى
وأما أسباب البسط فكثيرة جداً منها التوفيق في طاعة الله أو زيادة من الدنيا أو إقبال الناس عليك أو إطراؤهم لك ومدحهم إياك وهذا كله يقتضي منك أن تشكر الله على نعمه وتوفيقه وألا يؤدي إقبال الدنيا عليك إلى الغرور والبطر والتعالي والزهو ولا يغرُّك ثناء الناس ومدحهم لك بالصلاح وأنت خالٍ منه أو يفتنك ذكرهم لك بما لا تستحق أو يخدعك حسن ظنِّهم بك عن يقينك بما في نفسك واحذر أن يظهر الله للناس ذرَّة مما بطن فيك من العيوب فيمقتك أقرب الناس إليك ولا تصغ إلى من يمدحونك من المنافقين لحاجة في نفوسهم فإذا قضيت حاجاتهم انتهى مديحهم لك وإذا لم تقض سخروا منك واغتابوك فقابل المدح كمادح نفسه وذمُّ الرجل نفسه هو مدح لها وهناك بسطٌ بسبب الإشراقات القلبية والمكاشفات الروحانية والمؤانسات القدسية فعلى من يختصُّه الله به أن يسير فيه في حدود الأدب مع الله فقد قال أحد العارفين { فتح لي باب البسط فانبسطتُ فحُجِبْتُ}والله يقول{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ}وربما يتبادر إلى الذهن سؤال وهو لماذا يبتلى الله أحبابه فقد ابتلى آدم بإبليس وإبراهيم بالنمروذ وموسى بفرعون ونبينا محمد بأبي جهل وقد قال {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ}والسرُّ في ذلك أن البلاء يخلِّص القلب كليَّة لله لأن المرء عند الشدائد والأزمات يتوجه بالكليَّة إلى الله تعالى مستغفراً ومتضرعاً بالدعاء ليمنحه الرضا بقضائه ويلهمه الشكر على نعمائه ومن هنا نرى أن الله تعالى يبتلي بعض أوليائه في بدايتهم ثم يكون النصر لهم في نهايتهم ليرفع الابتلاء أقدارهم ويكمل بالنعماء أنوارهم فالإنسان لا يتطهَّر إلا بتقلبه بين الخير والشر والعسر واليسر وانظر معي إلى سليمان الذي أعطى فشكر وإلى أيوب الذي ابتلى فصبر وإلى يوسف الذي قدر فغفر فإن الله إذا أحب عبداً ابتلاه فإذا صبر قربه واجتباه وإذا رضى اصطفاه وأعطاه فوق ما يتمناه هذا إلى أن البلاء يحقِّق العبد بأوصاف العبودية من الذل والإنكسار والشعور بالحاجة والاضطرار وهذا ما يؤهله للقرب من حضرة العزيز الغفار ، وهذا ما يوضحه أحد الصالحين عند توضيحه لقول الله تبارك اسمه وتعالى.شأنه {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } وقوله النبى (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وتمامه (.. فَأَكْثِرُوا الدُّعَاء) ، رواه مسلم وأحمد وسنن أبي داوود .
حيث يقول{{ فإنَّ في هذه الآية والحديث تصريحاً بعدم تحيُّز الحق تبارك وتعالى في جهة دون أخرى أي فكما تطلبونه في العلوِّ ، فاطلبوه كذلك في السفل وخالفوا وهمكم وإنما جعل الشارع(صلى الله عليه وسلم) حال العبد في السجود أقرب من ربه دون القيام مثلا لأن من خصائص الحضرة أن لا يدخلها أحد إلا بوصف الذل والانكسار فإذا عفَّر العبد محاسنه في التراب كان أقرب في مشهده من ربه من حالة القيام فالقرب والبعد راجع إلى شهود العبد ربه لا إلى الحق تبارك وتعالى في نفسه فإن أقربيته واحدة ، قال تبارك وتعالى في حق المحتضر{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ } و {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ }[ أي الإنسان ]( مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } انتهى.
فالدعاء نور الروح وهداها وإشراق النفس وسناها وهو علاج القلق الذي ينتاب الإنسان في أوقات الأزمات ودواء الاضطراب والقنوط وهو الإكسير الذي يتجرَّعه المؤمن فيزول اضطرابه ويسكن قلقه وتنزل السكينة والطمأنينة على قلبه ويفرح فيه بلطف ربه هذا إلى جانب أنه يُزيل ما ران على القلب ويذيب الغشاوات التي تعلو صفحة الفؤاد ويجتث من الوجدان شرايين الغلظة والجفوة والقسوة ففيه طهارة القلوب وتزكية النفوس وتثقيف العقول وتيسير الأرزاق والشفاء من كل داء ودوام المسرات والسلامة من العاهات وهو سلاح المؤمن الذي ينفع مما نزل ومما لم ينزل فكن على يقين من أن إجابة الدعاء معلقة بمشيئة الله تعالى والحق يقول{فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء}وقد ورد أن البلاء ينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان حتى يغلب الدعاء البلاء وقد صدق رسول الله حيث يقول ( لاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ، وَلاَ يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلاَّ الْبِرُّ )عن سلمان رضيَ اللَّهُ عنهُ ، جامع الأحاديث والمراسيل ومشكاة المصابيح والفتح الكبير
وقد وضح هذه الحقيقة الإمام الغزالي رضي الله عنه حيث يقول{ فإن قلت فما فائدة الدُّعاء والقضاء لا مردَّ له ؟ قلت : إن من القضاء ردَّ البلاء بالدُّعاء والدُّعاء سببٌ لردِّ البلاء واستجلاب الرحمة كما أن الترس سبب لردِّ الســـهم فيتدافعان كذلك الدعاء والبلاء يتعالجان }فإذا ابتليت بمحنة يا أخي المؤمن فقل(ذلك تقدير العزيز العليم)وإذا رأيت بليَّـة فقــل ( سنَّة الله في خلقه ) وإذا نزل بك مكروه ( فاذكر أن الله ابتلى بالمكاره الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين)فمن كانت له فطنة وبصيرة علم أن أيام الابتلاء قصيرة وقد جمعنا في هذا الموضوع دعوات مستجابات واستغاثات مجربات وصلوات فاتحات وأحزاب كاشفات للهموم والكروب والملمات وهي من كتاب الله تعالى ومن أقواله رسوله الكريم ومن هدي السلف الصالح فاجعلها سميرك ورفيقك وستجدها الصديق الذي يرضيـك دائماً وتستريح إليه كلما نزل بك همٌّ أو غمٌّ وعند المتاعب والأزمات فقد جربناها فوجدناها سريعة الإجابة في تفريج الكروب وقضاء الحاجات بإذن الله تعالى وإياك والقلق والاضطراب والاستسلام للنحيب والبكاء واليأس من تحقيق الرجاء وكن كالشجرة العظيمة العالية لا تؤثر فيها الرياح العاتية فإذا صادفتك مشكلة فافحص أوجه حلِّها حتى لا تقع في مثلها وخذ في الأسباب وانتظر الفرج ولا تفقد الأمل ولا تضيِّع وقتك في القلق والاضطراب وفي لعن الحياة ودع التدبير لمدبِّر الأكوان مع الأخذ في الأسباب واعلم أن الله وحده يصرِّف الأمور ويفرِّج الكروب فاعرض مشاكلك كلها عليه وإن لم يكن ما تريد فليكن منك الرضا بما يريد والله غالبٌ على أمره فقد أوحى الله إلى شعيب عليه السلام : يا شُعيب هبْ لِي مِنْ وَقْتِكَ الْخُضُوعَ وَمِنْ قَلْبِكَ الْخُشُوعَ وَمِنْ عَيْنَيْكَ الدُّمُوعَ ثُمَّ ادْعُنِي، فَإِنِّي قَرِيبٌ.فاتَّجه يا أخي إلى الله وعوِّد لسانك مناجــاة الله وتوقع الخير دائمـــــاً من الله وكرِّر دائــــــماً قول الحق سبحانه {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } أسأل الله أن ينفع بهذه الأدعية والاستغاثات كل من قرأهــا أو دعا بهــا أو أوصــلها لمن يحتاجهـــا أو دلَّ عليها الطـــالب لها
يتبع إن شاء الله
أبواب الفرج هي الأبواب التي يفتحها الله لعباده فيقفوا بها ويتحققوا بعمل أهلها فيكرمهم الله ويتنزل لهم فيفرِّج كروبهم ويجيب دعاءهم وييسِّر عسرهم ويكشف ضرَّهم وهي أبواب من الطاعات والعبادات وفتوح من الأذكار والأدعية والاستغاثات يفعلها المرء بحضور قلب وخشوع بدن وتبتل لسان فيكون وصفه كما يقول أحد الحكماء :
تبتَّـــــلن يا لســـــــاني واخشع لربك قلبي
وأسألـــه خير العطايا قبول سؤلي وتـــــوبي
فإذا سأل المرء مولاه : وحليته الخشوع والخضوع والخشية والخوف والذل والانكسار أغاثه مولاه واستجاب لدعاه كما قال سبحانه في وصف أهل بدر{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ}
وهذه الأبــــواب : قد ذكرها الله في كتابه وبيَّنها النبي بفعله أو بقوله وسار عليها السلف الصالح فتحقَّقوا بعظيم أثرها وتيقَّنوا من عجيب فعلها فأوقفوا عليها همومهم وأنزلوا بها كروبهم ولفتوا إليها أنظار أحبابهم .
وها هي أبواب الإغاثة وأسرار الاستغاثة :
1- صلاة الحاجة وأدعية الفرج .
2- التوسُّل إلى الله باسمه العظيم الأعظم .
3- التوجُّه إلى الله بأسمائه الحسنى .
4- الأدعيـــة القرآنيَّــة .
5- الأدعيـــة النبويَّــة .
صَلاةُ الْحَاجَةِ وَ أَدْعِيَةُ الْفَرَج
وقد وردت صلاة الحاجة بروايات كثيرة عن رسول الله ولها صيغ كثيرة بأبرزها فمنها:
1- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى الأَسْلَمِيِّ ( سنن الترمذي وابن ماجة) قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ(مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى اللَّهِ أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ لْيَقُلْ : لاَ إِلٰهَ إِلاَّ اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرَ وَالسَّلاَمَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ أَسْأَلُكَ أَلاَّ تَدَعَ لِي ذَنْباً إِلاَّ غَفَرْتَهُ وَلاَ هَمًّا إِلاَّ فَرَّجْتَهُ وَلاَ حَاجَةً هِيَ لَكَ رِضاً إِلاَّ قَضَيْتَهَا لِي ثُمَّ يَسْأَلُ اللَّهَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ مَا شَاءَ ؛ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ)
2- عن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فيما أخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن النبي أنه قال(مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى اللهِ فَلْيُسْبِغ الْوُضُوءَ وَلْيُصَلِّ رَكْعَتَينِ يَقْرَأُ بِالأولَى الفَاتِحَةَ وَآيَةَ الْكُرْسِيّ وَفِي الثَّانِيَةَ بِالْفَاتِحَةِ وَآَمَنَ الرَّسُولُ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ( اللَّهُمَّ يَا مُؤْنِسَ كُلِّ وَحِيدٍ وَيَا صَاحِبَ كُلِّ فَرِيدٍ وَيَا قَرِيباً غَيْرَ بَعِيدٍ وَيَا غَالِباً غَيْرَ مَغْلُوبٍ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَاذَا الْجَلاَلِ وَالإكْرَامِ يِا بَدَيِعَ السَّمَواتِ وَالأرْضِ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْرَّحْمَنِ الْرَّحِيمِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ الَّذِي عَنَتْ لَهُ الْوجُوهُ وَخَشَعْتُ لَهُ الأَصْوَاتُ وَوَجِلَتْ الْقُلُوبُ مِنْ خَشْيَتِهِ أَنْ تُصَلَّي عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا ) فِإِنَهَا تُقْضَي حَاجَتُهُ
3- عن أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لأم أيمن(إِذَا كَانَتْ لَكِ حَاجَةٌ وَأَرَدْتِ نَجَاحَهَا فَصَلِّ رَكْعَتَينِ تَقْرَئِينَ فِي كُلِّ رَكْعَةِ الْفَاتِحَةَ وَتَقُولِينَ( سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَلا إِلَهَ إِلا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ كَلَ وَاحِدَةٍ عَشْرَاً ) فَكُلَّمَا قُلْتِي شَيْئَاً مِنْ ذَلِكَ قَالَ الله قَدْ قَبِلْتُهُ فَإِذَا فَرَغْتِ مِنْهَا وَتَشَهَّدِتِ فَاسْجُدِي قَبَلَ السَّلامِ وَقُولِي وَأَنْتِ سَاجِدَةٌ( يَا ألله أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ غَيْرُكَ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ صَلِّ عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ الْطَّيِبِينَ الأَخْيَارِ وَأقْضِ حَاجَتِي هَذِهِ يَا رَحْمَــن وَاجْعَلْ الْخَيَرَ فِي ذَلِكَ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَئٍ قَدِيرٌ) يَا أُمَّ أَيْمَن : إِنَّ الْعّبْـدَ إِذَا ذَكَرَ اللهَ فِي الْسَّرَاءِ وَنَزَلَ بِهِ ضُرٌّ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ : صَوْتٌ مَعْرُوُفٌ اشْفَعُوا لَهُ إِلِىَ رَبِّهِ وَأمَّنُوا عَلَىَ دُعَــائِهِ فَيَكْشِفُ اللهُ عَنْهُ وَيَقْضِي حَاجَتَهُ). ( رواه عبد الرزاق ) .
4- عن وهيب بن الورد(رواه النميري وابن بشكوال)قال(بلغنا أنه من الدعاء الذي لا يردأن يصلي العبد اثنتا عشر ركعة يقرأ في كل ركعة بأم القرآن وآية الكرسي وقل هو الله أحد فإذا فرغ خرَّ ساجداً ثم قال( سُبْحَانَ ذِي الْمَنِّ وَالْفَضْلِ سُبْحَانَ ذِيِ الْعِزِّ وَالْكَرَمِ سُبْحَانَ ذِي الْطَوْلِ أَسْأَلُكَ بِمَعَاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ وَمُنْتَهَىٰ الرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِكَ وَٱسْمِكَ الأَعْظَمِ وَجَدِّكَ الأَعْلَى وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّات كُلِهَا الَّتِي لا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلا فَاِجٌر أَنْ تُصَلِّي عَلَىَ مُحَمَّدٍ ثُمَّ يَسْأَلُ اللهَ مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ)وكان وهيب يقول : بلغنـا أنه يقول: لا تُعَلَّمُوهَا سُفَهَاءَكَمْ؛ فَيَتَقَـوْون عَلَىَ مَعَاصِـي اللهِ - وفى رواية أخرى: فَيَدْعُونَ فَيُستَجَابُ لَهُمْ
5- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهم أجمعين ( فيما رواه الأصبهانى فى الترغيب و الترهيب ) قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله(جَاءَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِدَعَوَاتٍ فَقَالَ: إذَا نَزَلَ بِكَ أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكَ فَقَدِّمْهُنَّ ثُمَّ سَلْ حَاجَتَكَ( يَا بَدِيعَ السَّمٰوَاتِ وَالأَرْضِ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإكْرَامِ يَا صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ يَا كَاشِفَ السُّوءِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ يَا إلۤهَ الْعَالَمِينَ بِكَ أُنْزِلُ حَاجَتِي وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهَا فَٱقْضِهَا)
أبواب الفرج هي الأبواب التي يفتحها الله لعباده فيقفوا بها ويتحققوا بعمل أهلها فيكرمهم الله ويتنزل لهم فيفرِّج كروبهم ويجيب دعاءهم وييسِّر عسرهم ويكشف ضرَّهم وهي أبواب من الطاعات والعبادات وفتوح من الأذكار والأدعية والاستغاثات يفعلها المرء بحضور قلب وخشوع بدن وتبتل لسان فيكون وصفه كما يقول أحد الحكماء :
تبتَّـــــلن يا لســـــــاني واخشع لربك قلبي
وأسألـــه خير العطايا قبول سؤلي وتـــــوبي
فإذا سأل المرء مولاه : وحليته الخشوع والخضوع والخشية والخوف والذل والانكسار أغاثه مولاه واستجاب لدعاه كما قال سبحانه في وصف أهل بدر{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ}
وهذه الأبــــواب : قد ذكرها الله في كتابه وبيَّنها النبي بفعله أو بقوله وسار عليها السلف الصالح فتحقَّقوا بعظيم أثرها وتيقَّنوا من عجيب فعلها فأوقفوا عليها همومهم وأنزلوا بها كروبهم ولفتوا إليها أنظار أحبابهم .
وها هي أبواب الإغاثة وأسرار الاستغاثة :
1- صلاة الحاجة وأدعية الفرج .
2- التوسُّل إلى الله باسمه العظيم الأعظم .
3- التوجُّه إلى الله بأسمائه الحسنى .
4- الأدعيـــة القرآنيَّــة .
5- الأدعيـــة النبويَّــة .
صَلاةُ الْحَاجَةِ وَ أَدْعِيَةُ الْفَرَج
وقد وردت صلاة الحاجة بروايات كثيرة عن رسول الله ولها صيغ كثيرة بأبرزها فمنها:
1- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى الأَسْلَمِيِّ ( سنن الترمذي وابن ماجة) قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ(مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى اللَّهِ أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ لْيَقُلْ : لاَ إِلٰهَ إِلاَّ اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرَ وَالسَّلاَمَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ أَسْأَلُكَ أَلاَّ تَدَعَ لِي ذَنْباً إِلاَّ غَفَرْتَهُ وَلاَ هَمًّا إِلاَّ فَرَّجْتَهُ وَلاَ حَاجَةً هِيَ لَكَ رِضاً إِلاَّ قَضَيْتَهَا لِي ثُمَّ يَسْأَلُ اللَّهَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ مَا شَاءَ ؛ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ)
2- عن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فيما أخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن النبي أنه قال(مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى اللهِ فَلْيُسْبِغ الْوُضُوءَ وَلْيُصَلِّ رَكْعَتَينِ يَقْرَأُ بِالأولَى الفَاتِحَةَ وَآيَةَ الْكُرْسِيّ وَفِي الثَّانِيَةَ بِالْفَاتِحَةِ وَآَمَنَ الرَّسُولُ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ( اللَّهُمَّ يَا مُؤْنِسَ كُلِّ وَحِيدٍ وَيَا صَاحِبَ كُلِّ فَرِيدٍ وَيَا قَرِيباً غَيْرَ بَعِيدٍ وَيَا غَالِباً غَيْرَ مَغْلُوبٍ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَاذَا الْجَلاَلِ وَالإكْرَامِ يِا بَدَيِعَ السَّمَواتِ وَالأرْضِ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْرَّحْمَنِ الْرَّحِيمِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ الَّذِي عَنَتْ لَهُ الْوجُوهُ وَخَشَعْتُ لَهُ الأَصْوَاتُ وَوَجِلَتْ الْقُلُوبُ مِنْ خَشْيَتِهِ أَنْ تُصَلَّي عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا ) فِإِنَهَا تُقْضَي حَاجَتُهُ
3- عن أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لأم أيمن(إِذَا كَانَتْ لَكِ حَاجَةٌ وَأَرَدْتِ نَجَاحَهَا فَصَلِّ رَكْعَتَينِ تَقْرَئِينَ فِي كُلِّ رَكْعَةِ الْفَاتِحَةَ وَتَقُولِينَ( سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَلا إِلَهَ إِلا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ كَلَ وَاحِدَةٍ عَشْرَاً ) فَكُلَّمَا قُلْتِي شَيْئَاً مِنْ ذَلِكَ قَالَ الله قَدْ قَبِلْتُهُ فَإِذَا فَرَغْتِ مِنْهَا وَتَشَهَّدِتِ فَاسْجُدِي قَبَلَ السَّلامِ وَقُولِي وَأَنْتِ سَاجِدَةٌ( يَا ألله أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ غَيْرُكَ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ صَلِّ عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ الْطَّيِبِينَ الأَخْيَارِ وَأقْضِ حَاجَتِي هَذِهِ يَا رَحْمَــن وَاجْعَلْ الْخَيَرَ فِي ذَلِكَ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَئٍ قَدِيرٌ) يَا أُمَّ أَيْمَن : إِنَّ الْعّبْـدَ إِذَا ذَكَرَ اللهَ فِي الْسَّرَاءِ وَنَزَلَ بِهِ ضُرٌّ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ : صَوْتٌ مَعْرُوُفٌ اشْفَعُوا لَهُ إِلِىَ رَبِّهِ وَأمَّنُوا عَلَىَ دُعَــائِهِ فَيَكْشِفُ اللهُ عَنْهُ وَيَقْضِي حَاجَتَهُ). ( رواه عبد الرزاق ) .
4- عن وهيب بن الورد(رواه النميري وابن بشكوال)قال(بلغنا أنه من الدعاء الذي لا يردأن يصلي العبد اثنتا عشر ركعة يقرأ في كل ركعة بأم القرآن وآية الكرسي وقل هو الله أحد فإذا فرغ خرَّ ساجداً ثم قال( سُبْحَانَ ذِي الْمَنِّ وَالْفَضْلِ سُبْحَانَ ذِيِ الْعِزِّ وَالْكَرَمِ سُبْحَانَ ذِي الْطَوْلِ أَسْأَلُكَ بِمَعَاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ وَمُنْتَهَىٰ الرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِكَ وَٱسْمِكَ الأَعْظَمِ وَجَدِّكَ الأَعْلَى وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّات كُلِهَا الَّتِي لا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلا فَاِجٌر أَنْ تُصَلِّي عَلَىَ مُحَمَّدٍ ثُمَّ يَسْأَلُ اللهَ مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ)وكان وهيب يقول : بلغنـا أنه يقول: لا تُعَلَّمُوهَا سُفَهَاءَكَمْ؛ فَيَتَقَـوْون عَلَىَ مَعَاصِـي اللهِ - وفى رواية أخرى: فَيَدْعُونَ فَيُستَجَابُ لَهُمْ
5- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهم أجمعين ( فيما رواه الأصبهانى فى الترغيب و الترهيب ) قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله(جَاءَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِدَعَوَاتٍ فَقَالَ: إذَا نَزَلَ بِكَ أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكَ فَقَدِّمْهُنَّ ثُمَّ سَلْ حَاجَتَكَ( يَا بَدِيعَ السَّمٰوَاتِ وَالأَرْضِ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإكْرَامِ يَا صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ يَا كَاشِفَ السُّوءِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ يَا إلۤهَ الْعَالَمِينَ بِكَ أُنْزِلُ حَاجَتِي وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهَا فَٱقْضِهَا)
تَوَجُّهَاتُ الْسَّلَفِ الْصَّالِحِ فِى الإِسْتِغَـاثَاتِ و الْدُّعَــاء
حرصنا على أن نبيَّن نهج سلفنا الصالح في التوجه إلى الله بالاستغاثة أو الدعاءلأنه ظهر في عصرنا من ينكر قراءة الأوراد والأحزاب الواردة عن الصالحين بل ويُعِدُّ ذلك " بدعة " يجب القضاء عليها ويبرِّر ذلك بقوله : الأوْلى الاشتغال بالقرآن والسنَّة ، وهذا يرجع في نظرنا إلى أمرين :
إما رؤيتهم لبعض المنتسبين للصالحين والذين يدَّعون الحبَّ للصالحين ولكن لا يتابعونهم في سلوكهم وهديهم وحكمهم على أهل الطريق كلهم من خلال هذه النظرة القاصرة وإما لجهلهم بأحوال أهل الطريق لعدم إطلاعهم عليها وعدم معرفته للأسباب الشرعية التي استمد أهل الطريق منها أحوالهم وأسَّسوا عليها أعمالهم فإن القوم ما خرجوا عن القرآن والسنة طرفة عين لذلك رأينا أن نبيِّن طريق القوم في التوجِّه والدعاء وحتى لا يظنَّ العبد أننا نتعصَّب لهم فإننا ننقل كلام أحد أئمتهم في هذا الشأن ، ونكتفي به لغنائه ، فقد قال الشيخ أحمد زروق {{ أعلم أن للشارع في كل باب من المطالب إفادة وللأولياء في ذلك زيادة فمن جمع بين فائدة الشرع وزيادة الأولياء كان على اهتداء واقتداء ومن أفرد ذلك كان نقصه بحسب ذلك ولكن نقص الإهتداء يمنع الفائدة ونقص الإقتداء قد لا يضر لأنه مقوٍّ فقط والوقوف معه بهجران ما ورد شرعاً يضرُّ دنياً وآخرة وسأذكر لك في ذلك سبعة أمثلة :
الأول : إذا أردت السفر بالبحر " للسـلامة من عطبه ؛ فقدِّم قبل الركوب{بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } إذ قد جاء في الحديث أنه أمانٌ من الغرق .
الثاني: إذا أردت الخروج من الضيق إلى السعة قل : {{ يا واسع يا عليم يا ذا الفضل العظيم أنت ربِّي وعلمك حسبي إن تمسسني بضرٍّ فلا كاشف له إلا أنت وإن تردني بخير فلا رادَّ لفضلك تصيب به من تشاء من عبادك وأنت الغفور الرحيم .}} فقدِّم ملازمة الاستغفار إذ قد جاء في الحديث أن الله يجعل لملازمه من كل همٍّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب واستعمل دعاء الكرب المرويِّ في البخاري :
(لا إله إلا اللَّهُ العَظِيـــمُ الـحَلِـيـمُ، لا إله إلاَّ اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيــمِ، لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ ربُّ السَّموَاتِ وَرَبُّ الأرْضِ وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيـمِ )وما جاء في سنن أبي داود من حديث أبي أمامة في الذي اشتكى هموماً وديوناً اعترته فعلَّمه رسول الله(اللَّهُمَّ إِنِّي أَعوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَأعوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ والْبُخْلِ وَأعوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَـةِ الدَّيْنِ وَقَهْـرِ الرِّجَـالِ وقـال : قُلْهُ بعد الصبـح والمغـرب)(سنن أبي داوود).
الثالث: إذا أردت النصر على الأعداء قل (بسم الله، وبالله، وعلى الله فليتوكل المؤمنون، اللهم اجعل كيدهم في نحورهم واكفنا شرورهم حسبي الله وكفا سمع الله لمن دعا ليس وراء الله منتهى حسبنا الله ونعم الوكيل وقال: يذكر سبعاً في دبر كل صلاة تقدِّم عليه ما كان عليه النبى يقوله إذا خاف قوماً :(اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ في نُحُورِهِمْ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ ) وكان عليه الصلاة والسلام إذا خاف عدواً يقول ( عن البراء بن عازب : مسند الإمام أحمد وابن حبان ) :( اللَّهُمَّ اكْفِنَاهُ بما شِئْتَ)
الرابع: إذا أردت السلامة من ظالم : تدخل عليه باستعمال قوله تعالى فى محكم التنزيل{وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ }فقدَّم ما جاء في الحديث لمن خاف ســـلطاناً أو ظــالماً أن يقول :(اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَعَزُّ مِنْ خَلْقِهِ جَمِيعاً، اللَّهُ أَعَزُّ مِمَّا أَخَافُ وَأَحْذَرُ، أَعُوذُ بِاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلٰه إِلاَّ هُوَ، المُمْسِكُ السَّمٰوَاتِ السَّبْعَ أَنْ يَقَعْنَ عَلٰى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، مِنْ شَر عبْدِكَ فُلاَنٍ وَجُنُودِهِ، وَأَتْبَاعِهِ وَأَشْيَاعِهِ، مِنَ الْجِن وَالإِنْسِ، اللَّهُمَّ كُنْ لِي جَاراً مَنْ شَرهِمْ ، جَلَّ ثَنَاؤُكَ ، وَعَزَّ جَارُكَ ، وَتَبَـارَكَ اسْمُكَ ، وَلاَ إِلٰهَ غَيْرُكَ ـ يقوله ثَلاثَ مَرَّاتٍ ) كما رواه الطبرانى وغيره –
الخامس : إذا أردت ألا يصدأ لك قلب ولا يلحقك همٌّ ولا كرب ولا يبقى عليك ذنب فأكثر من{ سبحان الله وبحمده لا إله إلا الله }ويزيد{محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم}{اللهم ثبِّت علمها في قلبي واغفر لي ذنبي واغفر للمؤمنين والمؤمنات والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى}فمن أراده فليستعمل معه:
(اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ ابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ)إلى آخر الدعاء الآتي في فوائد تفريج الكرب فما قاله أحدٌ إلا أذهب الله همّه وأبدل مكان حزنه فرحاً كما ورد في الحديث الشريف عن ابن مسعود قال: قال رَسُولُ اللَّهِ : «مَا قَالَ عَبْدٌ قَطُّ، إِذَا أَصَابَهُ هَمٌّ أَوْ حُزْنٌ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَوْاسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ القُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ بَصَرِي وَجِلاَءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحاً» قَالُوا:يَارَسُولَ اللَّهِ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ هٰذِهِ الْكَلِمَاتِ ؟ قَالَ: «أَجَلْ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهنَّ» صحيح ابن حبان .
السادس :قد جــــاء في الحديث(أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ(ثلاثا)عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةِ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللّهَ يَقُولُ:«إِذَا نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلاً فَلْيَقُلْ(الحديث )فَإِنَّهُ لاَ يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّىٰ يَرْتَحِلَ مِنْهُ» صحيح مسلم.
عند نزول المنزل في السفر منزل أمان(أى بقولها يصير المكان الذى نزلوه أمانا)حتى يرتحل عنه وجـــــــــاء : {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ } لنفي وحشته (أى وحشة مكان النزول).
وجـــــــــــــــــــاء: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } والمعوذتان ، صباحاً ومساءً ؛ ثلاثاً ؛ تكفيك من كل شئ .
وجـــــــــــاء أيضــــــــــــاً :(بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ في الأرْضِ ولا في السَّماءِ وهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )من قالها ثلاثاً صباحاً لم تصبه فجأةُ بلاء حتى يمسي ، وإن قالها مساءاً ؛ فكذلك حتى يصبح عن عثمان ، أَن رَسُول اللَّهِ قال : «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: ( الحديث ) ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تَفْجَأْهُ فَاجِئَةُ بَلاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ وإنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي لَمْ تَفْجَأْهُ فَاجِئَةُ بَلاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ ».مسند الإمام أحمد ، وصحيح ابن حبان .
السابع : قد ذكر المشايخ وجوهاً وأذكاراً لطلب الغنى فمن ذلك يقول بين الفجر والصبح :{ سبحان الله العظيم سبحان من يمنُّ ، ولا يُمَنُّ عليه ، سبحان من يجير ولا يجار عليه ، سبحان من يبرئ من الحول والقوة إليه ، سبحان مدَّ التسبيح منَّة منه على من اعتمد عليه ، سبحان من يسبِّح كل شئ بحمده ، سبحانك لا إله إلا أنت، يا من يسبِّح له الجميع ، تداركني بعفوك فإني جزوع }ثم يستغفر الله مائة مرة فإنه لا يأتي عليه أربعون يوماً إلا وقد أتته الدنيا بحذافيرها ، وهو مجرَّب الفائدة.
والحاصل من ذلك كله :أن أثر الأسرار مقيد بأسرار الشريعة فمن أراد نجح مقصده فليقدم الشرعيَّات ثم يتبعها بما هو من نوعها }انتهى كلام الشيخ زروق وقد نقلناه من كتاب ( سعادة الدارين للنبهاني ).
وهكذا يتبيَّن لنا أن نهج السلف الصالح هو :
1- الإتيان بما ورد في الباب من الآيات القرآنيَّة ، والأدعـية ، والأذكار النبويَّــــة .
2- ثم يزيدون على ذلك بما يفتح الله عليهم من بـاب الإلهام .
3- فهم لا يكتفون بالأصول وإن كان فيها الغناء لعلوِّ هممهم وصدق عزائمهم وشدَّة أشواقهم وكثرة شغلهم بطاعة ربهم والإقبال عليه ، طمعاً في مزيد فضله ونوال كرامته .
4- وهم لا يستغنون بالزيادة عن الأصول ، بل قال قائلهم فيمن فعل ذلك : {{ إنما حُرِمُوا الوصول لتضييع الأصول }} .
الْصَّبْرُ وَالْعِلمُ الْحَدِيث
وقد كان من إعجاز القرآن الكريم أنه وضع أمثل علاج للتوتر والقلق والاضطرابات والأزمات والنكبات وحدَّد ذلك في الصلاة والدعاء والصبر وذلك في قول الله{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِوَالصَّلاَةِ}وعن الصــبر وأثــره في علاج الأزمــات من الناحية العلميَّة يقول الدكتور جمال ماضي أبو العزائم في كتابـــه(القرآن والصحة النفسيَّة- صفحة 48 ){ ويتحدث القرآن عن قيمة الصبر فيقول : إن الصابر الضعيف تقوى طاقته حتى يصبح في أول مراحل الصبر يتمتع بطاقة اثنين من غير الصابرين فيقول{الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ}وبفحص هذه الظاهرة تجد الحقَّ ركَّب طاقات أعضاء الإنسان جميعاً على أن يقوم جزء يسير منها بالعمل في إبان حياة الإنسان الطبيعية وادخر باقي الطاقات والأجهزة وذلك حتى يقوم بها المـــــؤمن الصــــــابر في الوقت المناسب فالعضلات جميعاً تعمل ببعض طاقاتها ، فنراها تقوى عشرات أمثال طاقاتها الأولى وكذا طاقات الجهاز العصبي تعمل عملها الطبيعي بعشر طاقاتها وحتى خلايا الكلية والكبد تعمل بعشر طاقاتها وعند الطوارئ تراها وقد زاد إنتاجها إلى عشرة أمثالها واستبصار المؤمن لهذه الحقيقة يعطيه الأمان والسكينة ونراه عند الطوارئ النفسية فرحاً مستبشراً ، وبصبره تزداد طاقة إنتاجه والنتيجة {إِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ }
الْصَّبْرُ مَادَةٌ كِيمْيَائِيَـة
وقد تمَّ في السنين الأخيرة اكتشاف مادة كيميائية تفرزها خلايا المخِّ خاصة القشرة العليا من فصي المخِّ وأطلق العلماء على هذه المادة (أندورفين) ووجدوا أن هذه المادة الكيميائية :
1- تزداد في دم الإنسان كلما زاد صبره على الآلام المختلفة وكلما زادت إرادته في إنجاز عمل خاص .
2- وأن هذه المادة الكيميائية تعين الإنسان على وقف الألم وعلى زيادة التحمل وعلى استقرار طاقات الإنسان وهو يواجه الصعوبات والمخاطر.، ولذا أطلقوا عليها وصف ( أفيونات المخِّ ) .
3- وتفرز هذه المادة مجاناً بدون مقابل إلا مقابل الصبر وتأكيد الإرادة والاستعانة بالقدرة على التحمِّل .
4-وكلما زاد الصبر وجد أطباء التحليل زيــــادة مادة ( الأندورفين ) في الدم وهذا إعجاز للخالق العظيم الذي وعد الصابرين بدرجات من النعيم وتتعدد طاقاتهم نتيجة زيادة إمدادهم بهذه المواد الكيميائية قدر صبرهم والتوكل الحقِّ على القوي القادر المتين ولننظر إلى جمال الآية القرآنية للمؤمنين العالمين وقدرة خالقهم العظيم على إمدادهم بالنصــــر والفــــوز يقولـــون{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً}وهذه الكلمات تدل دلالة واضحة على أن الصبر" مادة كيميائية " وهى تأتي من أعلى طاقات الإنسان العصبية وتفرغ عليه عوناً من عند الله الخالق البــارئ المصـــــوِّر المعين
{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً}
ويكون الناتج ثبــــــات الإنســــان المؤمن : {وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا }
وتكــون الجـائزة {وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }
عِلاجُ الْهَمِّ دِينِيَّـاً وَ عِلْمِيَّـاً
خلق الله الإنسان وهو العليم بخلقه يتأثر بالصدمات النفسيَّة هلوعاً عند الخطوب جزوعاً إذا مسَّه الشر مما يجعل هذه الهموم والخطوب تصيب الإنسان بالجزع والخوف والتوتر النفسي والعصبي وخطورة هذا الهلع والجزع والاضطراب النفسي على الإنسان أنه يعرِّضه للإصابة بكثير من الأمراض مثل الضغط والسكر وتصلُّب الشرايين والذبحة الصدرية والجلطة وانفجار شرايين المخِّ والجنون وكثير مما نرى من الأمراض وما علاج هذا الهلع والجزع ؟ وكل إنسان معرض لما يثير فيه الهلع والجزع ؟ أرشدنا الله إلى علاج الفزع والجزع في قرآنه حيث يقول(إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) فكلما قوى إيمان العبد كلما قلَّ تأثره بالنوائب والكوارث وقلَّ تأثره بالهلع والجزع وتعوَّد على الصبر والرضا بالقضاء والإنسان المؤمن لإحساسه بالضعف وشعوره بالحاجة الدائمة إلى عون الله سبحانه وتعالى يفتح الله تعالى له بابا من أبواب رحمته فيقف عليه بأدب الشرع فيواجه الله باللطف والسكينة والطمأنينة وبرد الرضا ويكشف عنه ما نزل به من ضرٍّ وذلك مأخوذ من قوله عزَّ شأنه{وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ}فهي مفاتح من " الفتح "، لأنها فتحٌ من الله فيفتح الله له بـاب الدعـاء لقول النبى(لاَ يَرُدُّ الْبَلاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ)ورواية سلمان «لاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ، وَلاَ يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلاَّ الْبِرُّ»– جامع الأحاديث والمراسيل ومشكاة المصابيح والفتح الكبير.
وهذا الدعاء قد يفتحه الله له في الصلاة فيوفِّقه لأداء صلاة الحاجة وقد يكون دعاء الله بالأسماء الحسنى أو باسم الله الأعظم الذي يفتح به عليه الله وقد يكون بالأدعية الواردة في القرآن الكريم أو في السنَّة النبوية الشريفة وقد يكون بصيغ للصلاة على رسول الله فيها الفرج بعد الشدَّة واليسر بعد العسر وقد يكون الفتح بأدعية يلهم الله بها عباده الصالحين ويسمونها أحزاباً لأن الله ألهمهم بها في وقت الشدة فقد روت السيدة عائشة عن رسول الله (أَنَّهُ كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إلَى الْصَّلاة) مسند الإمام أبي حنيفة وفتح الباري حزبه : أهمَّه وأفزعه وأقلقه
فَائِـدَةُ الْدُّعَاءِ عِلْمِيَّا
وقد أثبت العلم حديثاً فائدة الدعاء والصلاة والأذكار في منع الهلع والجزع والأضرار المترتِّبة عليهم وقد أشار إلى ذلك الدكتور " طاهر توفيق " في كتــابه ( القرآن والإعجاز في خلق الإنسان - صفحة 98 ) فقال { إن الإنسان إذا ســـمع خبراً سيئاً أو جزع من أي خبر أو هلع من أي حادث فإن المخَّ يرسل شحنة كهربائية جبَّارة ضاربة تخترق الجزء الأسفل منه وهو قناة (الهيبوثالاماس) لتنزل إلى أي مركز من المراكز اللاإرادية فإن أصابت هذه الشحنة مكان التمثيل الغذائي فقد تضرُّ هذا المركز ويصاب الإنسان بالسكر مثلاً أو بارتفاع الكولسترول وإن نزلت هذه الشحنة إلى مكان تنظيم ضغط الدم قد يصاب الإنسان بمرض ارتفاع ضغط الدم وإذا أصابت أحد الغدد الصماء أصيب الإنسان بخلل في وظائف هذه الغدد وإذا نزلت هذه الشحنة إلى مراكز إفراز حامض الهيدروكلوريك مثلاً بالمعدة فقد يصاب بفقد الشهية لنقص إفراز هذا الحامض أو بعسر الهضم وقرحة المعدة نتيجة زيادة إفراز هذا الحامض في المعدة وهكذا كثيراً من الوظائف اللاإرادية تتأثر بالشحنة الكهربائية التي تنزل من المخِّ وتخترق (الهيبوثالاماس) وتتوجه إلى أي مركز لاإرادي فتتسبب في إصابته بإصابات تختلف من شخص إلى أخر } ثم يوضح تأثير الدُّعـــاء والذكـــر فيقول فى صفحة 189 من نفس الكتاب{ وهذه الإشارات الضَّارة المفاجئة تمرُّ عند نزولهـــــــــا بقنــــاة عصبيَّة تسمى (هيبوثالاماس) : و وظيفتها امتصاص هذه الإشارات الضَّارة والحدُّ من وصولها للجسم ووظيفة هذه القناة تقوى بالصلاة والإيمان والرضى بقضاء الله وقدره وتضعف هذه القناة وتفشل في أداء وظيفتها الهامة بالبعد عن الله وترك الصـــلاة ، وعدم الصــبر والــرضى عند الشدائد فإذا قويت هذه القناة منعت جميع الإشارات الضارة من الوصول إلى أعضاء الجسم مسببة ضررها وإذا ضعفت اختلَّت وظيفتها ما يؤدي لوصول هذه الإشارات إلى أجزاء الجسم المختلفة محدثة ما ذكرناه سلفاً وقد تكون هذه الإشارات الواردة للجسم شديدةً نتيجة حزن شديد أو صدمة عنيفة وهنا تصبح قناة (الهيبوثالاماس) غير قادرة على منع كل هذه الإشارات من الوصول لأجزاء الجسم وهنا يحوِّل المخُّ الباقي من هذه الإشارات ويوجهها إلى أجهزة وأعضاء بالجسم يكون زيادة نشاطها وعملها غير مضرمثل الغدة الدمعية فيذرف الدمع وهو كما نعلم مفيد جداً في غسيل العين أو مثل عضلات القفص الصدري والتي تتحرك سواء في الضحك أو البكاء فيُزيد وينشِّط ذلك من عمل الرئتين مما يفيد في تنقيَّة الدم من ثاني أكسيد الكربون وقد تفيد الإشارات في تحريك بعض عضلات الوجه وهذا مطلوب بين آنٍ وآخر ولذلك كله فإن البكاء أو الضحك يفيد في صرف مثل تلك الإشارات الضارة والزائدة عن قدرة قناة (الهيبوثالاماس) عن الأعضاء الحيوية بالجسم ويحولها إلى أعضاء أخرى كون زيادة عملها مفيد للجسم فسبحان الخالق العظيم القائل {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى }
نْوَاعُ الإِسْتِغْفَار
أفضله ما رواه البخاري مرفوعاً أَنِ النَّبِيِّ قَالَ(إنَّ سَيِّدَ الاِسْتِغْفَار أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إلهَ إلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِيِ وَأَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ فَاغْفِرْ لِي فَإنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنـُوبَ إلاَّ أَنْتَ فَإنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ مُوقِنـا بِهَا فَمَاتَ دَخَـلَ الْجَنَّـةَ وَإنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي مُوقِنـا بِهَا ؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ) ومنه ما ورد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه فى صحيحى البخارى ومسلم رضى الله عنهما(أَنَّهُ قَالَ لرَسُولَ الله عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ في صَلاَتِي قَالَ : قُلْ .: اللَّهُمْ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيراً ولاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاّ أنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحيمُ)
ومنه ما رواه الترمذى فى سننه عن ابن مسعود قال: سمعت النَّبيَّ يَقُولُ(مَنْ قالَ أسْتَغْفِرُ الله الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غُفِرَ لَهُ وَإِن كَانَ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ وفي رواية أبي سعيد : وَإِنْ كَانَتْ ذُنُوبُهُ عَدَدَ النُّجُومِ وَعَدَدَ زَبَدِ الْبَحْرِ وَعَدَدَ أيْامِ الْدُّنْيَا وَعَدَدَ وَرَقِ الْشَّجَرِ وَعَدَدَ رَمْلِ عَالِج)ومنه ما روى عن أبي عبد الله القرشي المشكور المشهور{اللهم إنا نستغفرك من كل ذنب أذنبنــاه تعمَّـــدناه أو جهلنــاه ونستغفــــرك من كل ذنب تبنا إليك منه ثم عدنا فيـــه ونستغفرك من كل الذنـــــوب التي لا يعلمــــها غيرك ولا يسعهـــــــا إلا حلمك ونستغفرك من كل ما دعت إليه نفوسنا من قبل الرخص فاشتبه علينا وهو عندك حـــرام ونستغفرك من كل عمل عملناه لوجهك فخالطه ما ليس لك فيه رضــــا لا إله إلا أنت يا أرحم الراحمين }}
قال الإمام اليافعي{ من داوم على هذه الكلمات عقب كل فريضة أغناه الله عن خلقه ورزقه من حيث لا يحتسب ويسَّر الله عليه أمر معيشته ولو كان عليه مثل جبلٍ ديناً أعانه الله على وفائه }ومنه ما أورده الإمام اليافعي وقال في شأنه : أخبرني من أثق به ؛ أن الشيخ بدر الدين بن عقيل قال : كنت أدعو بهذا الدعاء للعلم وكان صاحبي نصر الدين يدعو به للمال فرزقه الله المال الكثير ورزقني من العلم كثير وهذا هو الدعاء :{ استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم بديع السموات والأرض وما بينهما من جميع جرمى وظلمى وما جنيت على نفسي وأتوب إليك، يا الله يا واحد يا أحد يا جواد يا واجد يا موجد يا باسط يا كريم يا وهَّـــاب يا ذا الطول يا غني يا مغني يا فتَّــــــاح يا رزاق يا حيُّ يا قيوم يا رحمن يا رحيم يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حنَّان يا منَّان انفحني منك بنفحة خير تغنيني بها عمن سواك{إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ}{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً}{نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ}يا غني يا مغني يا حميد يا مجيد يا مبدئ يا معيـــــــــد يا رحيم يا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعَّال لما تريد اكفني بحلالك عن حرامك واغنني بفضلك عمن سواك إنك على كل شئ قدير }ومنه ما رواه أبو عبد الله الورَّاق مرفوعاً وقال إنه استغفار الخضر عليه السلام وهو{ اللهم إني استغفرك من كل ذنب تبت إليك منه ثم عدت فيه واستغفرك من كل ما وعدتك به نفسي ثم لم أوفِ لك به واستغفرك من كل عمل أردت به وجهك الكريم فخالطه غيرك واستغفرك يا عالم الغيب والشهادة من كل ذنب أصبته في ضياء النهار وسواد الليل في مــــلأ أو خـــلاء أو ســـــرٍّ ، أو علانية يا حليم }ومن ذلك { يا رب استغفرك وأتوب إليك من مظالم كثيرة لعبادك قِبَلي فأيما عبد من عبادك كانت له مظلمة ظلمته بها في بدنه أو ماله أو عرضه وقد غاب أو مات ولا أستطيع ردَّها أو تحللها منه فأرضه عني بما شئت ثم هبها لي من لدنك فإنك واسع لذلك كله يا رب ما تصنع بعذابي وقد وسعت رحمتك كل شئ؟ يا رب وما عليك أن تكرمني برحمتك ولا تهني بذنوبي وما ينقصك أن تفعل ما سألتك وأنت واجد لكل خير واستغفرك لكل يمين مني حنثت فيها عندك علمت أو لم أعلم إلى يوم القيامة اللهم إني استغفرك لما قدمت ولما أخَّرت ولما أسررت ولما أسرفت ولما أعلنت ولما أنت أعلم به منِّي إلى يوم القيامة لا إله إلا أنت ربُّ السموات السبع وربُّ العرش الكريم }هذا وينبغي للعبد عند انبعاثه للاستغفار :
1-استشعار التوبة .
2-الاعتراف بالذنب .
3-الصدق في ذلك بالهمَّة والإخلاص فيه بالعزيمة ، مضمراً بقلبه ، متلفِّظاً بلسانه ، مقبلاً على ربه .
فقد روى أن رجلاً أتى إلى الحسن فشكا إليه الفقر وأتى آخر فشكا إليه الجدب وأتى آخر فشكا إليه جفاف بستانه وجاء آخر طالباً الولد فقال لكل منهم { استغفروا الله فقيل له في ذلك : رجالٌ يشتكون إليك ألواناً مختلفة ويسألون أنواعاً فأمرتهم كلهم بالاستغفار فقال : ما قلت من قبل نفسي شيئاً ولكني أخذت ذلك من قوله سبحانه و تعالى فى كتابه(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً{10} يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً{11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً{12}
استغفر الله من عين نظـرت بها \ إلى القبيح فكان مبتدى نكدى
استغفر الله من ذنب خلوت به \ في الليل منفردا أو غير منفرد
استغفر الله من رزق بلغـت به \ إلى معاصي الله الواحد الصمد
استغفر الله من علم أردت به \ دنيا ولم أك في خير بمجتـهد
استغفر الله مما قلـت في غضب \ وفي رضى ثم في مرح وفي حرد
استغفر الله غفَّار الذنـوب لما \ أسلفت معتمداً أو غير معتمد
استغفر الله من فعـل يخالطه \ ما ليس يرضى إلهي مدة الأبد
استغفر الله من جهلي ومن طمعي\ وشين شأني وعصـياني ومن أود
استغفر الله مما قد ذكرت من \ الأجناس من غافل منهم ومجتهد
استغفر الله مما لست أذكره أو \ ذكرته ، عـزَّ من بالعلم منفرد
-----------------------------------------------------------------------------------
إن كان ذنبي عظيما \ \ فعفو ربي أعظم
أو كان إثمي كبيراً \ \ فالله ربي أرحم
كم أسبل السـتر منه \ \ عليّ كم لي أكرم
وكم رآني مســيئاً \ \ فتاب عني وأنعم
أراه يعطــي العطايا \ \ فضلا ولم أك أعلم
يبدِّل الســوء فضلاً \ \ منه بحسني فأسلم
أسبغ جميــل العطايا \ \ لمن بعفوك مغرم
واجعل عطــاياك ربي \ \ للعبد نعمى ومغنم
-----------------------------------------------------------------------------------------
استغفر الله من علمي ومن عملي \ استغفر الله من طمعي ومن أملي
استغفر الله ما قد جنيـت ومن \ ظلمي وجوري في أيامي الأول
استغفر الله مما قد خفى وبــدا \ وما تقر به نفسي من العمل
استغفر الله من حسدي ومن نقصي\ومن غروري ومن حولي ومن حيلي
استغفر الله من شرك عليّ خفى \ ومن فسوقي وإجرامي ومن زللي
استغفر الله من وهمي ووسوستي \ ومن دسيسة نفسٍ قد تخيَّل لي
استغفر الله من صوم عجبت به \ ومن صلاة بها قد صرت في وجل
استغفر الله من كفر بنعمة من \ للخير والفضل والأنعام سهَّل لي
أَهْلُ الإِطْلاقِ وَأَهْلُ الْتَّـقْييد
يصنِّف العارفون حال أهل الإيمان عند الدعاء إلى فريقين :
فريق ينشط للعبادة عند المقتضيات من مكان أو زمان فتراه يشهد في مكان خاص مشهداً يشوِّقه إلى الدعاء والابتهال والتقرب بنوافل البِّر( كالكعبة والمسجد النبوي الشريف وبيت المقدس) ويشهد في مكان آخر مشهداً ينسيه التقرَّب ويسلِّيه عن التودد وذلك مثل الأسواق ومجالس اللهو ومجامع الغفلة ويكون ذلك التقيد بالأزمنة أيضاً فترى النشاط والهمة يقويان على عمل البر والقربات في شهر رمضان والليالي المرجوِّ فيها الخير فإذا انصرفت تلك الأوقات وانقضت تلك اللحظات فترت الهمَّة وكلَّت تلك العزيمة وذلك لأن العمل مقيد بدائرة الفكر وهو مقهور بحيطته التي تحيط بها من زمان ومكان أما الفريق الثانى فهم أهل الإطلاق أوأهل المشاهدات الذين ترقُّوا عن التكلِّف والاستحضار فإنهم وقعت بهم عين اليقين بكمال التسليم على نور الحق المجلوِّ في الخلق وسرِّ القيومية التي قامت بها العوالم فوقع بهم العلم على حقيقة الأسماء فاطمأنت بها القلوب فتمكنت الخشية من أفئدتهم والخوف من قلوبهم فهم مع الله لا يغيب عنهم في كل زمان وفي كل مكان لا يخصصون مكاناً بعمل دون مكان ولا زماناً بعمل دون زمان إلا ما خصصه به ربهم وأوجبه فيه خالقهم ولذلك ترى عزائمهم في جدٍّ وهَّمتهم في نشاط لأن الأمكنة والأزمنة غير مقصودة لهم ولا معظَّمة في قلوبهم وإنما المقصود ربُّهم والمعظَّم أمره وحكمه فإذا خرجوا من الزمان المخصوص بحكم ما والمكان المخصوص بأمر ما كانوا مع الله بلا كون لأنه كان ولا كون وهؤلاء هم أهل الميراث المحمَّدي الذين لا تحجبهم الآيات ولا تبعدهم الكائنات فنَّزهوا ربَّهم سبحانه وتعالى عن أن يعظِّموا غيره أو ينشطوا له في وقت دون وقت أو مكان دون مكان إلا بما أمر وحكم فلا يكون التعظِّيم للمكان إنما يكون للحاكم الآمر سبحانه وتعالى وإن كان الواجب على أهل هذا المقام أن يسيروا مع أهل مقام التقييد بما يناسبهم تنشيطاً لهم وإعلاءاً لعزائمهم حتى لا يفوتهم الفضل في كل زمان ومكان فربَّ نشاط بمكان خاص أيقظ القلب فقرب وربَّ ذكر مع سهو عن المذكور ونسيان لمكانته اشتدَّ فأنسى الذاكر عن شئون نفسه وقذف به إلى مرابض أنسه وإنما المذموم غفلة القلب واللسان واحتجاب الجسد والجنان .
مُسْتَجَابُو الْدُّعَاء
وأما الذين تتحقق الإجابة من الله لهم فهم : المضطر والمظلوم وإن كان فاجراً أو كافراً والوالدان لأبنائهم والإمام العادل والرجل الصالح والولد البار بوالديه والمسافر والصائم حتى يفطر والمسلم لأخيه بظهر الغيب ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رحم أو يقول دعوت فلم يستجب لي قَالَ النَّبِيُّ(إِنَّ لِلَّهِ عُتَقَاءَ فِي كُل يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنَ النَّارِ وَإِنَّ لِكُل مُسْلِمٍ فِي كُل يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً)عن أَبي هُريرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.جامع الأحاديث والمراسيل .
وقال(أَرْبَعُ دَعَواتٍ لاَ تُرَدُّ دَعْوَةُ الْحَاج حَتَّى يَرْجِعَ وَدَعْوَةَ الْغَازِي حَتَّى يَصْدُر َوَدَعْوَةُ الْمَرِيضِ حَتَّى يَبْرَأَ وَدَعْوَةُ الأَخِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْب ِ، وَأَسْرَعُ هٰؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ إِجَابَةً ؛ دَعْوَةُ الأَخِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ)عن ابن عبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُمَا- جامع الأحاديث والمراسيل .
أَهْلُ الإِطْلاقِ وَأَهْلُ الْتَّـقْييد
يصنِّف العارفون حال أهل الإيمان عند الدعاء إلى فريقين :
فريق ينشط للعبادة عند المقتضيات من مكان أو زمان فتراه يشهد في مكان خاص مشهداً يشوِّقه إلى الدعاء والابتهال والتقرب بنوافل البِّر( كالكعبة والمسجد النبوي الشريف وبيت المقدس) ويشهد في مكان آخر مشهداً ينسيه التقرَّب ويسلِّيه عن التودد وذلك مثل الأسواق ومجالس اللهو ومجامع الغفلة ويكون ذلك التقيد بالأزمنة أيضاً فترى النشاط والهمة يقويان على عمل البر والقربات في شهر رمضان والليالي المرجوِّ فيها الخير فإذا انصرفت تلك الأوقات وانقضت تلك اللحظات فترت الهمَّة وكلَّت تلك العزيمة وذلك لأن العمل مقيد بدائرة الفكر وهو مقهور بحيطته التي تحيط بها من زمان ومكان أما الفريق الثانى فهم أهل الإطلاق أوأهل المشاهدات الذين ترقُّوا عن التكلِّف والاستحضار فإنهم وقعت بهم عين اليقين بكمال التسليم على نور الحق المجلوِّ في الخلق وسرِّ القيومية التي قامت بها العوالم فوقع بهم العلم على حقيقة الأسماء فاطمأنت بها القلوب فتمكنت الخشية من أفئدتهم والخوف من قلوبهم فهم مع الله لا يغيب عنهم في كل زمان وفي كل مكان لا يخصصون مكاناً بعمل دون مكان ولا زماناً بعمل دون زمان إلا ما خصصه به ربهم وأوجبه فيه خالقهم ولذلك ترى عزائمهم في جدٍّ وهَّمتهم في نشاط لأن الأمكنة والأزمنة غير مقصودة لهم ولا معظَّمة في قلوبهم وإنما المقصود ربُّهم والمعظَّم أمره وحكمه فإذا خرجوا من الزمان المخصوص بحكم ما والمكان المخصوص بأمر ما كانوا مع الله بلا كون لأنه كان ولا كون وهؤلاء هم أهل الميراث المحمَّدي الذين لا تحجبهم الآيات ولا تبعدهم الكائنات فنَّزهوا ربَّهم سبحانه وتعالى عن أن يعظِّموا غيره أو ينشطوا له في وقت دون وقت أو مكان دون مكان إلا بما أمر وحكم فلا يكون التعظِّيم للمكان إنما يكون للحاكم الآمر سبحانه وتعالى وإن كان الواجب على أهل هذا المقام أن يسيروا مع أهل مقام التقييد بما يناسبهم تنشيطاً لهم وإعلاءاً لعزائمهم حتى لا يفوتهم الفضل في كل زمان ومكان فربَّ نشاط بمكان خاص أيقظ القلب فقرب وربَّ ذكر مع سهو عن المذكور ونسيان لمكانته اشتدَّ فأنسى الذاكر عن شئون نفسه وقذف به إلى مرابض أنسه وإنما المذموم غفلة القلب واللسان واحتجاب الجسد والجنان .
مُسْتَجَابُو الْدُّعَاء
وأما الذين تتحقق الإجابة من الله لهم فهم : المضطر والمظلوم وإن كان فاجراً أو كافراً والوالدان لأبنائهم والإمام العادل والرجل الصالح والولد البار بوالديه والمسافر والصائم حتى يفطر والمسلم لأخيه بظهر الغيب ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رحم أو يقول دعوت فلم يستجب لي قَالَ النَّبِيُّ(إِنَّ لِلَّهِ عُتَقَاءَ فِي كُل يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنَ النَّارِ وَإِنَّ لِكُل مُسْلِمٍ فِي كُل يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً)عن أَبي هُريرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.جامع الأحاديث والمراسيل .
وقال(أَرْبَعُ دَعَواتٍ لاَ تُرَدُّ دَعْوَةُ الْحَاج حَتَّى يَرْجِعَ وَدَعْوَةَ الْغَازِي حَتَّى يَصْدُر َوَدَعْوَةُ الْمَرِيضِ حَتَّى يَبْرَأَ وَدَعْوَةُ الأَخِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْب ِ، وَأَسْرَعُ هٰؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ إِجَابَةً ؛ دَعْوَةُ الأَخِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ)عن ابن عبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُمَا- جامع الأحاديث والمراسيل .
آدَابُ الْدُّعَاء
وهي التي بالوقوف عليها والعمل بها يُرزق العبد الإجابة من الله وقد أشار إلى بعضها إبراهيم بن أدهم حين سأله رجلٌ قائلاً يا إبراهيم قال الله{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فمــا بالنا ندعو فلا يستجاب لنا فقال إبراهيم من أجل خمسة أشياء :
1- عرفتم الله فلم تؤدُّوا حقه .
2- وقرأتم القرآن فلم تعملوا به .
3- وقلتم : نحبُّ الرسول ، وتركتم سنَّته .
4- وقلتم : نلعن إبليس ، وأطعتموه .
5- والخامسة : تركتم عيوبكم ، وأخذتم في عيوب الناس .
ونجمل هذه الآداب باختصار شديد فيما يلي :
تجنُّب الحرام في المأكل والمشرب والملبس والكسب لقوله عليه أفضل الصلاة و أتُّم السلام( يدعو الرجل )يَـمُدُّ يَدَيْهِ إلـى السماءِ يا ربِّ يا ربِّ ، ومَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، ومَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، ومَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وقَدْ غُذِّيَ بالـحَرَامِ ، فأَنَّى يُسْتَـجَابُ لَهُ) سنن البيهقي الكبرى عن أبى هريرة ، ورواه مسلـم
الإخلاص لله تعالى وتقديم عمل صالح ويذكره عند الشدَّة كما فعل أصحاب الغار الثلاثة الذين ذكرهم النبي ولقوله تعالى{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}التنظُّف والتطهُّر والوضوء واستقبال القبلة وتقديم صلاة الحاجة إن أمكن ويستحسن الجثو على الركب عند الدعاء والثناء على الله تعالى أولاً وآخراً والصلاة على النبي كذلك وبسط اليدين ورفعهما بحذاء المنكبين وعدم رفع البصر إلي السماء وأن يسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا وأن يتجنَّب السجع وتكلُّفه وأن لا يتكلَّف التغنِّي بالأنغام وخفض الصوت والتأدُّب والخشوع والتمسكن مع الخضوع والإقرار بالذنب أن يتخيَّر الجوامع من الدُّعــاء وخاصة الأدعيــة الصحيحة الواردة عن النبي أن يبدأ بالدُّعاء لنفسه وأن يدعو لوالديه وإخوانه المؤمنين وأن لا يخصَّ نفسه بالدعاء إن كان إماماً وأن يسأل بعزم ويدعو برغبة ويكرر الدُّعاء ويلحَّ فيه وأن لا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم وأن لا يدعو بأمر قد فُرِغَ منه وأن لا يعتدي في الدعاء بمستحيل أو ما في معناه وأن لا يتحجَّر وأن يسأل حاجته كلها وأن لا يستبطئ الإجابة أو يقول دعوت فلم يستجب لي وأن يمسح وجهه بيديه بعد فراغه وأن يؤمِّن الداعي والمستمع
أوْقَاتُ الإِجَـابَة
وقد حصر الأئمة الكرام الأوقات التي يتأكد فيها إجابـة الدعاء على ما ورد في الأحاديث الصحيحة فيما يلي :
ليلة القدر ويوم عرفة وليلة الجمعة ويومها ونصف الليل الثاني وثلثى الليل الأول والآخر وجوف الليل ووقت السحر وساعة الجمعة وهي في أصح الأقوال ما بين أن يجلس الإمام في الخطبة إلي أن تقضى الصلاة وشهر رمضان وخاصة عند الإفطار لقول النبى(الصَّائِمُ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُ)عن أبي هريرة رواه ابن ماجه فى سننه ، ومسند الشهاب .
وكذلك بيَّنت الأحاديث الشريفة الأحوال التي يُرْجَى فيها إجابة الدَّعاء وهي : عند النداء بالصلاة ، وبين الآذان والإقامة ، وعند إقامة الصلاة ، وعند الحيعلتين (أى حىَّ على الصلاة و حىَّ على الفلاح اللتان بالآذان ) لمن نزل به كرب أو شدَّة ، وعند التحام الصف في سبيل الله ، ودبر الصلوات المكتوبات ، وفي السجود ، وعقيب تلاوة القرآن ولا سيما الختم لما رواه الإمام السيوطي في جامعه الكبي ( أن العبد إذا ختم القرآن صلَّى عليه عند ختمه ستون ألف مَلَك )وفي رواية الأذكار للنووي( أمَّن على دعائه أربعة آلاف ملك ) وعند صياح الدِّيكة وعند اجتماع المسلمين وفي مجالس الذكر وعند قول الإمام{وَلاَ الضَّالِّينَ } وعند تغميض الْمَيِّت وعند نزول الغيث وعند رؤية الكعبة وهذا للعبد الذي لا يستطيع جمع قلبه على الدوام مع الله أما العبد الذي رزقه الله الإخلاص ووفقه لتصفية القلب وتنقيته من الأغيار فأصبح همه مجموعاً على مولاه فهذا عبد يستجيب الله له في أي وقت يدعو ومن ذلك ما روى عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال{ ما احتجت إلى شئ إلا قلت : يا رب عبدك يحتاج إلى كذا فما استتم هذا الكلام إلا وهذا الشئ بجواري }
أمَاكِنُ الإِسْتِجَابَة
وهي المواضع الشريفة وقد جمع الإمام الحسن البصري أماكن الإجابة في مكة المكرمة فقال :
{{ إن الدعاء هناك مستجاب في خمسة عشر موضعاً : في الطواف ، والملتزم ، وتحت الميزاب ، وفي البيت ، وعند زمزم ، وعلى الصفا والمروة ، وفي السعي ، وخلف المقام ، وفي عرفات ، وفي المزدلفة ، وفي منى ، وعند الجمرات الثلاث }} ويضاف إلى ذلك :
الروضة الشريفة وعند النبي وقد قال الإمام الجزري{ وإن لم يجب الدعاء عند النبي ففي أي موضع} لما ورد في رواية الإسراء والمعراج المذكورة في الصحيحين عن أنس أن سيدنا جبريل قال له(انْزِلْ فَصَلِّ فَفَعَلْتُ فَقَالَ : أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ ؟ صَلَّيْتُ بِطَيْبَةَ وَإلَيْهَا الْمُهَاجَرُ ، ثُمَّ قَالَ : انْزِلْ فَصَلِّ ، فَصَلَّيْتُ ، فَقَالَ : أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ ؟ صَلَّيْتَ بِطُورِ سَيْنَاءَ حَيْثُ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، ثُمَّ قَالَ : انْزِلْ فَصَلِّ ، فَنَزَلْتُ فَصَلَّيْتُ ، فَقَالَ : أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ صَلَّيْتَ بِبَـيْتِ لَحْمٍ حَيْثُ وُلِدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ ) والصلاة هنا هي الدعاء ،ومما يزيدنا يقيناً في هذا الأمر ما حكاه الله عن عبده ونبيه زكريا حيث يقول (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ{37} هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء{38} فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ{39}
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــع إن شاء الله
الكلمـة تبقـى مجـرد حـروف ما لـم نضعهـا في حيـز التنفيـذ...
فلا يكفـي أن نقـرأ ونعجـب بالكلام , ولكـن عليـنا أن نقـرأ ونطبـق ..
اللهـم اجعلنـا من الذيـن يسمعون القول فيتبعـون أحسنه...
فَضَيلَةُ الْدُّعَاء
ـاء اللهرغَّب الله عباده في والدعاء فقال{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ}فأطمع المطيع والعاصي والداني والقاصي في الإنبساط إلى حضرة جلاله برفع الحاجات والأماني بقوله{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }وقوله تعالى فى{ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }وفي الحقيقة ليس بعد تلاوة كتاب الله عبادة تُؤَدَّى باللسان أفضل من ذكر الله تعالى ورفع الحاجات بالأدعية الخالصة إلى الله تعالى ولذلك روى أصحاب السنن والحاكم والترمذي عن النعمان بن البشير رضي الله عنه أن النبي قال(إِنَّ الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةِ ، ثم قرأ{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ}وروى الترمذي والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله قال(لَيْسَ شَئٌ أَكْرَمَ عَلَى اللهِ مِنِ الْدُّعَاءِ)وأيضا(مَنْ لَمْ يَسْألِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيهِ)و أيضا :
( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ الله لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ والكُرَبِ ؛ فَلْيُكْثِرِ الْدُّعَاءِ فِي الْرَّخَاءِ)(الدُّعَاءُ سِـلاحُ المُؤْمِنِ وعِمَـادُ الدِّينِ ، وَنـُورُ السَّــماواتِ وأَلارْضِ )عن على رضى الله عنه ، رواه أبو يعلى في مجمع الزوائد .
وفى الحديث الآخر(إِنَّ الْعَبْدَ لا يُخْطِئِهُ مِنَ الْدُّعَاءِ إِحْدَى ثَلاثٍ : إِمَّا أَنْ تُعَجَّـــلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَ لَهُ فِي الآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يُدْفَعَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا )والبخاري في الأدب والحاكم عن أبي سعيد الخدرى والديلمي في الفردوس عن أنس .
(سَلُوا الله مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّ الله يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ وَأَفْضَلُ العِبَادَةِ انْتِظَارُ الفَرَجِ)رواه الترمذي من حديث ابن مسعود .
(إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِّ كَرِيمٌ، يَسْتَحِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى الْسَّمَاءِ ؛ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرَا) رواه الترمذي عن سلمان رضي الله عنه ، والصفر الخالي الفارغ .
وفي الحديث القدسي (فى سنن الترمذى)عن أنس(قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ ، وَلا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً) وعنه أيضا فى صحيح ابن حبان أنه قال(لا تَعْجِزُوا فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ لَنْ يَهْلِكَ مَعَ الدُّعَاءِ أَحَدٌ)(لاَ يَرُدُّ الْقَضَــاءَ إِلاَّ الدُّعَــاءُ وَلاَ يَزِيدُ فِي الْعُمُــرِ إِلاَّ الْبِـرُّ) جامع الأحاديث والمراسيل ومشكاة المصابيح والفتح الكبير عن سلمان رضي الله عنه .
وعن ابن عمر قال : قال رسول الله(مَنْ فُتِحَ لَهُ مِنْكُمْ بَابُ الدُّعَاءِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَمَا سُئِلَ اللَّهُ شَيْئَاً أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ الْعَافِيَةَ، إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ ، وفى رواية : فُتِحَتْ لَهُ أبْوَابُ الإِجَابَة وفي أخرى أَبْوَابُ الْجَنَّةِ) وفى الحديث الآخر(منْ نَزَلَتْ بِهِ فَـاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تُسَدّْ فَاقَتُهُ، وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِاللَّهِ، فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ) عن ابنِ مسعُودٍ جامع الأحاديث والمراسيل ومسند أبى يعلى.
وأيضــا قال عليه أفضل الصلاة والسلام(مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا ، قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ ، قَالَ : اللَّهُ أَكْثَرُ)عن عبادة بن الصامت ورواه أحمد فى مسنده عن أبى سعيد الخدري
وعن عَائِشَةَ فى مسند الشهاب ومجمع الزوائد قالت(قَالَ النَّبِيُّ : لاَ يُغْنِي حَـذَرٌ مِنْ قَـدَرٍ وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ وَإِنَّ الْدُّعَاءَ لَيَلْقى الْبَلاَءَ فَيَعْتَلِجَانِ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)وفى الحديث الآخر (دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بالصَّدَقَةِ وحَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بالزكاةِ ، وأَعِــدُّوا للبــلاءِ الدُّعَــاءَ).وعن ابن مسعود فى سنن البيهقي الكبرى
وروى ابن عساكر عن كعب فى جامع الأحاديث والمراسيل(قالَ النَّبِيُّ :أَوْحَى اللَّهُ تَعَالى إِلى دَاوُدَ : مَا مِنْ عَبْــدٍ يَعْتَصِمُ بي دُونَ خَلْقِي أَعْرِفُ ذلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ فَتَكِيدُهُ السَّموَّاتُ بِمَنْ فِيهَا إِلاَّ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ بَيْنِ ذلِكَ مَخْرَجَاً وَمَا مِنْ عَبْــدٍ يَعْتَصِمُ بِمَخْلُوقٍ دُونِي ، أَعْرِفُ ذلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ ؛ إِلاَّ قَطَعْتُ أَسْـبَابَ السَّمَاءِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَرْسَخْتُ الْهَوِيَّ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ وَمَا مِنْ عَبْــدٍ يُطِيعُنِي إِلاَّ وَأَنَا مُعْطِـيهِ قَبْلَ أَنْ يَسْـأَلَنِي ، وَمُسْـتَجِيبٌ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْعُـوَنِي ، وَغَـافِرٌ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَغْفِرَنِي)وعن حُذَيْفَةَ (لَيَـأَتِيَنَّ عَلى النَّـاسِ زَمَـانٌ لاَ يَنْجُـوَ فِيـهِ إِلاَّ مَنْ دَعَـا بِدُعَــاءٍ كَدُعَـاءِ الْغَرَقِ )
وعن عائشة فى مسند الشهاب والدرر المنتثرة ، قالت : قال رسول الله : إِنَّ الله يُحِبُّ المُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ)
وعن أنس رضي الله عنه فيما رواه الطبرانى قال : قال النبى(افْعَلُوا الخَيْرَ دَهْرَكُمْ وتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ الله فِانَّ لله نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وسَلُوا الله أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ ، وأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ )
كما روى الحاكم فى المستدرك ، عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما ، عن النبيّ أنه قال(يَدْعُو الله بِالْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقيامَةِ حتّى يُوقِفَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقولُ : عَبْدي إِنّي أَمَرْتُكَ أَنْ تَدْعوني وَوَعَدْتُكَ أَنْ أَسْتَجيبَ لَكَ ، فَهَلْ كُنْتَ تَدْعُوني ، فَيقولُ: نَعَمْ يا رَبّ ، فَيَقُولُ : أَما إِنَّكَ لَمْ تَدْعُني بِدَعْوَةٍ إلا اسْتُجِيبَ لَكَ ، فَهَلْ لَيْسَ دَعَوْتَني يَوْمَ كَذا وَكَذا لِغَمٍّ نَزَلَ بِكَ أَنْ أُفَرِّجَ عَنْكَ ؛ فَفَرَّجْتُ عَنْكَ ، فَيَقولُ : نَعَـمْ يا ربّ ، فَيقولُ : فَإِنّي عَجَّلْتُها لَكَ في الدُّنْيا وَدَعَوْتَني يَوْمَ كَذا وَكَذا لِغَمٍّ نَزَلَ بِكَ أَنْ أُفَرِّجَ عَنْكَ ؛ فَلَمْ تَرَ فَرَجاً ، قالَ : نَعَمْ يا ربّ ، فَيقولُ: إِنّي ادَّخَرْتُ لَكَ بِها في الْجَنَّةِ كَذا وَكَذا، قال رسول الله : فَلا يَدَعُ الله دَعْوَةً دَعَا بِهَا عَبْدُهُ الْمُؤْمِنُ إِلا بَيَّـنَ لَهُ ؛ إِمَّا أَنْ يَكونَ عَجَّلَ لَهُ في الدّنْيا ، وَإِمَّا أَنْ يَكونَ ادَّخَرَ لَهُ في الآخِرَةِ.، قَال : فَيَقُول الْمُؤْمِنُ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ : يَا ليْتَهُ لَمْ يَكُنْ عُجِّــلَ لَهُ شَيْءٌ فِي الْدُّنْيَــا مِنْ دُعَـائِهِ)
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع إن شـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فَضَيلَةُ الْدُّعَاء
ـاء اللهرغَّب الله عباده في والدعاء فقال{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ}فأطمع المطيع والعاصي والداني والقاصي في الإنبساط إلى حضرة جلاله برفع الحاجات والأماني بقوله{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }وقوله تعالى فى{ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }وفي الحقيقة ليس بعد تلاوة كتاب الله عبادة تُؤَدَّى باللسان أفضل من ذكر الله تعالى ورفع الحاجات بالأدعية الخالصة إلى الله تعالى ولذلك روى أصحاب السنن والحاكم والترمذي عن النعمان بن البشير رضي الله عنه أن النبي قال(إِنَّ الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةِ ، ثم قرأ{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ}وروى الترمذي والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله قال(لَيْسَ شَئٌ أَكْرَمَ عَلَى اللهِ مِنِ الْدُّعَاءِ)وأيضا(مَنْ لَمْ يَسْألِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيهِ)و أيضا :
( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ الله لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ والكُرَبِ ؛ فَلْيُكْثِرِ الْدُّعَاءِ فِي الْرَّخَاءِ)(الدُّعَاءُ سِـلاحُ المُؤْمِنِ وعِمَـادُ الدِّينِ ، وَنـُورُ السَّــماواتِ وأَلارْضِ )عن على رضى الله عنه ، رواه أبو يعلى في مجمع الزوائد .
وفى الحديث الآخر(إِنَّ الْعَبْدَ لا يُخْطِئِهُ مِنَ الْدُّعَاءِ إِحْدَى ثَلاثٍ : إِمَّا أَنْ تُعَجَّـــلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَ لَهُ فِي الآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يُدْفَعَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا )والبخاري في الأدب والحاكم عن أبي سعيد الخدرى والديلمي في الفردوس عن أنس .
(سَلُوا الله مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّ الله يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ وَأَفْضَلُ العِبَادَةِ انْتِظَارُ الفَرَجِ)رواه الترمذي من حديث ابن مسعود .
(إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِّ كَرِيمٌ، يَسْتَحِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى الْسَّمَاءِ ؛ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرَا) رواه الترمذي عن سلمان رضي الله عنه ، والصفر الخالي الفارغ .
وفي الحديث القدسي (فى سنن الترمذى)عن أنس(قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ ، وَلا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً) وعنه أيضا فى صحيح ابن حبان أنه قال(لا تَعْجِزُوا فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ لَنْ يَهْلِكَ مَعَ الدُّعَاءِ أَحَدٌ)(لاَ يَرُدُّ الْقَضَــاءَ إِلاَّ الدُّعَــاءُ وَلاَ يَزِيدُ فِي الْعُمُــرِ إِلاَّ الْبِـرُّ) جامع الأحاديث والمراسيل ومشكاة المصابيح والفتح الكبير عن سلمان رضي الله عنه .
وعن ابن عمر قال : قال رسول الله(مَنْ فُتِحَ لَهُ مِنْكُمْ بَابُ الدُّعَاءِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَمَا سُئِلَ اللَّهُ شَيْئَاً أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ الْعَافِيَةَ، إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ ، وفى رواية : فُتِحَتْ لَهُ أبْوَابُ الإِجَابَة وفي أخرى أَبْوَابُ الْجَنَّةِ) وفى الحديث الآخر(منْ نَزَلَتْ بِهِ فَـاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تُسَدّْ فَاقَتُهُ، وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِاللَّهِ، فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ) عن ابنِ مسعُودٍ جامع الأحاديث والمراسيل ومسند أبى يعلى.
وأيضــا قال عليه أفضل الصلاة والسلام(مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا ، قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ ، قَالَ : اللَّهُ أَكْثَرُ)عن عبادة بن الصامت ورواه أحمد فى مسنده عن أبى سعيد الخدري
وعن عَائِشَةَ فى مسند الشهاب ومجمع الزوائد قالت(قَالَ النَّبِيُّ : لاَ يُغْنِي حَـذَرٌ مِنْ قَـدَرٍ وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ وَإِنَّ الْدُّعَاءَ لَيَلْقى الْبَلاَءَ فَيَعْتَلِجَانِ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)وفى الحديث الآخر (دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بالصَّدَقَةِ وحَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بالزكاةِ ، وأَعِــدُّوا للبــلاءِ الدُّعَــاءَ).وعن ابن مسعود فى سنن البيهقي الكبرى
وروى ابن عساكر عن كعب فى جامع الأحاديث والمراسيل(قالَ النَّبِيُّ :أَوْحَى اللَّهُ تَعَالى إِلى دَاوُدَ : مَا مِنْ عَبْــدٍ يَعْتَصِمُ بي دُونَ خَلْقِي أَعْرِفُ ذلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ فَتَكِيدُهُ السَّموَّاتُ بِمَنْ فِيهَا إِلاَّ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ بَيْنِ ذلِكَ مَخْرَجَاً وَمَا مِنْ عَبْــدٍ يَعْتَصِمُ بِمَخْلُوقٍ دُونِي ، أَعْرِفُ ذلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ ؛ إِلاَّ قَطَعْتُ أَسْـبَابَ السَّمَاءِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَرْسَخْتُ الْهَوِيَّ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ وَمَا مِنْ عَبْــدٍ يُطِيعُنِي إِلاَّ وَأَنَا مُعْطِـيهِ قَبْلَ أَنْ يَسْـأَلَنِي ، وَمُسْـتَجِيبٌ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْعُـوَنِي ، وَغَـافِرٌ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَغْفِرَنِي)وعن حُذَيْفَةَ (لَيَـأَتِيَنَّ عَلى النَّـاسِ زَمَـانٌ لاَ يَنْجُـوَ فِيـهِ إِلاَّ مَنْ دَعَـا بِدُعَــاءٍ كَدُعَـاءِ الْغَرَقِ )
وعن عائشة فى مسند الشهاب والدرر المنتثرة ، قالت : قال رسول الله : إِنَّ الله يُحِبُّ المُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ)
وعن أنس رضي الله عنه فيما رواه الطبرانى قال : قال النبى(افْعَلُوا الخَيْرَ دَهْرَكُمْ وتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ الله فِانَّ لله نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وسَلُوا الله أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ ، وأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ )
كما روى الحاكم فى المستدرك ، عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما ، عن النبيّ أنه قال(يَدْعُو الله بِالْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقيامَةِ حتّى يُوقِفَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقولُ : عَبْدي إِنّي أَمَرْتُكَ أَنْ تَدْعوني وَوَعَدْتُكَ أَنْ أَسْتَجيبَ لَكَ ، فَهَلْ كُنْتَ تَدْعُوني ، فَيقولُ: نَعَمْ يا رَبّ ، فَيَقُولُ : أَما إِنَّكَ لَمْ تَدْعُني بِدَعْوَةٍ إلا اسْتُجِيبَ لَكَ ، فَهَلْ لَيْسَ دَعَوْتَني يَوْمَ كَذا وَكَذا لِغَمٍّ نَزَلَ بِكَ أَنْ أُفَرِّجَ عَنْكَ ؛ فَفَرَّجْتُ عَنْكَ ، فَيَقولُ : نَعَـمْ يا ربّ ، فَيقولُ : فَإِنّي عَجَّلْتُها لَكَ في الدُّنْيا وَدَعَوْتَني يَوْمَ كَذا وَكَذا لِغَمٍّ نَزَلَ بِكَ أَنْ أُفَرِّجَ عَنْكَ ؛ فَلَمْ تَرَ فَرَجاً ، قالَ : نَعَمْ يا ربّ ، فَيقولُ: إِنّي ادَّخَرْتُ لَكَ بِها في الْجَنَّةِ كَذا وَكَذا، قال رسول الله : فَلا يَدَعُ الله دَعْوَةً دَعَا بِهَا عَبْدُهُ الْمُؤْمِنُ إِلا بَيَّـنَ لَهُ ؛ إِمَّا أَنْ يَكونَ عَجَّلَ لَهُ في الدّنْيا ، وَإِمَّا أَنْ يَكونَ ادَّخَرَ لَهُ في الآخِرَةِ.، قَال : فَيَقُول الْمُؤْمِنُ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ : يَا ليْتَهُ لَمْ يَكُنْ عُجِّــلَ لَهُ شَيْءٌ فِي الْدُّنْيَــا مِنْ دُعَـائِهِ)
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع إن شـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ