ولقد همت به وهم بها
إن ترك المعاصي كلها لا يقوى عليه إلا الصديق ، وفعل المأمور به قد يقدر عليه كل الناس بقدر الطاقة؛
ولذا جاء عن عمر رضي الله تعالى عنه قال:
( عجب ربنا لشاب ليست له صبوة! )
لأن ترك المعاصي ليس بالأمر الهين.
ولما سئل أيهما خير: شخص تراوده نفسه لعمل المعاصي فيكف أو شخص لا تراوده نفسه أبداً؟ فأيهما أقوى وأفضل عند الله؟ قال: الشخص الذي تراوده نفسه ويمنعها أفضل من الشخص الذي لا تراوده نفسه.
وبهذا نعلم تفسير قوله تعالى: : { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا }
[يوسف:24]
ونعلم وجه الرد على من قال: كيف يهم بها وهو نبي؟!
وقد أجاب العلماء
بأن الهم الموجود عند يوسف عليه السلام هو الدواعي الجبلية في الإنسان،
فأي إنسان كان جائعاً ورأى طعاماً، فالنفس بطبيعتها تشتهي هذا الطعام،
ولكن يأتي بعد ذلك النظر: هل هو حلال فيأكل منه أو هو حرام -كأن يكون ملكاً لغيره أو محرماً لذاته- فيكف عنه؟
لكن رغبة النفس موجودة، فالقدرة هنا والعفة والتقى أن يكف يده عما ليس له فيه حق.
ولو كان مريضاً سقيماً ولم يأكل منه لتلك العلة، وقال: أتعفف عن الحرام، وليس الأمر كذلك، وإنما الذي منعه المرض
، أما نبي الله يوسف فلو لم يكن لديه ميل فطري، وغريزة الجنس؛ لما كان مكتملاً من الناحية الإنسانية،
قال الله: { لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ } [يوسف:24]
إذاً: هو كف الهم الجبلي الذي يراود النفس،
ولكن عصمه الله، فكف عن الحرام مع وجود الدوافع؛
وهنا تكمن قيمة العفاف وفضله، لا ذلك العجز الذي يريد البعض أن يصفوا به نبي الله يوسف .
إذاً: المرأة كانت حريصة غاية الحرص على أن يحصل ما همت به، فغلقت الأبواب، وقالت: هيت لك،
ولكن هو ما هم، ولا حرص أن يفعل، وإنما عرضت عليه خطرات النفس البشرية،
ولكنه كف مع وجود الدوافع،
والحرص على الفعل قد يكون له حكم الفعل
كما في الحديث:
( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قيل: هذا القاتل، فما بال المقتول؟! قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه )،
ففرق بين من هم وكان همه مجرد خطرات تتردد في النفس، وبين من هم هماً جازماً مؤكداً وما رده إلا العجز والتقصير.
والله أسأل أن يوفقنا وإياكم جميعاً لما يحبه ويرضاه، وأن يجعل طلبنا للعلم خالصاً لوجه الله، وأن
يرزقنا وإياكم العلم النافع، وأن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
وأعتز من الجميع على تغيبي هذه المده ولاكن كنت أمر بظروف صعبه
شكرااااااااااااااا
بارك الله فيك
جزاك الله خيرا
مواضيعك مميزة كالعادة
الحمد لله على سلامتك وعلى عودة مواضيعك القيمة التي تدل على الوعي الكبير والفهم العميق
والخبرة الكبيرة