عزت عودة

55

1,445

أرجعها ان استطعت








لم يستطع الصديق أن يمنع لسانه من إطلاق قذائفه على صاحبه الذي أغضبه ، كان كلامه حاداً ، قاسياً


، حمل كل ما في نفسه من غضب وضيق وحنق .


وعاد كل من الصديقين إلى داره ، الغاضب هدأ وعاد لرشده ، والمغضوب عليه حزين غير مصدق أن


يؤلمه صديقه بهذه الكلمات القاسية الملتهبة .


وبعدما عاد للغاضب رشده ، ندم وتألم ، وضاقت عليه الدنيا بما رحبت . إن كلامه كان جد قاسيا . ليت الكلمات تعود مرة أخرى إلى جوف المرء منا .. هكذا قال لنفسه ، وتمنى في ألم ! .
وقرر الصديق أن يعتذر لصديقه ويستسمحه ، وبالفعل ذهب إليه معتذراً ومنكسراً ، طالباً منه العفو والغفران ، وقبل الصديق اعتذر صاحبه ، وغفر له قسوة كلامه وشدة عباراته الجارحه .
لكن الصديق المعتذر لم يسامح نفسه ، وأحس أن هناك شيئاً قد انكسر في علاقته بأخيه ، حار فكره في كيف يعيد الماء إلى مجاريها ، ويمزق تلك الصفحة المؤلمة من دفتر علاقته بصديقه .
وذهب إلى رجل حكيم طالما كان يقصده طلبا للمشورة والرأي السديد ، فقال له الحكيم : طاوعني فيما أطلب منك ، ولك مني النصيحة الصادقة .
فوافقه الصديق النادم بلا إبطاء ، فقال له الحكيم : خذ هذا الكيس الصغير ، إن به عشرون ريشة من ريش الدجاج ، ضع أمام كل بيت من بيوت حارتنا واحدة ، ثم عد إلي ! .
لم يجادله الرجل في طلبه ، بل أجابه وأخذ منه الكيس ، وفعل ما أمره به الرجل الحكيم .
وعندما عاد أدراجه قال له الحكيم : الآن إذهب وعد إلي بالريش مرة أخرى ! .
فذهب صاحبنا وعاد والكيس فارغة ، فالريش قد أطارتها الرياح بعيدا .
هنا ابتسم الحكيم قائلا : وكلامنا كالريش ، يخرج منا ويطير أبعد مما كنا نظن ، و لا نستطيع إرجاعه أو السيطرة عليه ما دام قد فارق شفاهنا .
سهل جداً أن ننثر الريش هنا وهناك ، كما أنه سهل كذلك أن نتفوه بالكلمات والعبارات القاسية ، لكننا إذا أحببنا أن نعيد أي منهما مرة ثانية فالأمر ليس بالسهل أو اليسير .
إن الحكمة التي عناها الحكيم هي أن التحكم في السلوك على صعوبته ، أيسر مؤنة من إرجاع الكلمة القاسية أو السلوك المندفع .
وأننا إذا أحببنا امتلاك أفئدة الناس ، فيجب أن نمرن أنفسنا على ضبط النفس ، والتحكم في المشاعر والأحاسيس المختلفة .
إن اللسان يجرح الفؤاد كما يجرح السكين جسد المرء منا ، وكما أن التئام جرح البدن شيء غير مستغرب ، فإن التئام جرح الفؤاد كذلك ممكنا خاصة إذا صاحبه اعتذار جميل وصفح وقبول للمعاذير ، بيد أن الجرح ـ سواء الجسدي أو الحسي ـ حتى وإن اندمل ، ما يلبث يترك أثر يدلل عليه حتى آخر العمر .
فما الذي يضطرنا إلى ترك آثار سيئة في أفئدة الآخرين ، تخبرنا وإياهم كم كنا قساة مخطئين .
تعلم يا صديقي تلك الحكمة ، وتذكر الريش المتطاير وصعوبة جمعه ، ولا تتفوه أو تفعل ما قد تندم على فعله وتتمنى إرجاعه

التعليقات (6)

قسورة     
ibrahim     

حكمة جميلة وواقعية


سلمت يدااك


تم التقييم

عزت عودة     
نايا *     

هذا الموضوع من أهم المواضيع في حياتنا كيف نعيد الزمن إلى الوراء كي لانقول ما قلنا نجلس أعوام في بناء علاقتنا مع من نحب ولا نحتاج إلا إلى دقائق لنهد كل شي ..............


أنا كنت هيك بس عم درب حالي


وقت إزعل من صديقتي ببعد شوي وما بحب أحكي بالموضوع فورا ومابحب أحكي لاي شخص عن يلي مزعجني منها


بس بجلس مع حالي وبتذكر مواقفها الجميلة معي وكلامها وتصرفاتها وبحطهن بكفة


والموقف يلي مزعجني بكفة تانية


بلاقي الموقف كتير بسيط ومو مستاهل


بس أهم شي ما تحاكني فورا بالموضوع تتركني لو ساعة



شكرا


تميز ...تفوق ... ابداع

majdjod     

كم ندمنا على كثير من الكلام قد قلناه
ولم نندم أبدا على كلام لم نقله
لسانك حصانك إن صنته صانك وإن هنته أهانك
شكرا على الموضوع القيم تم التقييم

sawsan     

يجب أن نعيد التفكير بكل كلمة سننطقها

لأنها حين تخرج لن تعود و لن تنسى

مشكور