أبو الحارث

22

2,543

من بعض اشعار الشيخ عائض القرني

أرضَ بالقرن مازلــــــــنا محبينا = لا البعدُ ينســــــي ولا الأعذارُ تثنينـا
فسائلي الغيمَ كم أســــــــقى معاطفَنا = وســـائلــــــي البرقَ كم أحيا مغانينــا
لي فيكِ يا دوحةَ الأمـجــادِ مــــلحمةٌ = محفـــــــورةٌ فــــي كتابٍ من ليالينــا
يوم الصبا كقميصِ الــــــــخزِ ألبسُه = والروضُ اخضرُ مـــــملوءٌ رياحينــا
والرملُ لوحي وأقلامـي غصونُ ندا = والربعُ يمطرهُ الــــــــقمريْ تلاحيـنـا
يا ارضَ بالقرن لو فتشتِ في خَلَدي = وجدتِ فيه أخاديدًا وتــــــــــــــأبيـنــا
جرحٌ من الحبِ يا بالقرن ما اندملتْ = أطرافُهُ باتَ يُقصينا ويُدنيــــــــــــنــا
قد زرتُ بعدكِ يا بالقـــرن كلَّ حمى = وطرتُ في الجو حتى جئتُ برليــنا
فما رضيتُ سواكم في الـــهوى بدلاً = لأنني عاشقٌ دنيــــــــــــاك والديــنا
رأيتُ باريسَ في جلبـــــــابِ راهبةٍ = شمطاءَ قد بلغتْ في العمـــرِ سبعيــنا
وأنتِ في ريَعَان العـــــــــمرِ زاهيةٌ = في ميعةِ الحسن إشراقاً وتــــــكوينــا
أتيتُ واشنطنًا لا طاب مـــــــربعُها = رأيتُ ساحتَها في الضيقِ سجِّـــــينــا
فلا نسيمَ كأرضي إذ يُصبِّـــــــــحنا = ولا ندى الطلِ في الوادي يمسِّينـــــا
ارضُ السنابلِ لا ارضَ القنابلِ يـــا = سِحْرَ الوجودِ ويا حرزَ المحبينــــــا
يا روضةً طالما هزَّتْ معاطـــــفَـها = كأنها بتبــــــــــــــــــــــاشيرٍ تحيينا
وربوةٍ كم درجنا في ملاعــــــــبهـا = عهدُ الطفولة يزهو من أمـــــــــانينا
والأربعــــــون على خدي مروِّعـةٌ = يا ليت أني أهادي ســــــــنَّ عشرينا
والغبنُ يكتــب فـي أضلاعنا خطبـًا = مدربُ القلف يعطينا تماريـــــــــــنا
يقتاتُ من لـــــحمنا غصْبًا ويجلُدنـا = ويستقي دَمَنا زورًا ويظــــــــــــمينا
وإن نظَمْنا بيوتَ الـــــشعرِ نـمدحـه = يظل بالشَّعَر المفتولِ يلوينــــــــــــا
إذا اقترحنا على أيامنـــــــــــا طلبًـا = ذقنا المنايا التي تـــــــــطوي أمانينا
آهٍ على قهوةٍ سمراءَ نـــــــــشربُــها = في غرفةٍ من ضميمِ الــطيِن تؤوينا
سِجادُها بحصيرِ النخلِ ننســــــجــه = وريشُها بنقي الصوفِ يــــــــــدفينا
بعنا الهمومَ بدنــــــــــيانا صيارفـةً = لســــــــــــــــنا جباةً وما كنا مرابينا
لم ندّخِرْ قوتَنا بخلاً ليـــــــــومِ غــد = ٍ لكل يومٍ طعامٌ سوف يأتيـــــــــــــنا
ونملأُ الضيفَ ترحابًا لننسيــــــــــَهُ = ما غـــــــابَ من أهــله عنه ويُنسينا
أمام غرفتِنا يجري الغديرُ علــــــى = صوتِ الـــــــــــحمـامِ بأبياتٍ يُغنينا
قلوبُ أصحابِنا طُـــــــهْرٌ وسيرتُهم = مثلُ الزلالِ الذي فــــي القيظِ يروينا
أيامَ لا كدلكٍ يعوي بحــــــــــــارتنا = ولا البواري تدوّي فـــــــــي نوادينا
واليومَ أموالُنا باتتْ تؤرقُـــــــــــــنا = همًا وأولادُنا بالغمِّ تؤذينــــــــــــــــا
إذا رفعنا بآياتٍ عقـــــــــــــــــيرتَنا = قالوا: غلوٌ وهذا خالفَ الدينـــــــــــا
وإن همسنا بحبٍّ في مجالِســـــــــنا = قالوا: يدبر أعـــــــــــــــمالاً لتردينا
وإن لبسنا بشوتًا عرَّضوا ســـــــفهًا = بأننا نزدهي فيها مرائينــــــــــــــــا
وإن تــــــــــقشَّف منا صـادقٌ ورِعٌ = قالوا: يخادِعُنا عمْدًا ويغويـــــــــــنا
إذا صمتنا اقضَّ الصمتُ مـضجعَهم = وإن نطقنا شربنا كأسَنا طيـــــــــــنا
إذا أجبْنا علـــــــــى الجوالِ أمطَرَنا = بالسبِّ مَنْ كان نغلــــــــــيه ويغلينا
وإن أبينا أتتـــــــــــــــنا من رسائله = مثل السعيرِ على الرمضــاء تشوينا
قلنا لهم هذه الأشياءُ حــــــــــــــلَّلَها = أبو حنيفة بل سُقنا البراهينــــــــــــا
قالوا: خرقتَ لنا الإجماعَ في شُـــبَهٍ = مِن رأيِك الفجِّ بالنــــــــــكراءِ تأتينا
وإن ضحكنا أضـــــــافونا بسخرية = صفراءَ تملؤنا غبنًا وتذويــــــــــــنا
وإن بكينا لظلوا شامتــــــــــــين بنا = كأنــــــــهم وحدَهُم صاروا موازينا
تفردوا بـــــــــــــــخطايانا وأشغلَهُم = عن ذكــــرِ سُوئِهُمُ المُرْدي مساوينا
ويفرحون إذا زل الــــــــــــنعال بنا = ويهزؤون بـــــــــمن يروي معالينا
ولا يرون سوى أغلاطِنا أبــــــــــدًا = فنقدُهُمْ صارَ في أهـــــــــوائهم دينا
وشتْمُهُمْ هو محضُ النصحِ عندهــمُ = وردُّنا هو زورٌ من مغاويــــــــــــنا
لحومُهُم عنــــــــــــدنا مسمومةٌ أبدًا = ولحمُنا صارَ تحت النقدِ سردينـــــا
فنحن عند الحداثيـــــــــــــــين قافلةٌ = من الخوارج نقفو النهجَ تالينـــــــــا
أما الغلاةُ فإنا عند شــــــــــــيخهمو = لسنا ثقاتٍ وما كنا موامينــــــــــــــا
ونحن في شرعِهِ خُنَّا عقيدتَنــــــــــا = من بائعين مبادينا وشاريـــــــــــــنا
حتى السياسي مرتابٌ ولو حلفــــتْ = لنا ملائكةٌ جاءوا مزكينــــــــــــــــا
كم مولَعٍ بـــــــــــخلافي لو أقولُ له = هذا النهارُ لقالَ الليلُ يضويـــــــــنا
إذا طلبنا جليســـــــــــــــًا لا يوافقُنا = واديه ليس على قربٍ بوادينـــــــــــا
فتاجرٌ لاهثٌ ألهتْهُ ثروتُـــــــــــــــه = عبدَ الدراهمِ قد عــــــادى المساكينا
وجاهلٌ كافرٌ بالحرفِ ما بـــصُرَت = عيناه سِفْرًا وما أمَّ الــــــــــــدواوينا
ومعْجَبٌ صَلِفٌ زاهٍ بــــــــــمنصبه = تواضعٌ منه فضلاً أن يماشيــــــــــنا
فالآن حلَّ لنا هجرُ الجمــــــيعِ وفي = لزومِ منزِلِنا غُنْمٌ يواســــــــــــــــينا
نصاحبُ الكُتُبَ الصفراءَ نـلْـــــثِمُها = نشكو لها صخَبَ الدنيا فتشــــــكينا
تضمُّنا من لهيبِ الهجرِ تمطِـــــرُنا = بالحبِّ تُضحِكُنا طورًا وتُبْكيـــــــــنا
ما في الخيامِ أخو وجدٍ نطارِحــــــُه = حديثَ نجدٍ ولا خلٌ يصافينـــــــــــا
فالزمْ فديتُك بيتًا أنتَ تسكُنُــــــــــــه = واصمتْ فكلُّ البرايا أصبحوا عيـنا
شكرًا لكم أيها الأعــــــداءُ فابتهجوا = صارت عداوتُكُم تينًا وزيتونــــــــا
علَّمتمونا طِلابَ المـــــجدِ فانطلقتْ = بنا المطامحُ تهدينا وتعلينــــــــــــــا
جزاكم اللهُ خيرًا إذْ بكم صــــــلحت = أخطاؤنا واستَفَقْنا من معاصينـــــــا
دلَلْتُمونا على زلاتِنا كــــــــــــــرمًا = وغيرُكُم بِسُكارِ المدحِ يُعمينــــــــــا
فسامِحونا إذا سالتْ مدامـــــــــــعُنا = من لذعِ أسياطِكُم كنتم مصيبينـــــــا
تجاوزوا عن زفيرٍ من جوانِحـــــنا = حلمًا على زفراتٍ في حواشينــــــــا
ثناءُ أحبابِنا قد عاقَ هــــــــــــــمتَنا = ولومُ حسادِنا أذكى مواضينــــــــــــا
ماذا لقينا من الدنيا وعشرتِـــــــــها = عشاقُها نحنُ وهي الدهرَ تقلينــــــــا
على مصائبها نــــــــاحتْ مواجعُنا = ومن نكائدِها ذابتْ مآقينـــــــــــــــــا
تغتالُنا بدواهيها وتنحـــــــــــــــرُنا = صارتْ مخالبـــــــــــُها فينا سكاكينا
والآن في البيــــــتِ لا خِلٌّ نُسَرُّ به = إلا الكتابُ يناجينا ويـــــــــــــشجينا

التعليقات (1)

دعاء طقطق     

أبيات في غاية الروعة.