من علامات الساعة.....
تحوّل الصحاري إلى جنات |
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: خرجنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَكَانَ يَجْمَعُ الصَّلَاةَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمًا أَخَّرَ الصَّلَاةَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا ثُمَّ قَالَ إِنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَيْنَ تَبُوكَ وَإِنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حَتَّى يُضْحِيَ النَّهَارُ فَمَنْ جَاءَهَا مِنْكُمْ فَلَا يَمَسَّ مِنْ مَائِهَا شَيْئًا حَتَّى آتِيَ فَجِئْنَاهَا وَقَدْ سَبَقَنَا إِلَيْهَا رَجُلَانِ وَالْعَيْنُ مِثْلُ الشِّرَاكِ تَبِضُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ قَالَ فَسَأَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ مَسَسْتُمَا مِنْ مَائِهَا شَيْئًا قَالَا نَعَمْ فَسَبَّهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُمَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ قَالَ ثُمَّ غَرَفُوا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْعَيْنِ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى اجْتَمَعَ فِي شَيْءٍ قَالَ وَغَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا فَجَرَتِ الْعَيْنُ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ أَوْ قَالَ غَزِيرٍ شَكَّ أَبُو عَلِيٍّ أَيُّهُمَا قَالَ حَتَّى اسْتَقَى النَّاسُ ثُمَّ قَالَ يُوشِكُ يَا مُعَاذُ إِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ أَنْ تَرَى مَا هَاهُنَا قَدْ مُلِئَ جِنَانًا* وتصدق نبوءة المصطفى صلى الله عليه وسلم بعد ألف وأربعمائة سنة, فتتحول المنطقة حول تبوك إلى مزارع عامرة بأفضل المزروعات, وأشهى الثمار والخضروات, وذلك لأن منطقة تبوك وما حولها تحوي أهم خزانات المياه تحت سطح الأرض في الجزيرة العربية (فتكون جبل الساق, ومتكونات مجموعة تبوك الرملية) والتي تتميز بتركيبها من الحجر الرملي عالي المسامية والنفاذية, وبمنكشف تزيد مساحته عن عدة عشرات الآلاف من الكيلو مترات المربعة إلى الغرب من تبوك تعمل كمصيدة هائلة لمياه الأمطار التي تتحرك من سطح الأرض إلى ما تحت سطحها يميل الطبقات إلى الشرق فتخزن تحت أرض تبوك كمخزون مائي متخم يمثل أكبر مخزون مائي في أرض شبه الجزيرة العربية . وهذا المخزون المائي الكبير قد تجمع خلال الفترات المطيرة من تاريخ شبه الجزيرة العربية, وقد ثبت أنه خلال الخمس والثلاثين ألف سنة الماضية مرت المنطقة بثماني دورات من دورات الجفاف التي تخللتها سبع دورات من المطر الغزير, ونحن نحيا في آخر دورة من دورات الجفاف تلك , ويبلغ متوسط هطول المطر فيها في السنة بحوالي التسعة سنتيمترات يصل نصفها إلى خزانات المياه تحت السطحية, ويتبخر الباقي أو يفيض إلى البحر . كذلك في صخور متكون تبوك سمك هائل من صخور الصلصال والطفل التي تتبادل مع الطبقات الرملية, وينتج عن تعرية هذه الطبقات المختلطة من الصخور الرملية والصلصالية والطفلية تربة من أجود أنواع الترب الصالحة للزراعة, وبذلك تهيأت منطقة تبوك بكل مبررات تحولها إلى جنان كما تنبأ المصطفى صلى الله عليه وسلم من قبل ألف وأربعمائة سنة ليس هذا فقط ... بل إن الأرض تتحرك الآن نحو الدخول في دورة جليدية جديدة, وحينما يزحف الجليد من أحد قطبي الأرض, أو منهما معًا في اتجاه خط الاستواء تتصحر الأرض التي تكسى بالجليد تصحرًا جليديًا فتهلك النباتات, وتهاجر الحيوانات, ويرحل السكان, وفي نفس الوقت يتحول الحزام الصحراوي الممتد من موريتانيا غربًا إلى أواسط آسيا شرقًا إلى منطقة مطر غزير كما حدث مرات من قبل, وحينئذ تفيض الأودية الجافة أنهارًا , وتكسى الصحارى القاحلة بالخضرة فتتحول مروجًا بهيجة تصديقًا لنبوءة المصطفى صلى الله عليه وسلم التي قالها في حديث صحيح يرويه عنه أبو هريرة رضي الله عنه ؛ حيث قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لن تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا" . وتأتي المعارف المكتسبة في كل من مجالي علوم الأرض وعلوم المناخ لتؤكد على أن أرض العرب كانت مروجًا وأنهارًا, وعلى أنها سوف تعود مروجًا وأنهارًا كما كانت, ويأتي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نحن بصدده يتحدث عن منطقة تبوك بصفة خاصة, وعن أرض العرب بصفة عامة على أنها سوف تمتلئ جنانًا في عصر يلي عصر النبوة الخاتمة فيقول صلى الله عليه وسلم مخاطبًا راوي الحديث سيدنا معاذ بن جبل رضي الله تبارك وتعالى عنه : "يوشك يا معاذ, إن طالت بك حياة أن ترى ما ههنا قد ملئ جنانًا" . وهنا يبرز التساؤل المهم: من غير الله الخالق يمكن أن يكون قد أخبر هذا النبي الأمي من قبل ألف وأربعمائة سنة بتلك الحقائق العلمية التي لم يتوصل الإنسان إلى إدراك شيء منها إلا منذ عشرات قليلة من السنين؟. ومن الذي كان يضطره إلى الخوض في مثل هذه الأمور التي كانت غائبة عن الناس – كل الناس – في زمانه صلى الله عليه وسلم وللعديد من القرون المتطاولة من بعده, لولا أن الله تعالى الذي ألهمه النطق بها يعلم بعلمه المحيط أن الإنسان سوف يصل في يوم من الأيام إلى اكتشاف تلك الحقائق, فتبقى هذه الومضات النورانية في كتاب الله, وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم شهادة حق على أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق, وعلى أن هذا النبي الخاتم كان موصولاً بالوحي, ومُعَلَّمًا من قِبَلِ خالق السماوات والأرض, وصدق الله العظيم إذ يقول في وصف هذا النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم : { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى }........ |
إنا لله وإنا إليه راجعون..
جزاكِ الله خيرا..