فيصل78

50

2,374

حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم







الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه .
أما بعد :

فقد تكرر السؤال من كثير عن حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ، والقيام له في أثناء ذلك ، وإلقاء السلام عليه ، وغير ذلك مما يفعل في الموالد .

والجواب أن يقال :

لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا غيره ؛ لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ، ولا خلفاؤه الراشدون ، ولا غيرهم من الصحابة ـ رضوان الله على الجميع ـ ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة ، وهم أعلم الناس بالسنة ، وأكمل حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومتابعة لشرعه ممن بعدهم .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ، أي : مردود عليه ، وقال في حديث آخر : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة " .
ففي هذين الحديثين تحذير شديد من إحداث البدع والعمل بها .
وقد قال الله سبحانه في كتابه المبين : ( ومآ ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) ( سورة الحشر : 7 ) ، وقال عز وجل : ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) ( سورة النور : 63 ) ، وقال سبحانه : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) ( سورة الأحزاب : 21 ) ، وقال تعالى : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم ) ( سورة التوبة : 100 ) ، وقال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) ( سورة المائدة : 3 ) .
والآيات في هذا المعنى كثيرة .
وإحداث مثل هذه الموالد يفهم منه : أن الله سبحانه لم يكمل الدين لهذه الأمة ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به ، حتى جاء هؤلاء المتأخرون فأحدثوا في شرع الله ما لم يأذن به ، زاعمين : أن ذلك مما يقربهم إلى الله ، وهذا بلا شك فيه خطر عظيم ، واعتراض على الله سبحانه ، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين ، وأتم عليهم النعمة .
والرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين ، ولم يترك طريقاً يوصل إلى الجنة ويباعد من النار إلا بينه للأمة ، كما ثبت في الحديث الصحيح ، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم " رواه مسلم في صحيحه .
ومعلوم أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء وخاتمهم ، وأكملهم بلاغاً ونصحاً ، فلو كان الاحتفال بالموالد من الدين الذي يرضاه الله سبحانه لبيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة ، أو فعله في حياته ، أو فعله أصحابه رضي الله عنهم ، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه ليس من الإسلام في شيء ، بل هو من المحدثات التي حذر الرسول صلى الله عليه وسلم منها أمته ، كما تقدم ذكر ذلك في الحديثين السابقين .وقد جاء في معناهما أحاديث أُُخر ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة : " أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة " رواه الإمام مسلم في صحيحه .
والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة .
وقد صرح جماعة من العلماء بإنكار الموالد والتحذير منها ؛ عملاً بالأدلة المذكورة وغيرها .
وخالف بعض المتأخرين فأجازها إذا لم تشتمل على شيء من المنكرات ؛ كالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكاختلاط النساء بالرجال ، واستعمال آلات الملاهي ، وغير ذلك مما ينكره الشرع المطهر ، وظنوا أنها من البدع الحسنة .
والقاعدة الشرعية : رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله ، وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .
كما قال الله عز وجل : ( يآأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً ) ( سورة النساء : 59 ) ، وقال تعالى : ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) ( سورة الشورى : 10 ) .
وقد رددنا هذه المسألة ـ وهي الاحتفال بالموالد ـ إلى كتاب الله سبحانه ، فوجدنا يأمرنا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ويحذرنا عما نهى عنه ، ويخبرنا بأن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينها ، وليس هذا الاحتفال مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيكون ليس من الدين الذي أكمله الله لنا وأمرنا باتباع الرسول فيه ، وقد رددنا ذلك ـ أيضاً ـ إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فلم نجد فيها أنه فعله ، ولا أمر به ولا فعله أصحابه رضي الله عنهم ، فعلمنا بذلك أنه ليس من الدين ، بل هو من البدع المحدثة ، ومن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى في أعيادهم .
وبذلك يتضح لكل من له أدنى بصيرة ورغبة في الحق وإنصاف في طلبه أن الاحتفال بالموالد ليس من دين الإسلام ، بل هو من البدع المحدثات التي أمر الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم بتركها والحذر منها .
ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بكثرة من يفعله من الناس في سائر الأقطار ، فإن الحق لا يعرف بكثرة الفاعلين ، وإنما يعرف بالأدلة الشرعية ، كما قال تعالى عن اليهود والنصارى : ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) ( سورة البقرة : 111 ) ، وقال تعالى : ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) ( سورة الأنعام : 116 ) .
ثم إن غالب هذه الاحتفالات بالموالد مع كونها بدعة لا تخلو من اشتمالها على منكرات أخرى ؛ كاختلاط النساء بالرجال ، واستعمال الأغاني والمعازف ، وشرب المسكرات والمخدرات ، وغير ذلك من الشرور ، وقد يقع فيها ما هو أعظم من ذلك وهو الشرك الأكبر ، وذلك بالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو غيره من الأولياء ، ودعائه والاستغاثة به وطلبه المدد ، واعتقاد أنه يعلم الغيب ، ونحو ذلك من الأمور الكفرية التي يتعاطاها الكثير من الناس حين احتفالهم بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره ممن يسمونهم بالأولياء .
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبده ، فقولوا : عبد الله ورسوله " أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عمر رضي الله عنه .
ومن العجائب والغرائب : أن الكثير من الناس ينشط ويجتهد ي حضور هذه الاحتفالات المبتدعة ، ويدافع عنها ، ويتخلف عما أوجب الله عليه من حضور الجمع والجماعات ، ولا يرفع بذلك رأساً ، ولا يرى أنه أتي منكراً عظيماً ، ولا شك أن ذلك من ضعف الإيمان وقلة البصيرة ، وكثرة ما ران على القلوب من صنوف الذنوب والمعاصي ، نسأل الله العافية لنا ولسائر المسلمين .
ومن ذلك : أن بعضهم يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد ؛ ولهذا يقومون له محيين ومرحبين ، وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة ، ولا يتصل بأحد من الناس ، ولا يحضر اجتماعاتهم ، بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة ، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة ، كما قال الله تعالى في سورة المؤمنون ( 15 ـ 16 ) : ( ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة ، وأنا أول شافع ، وأول مُشَفَّعٍ " عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام .
فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث ، كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة ، وهذا أمر مجمع عليه بين علماء المسلمين ليس فيه نزاع بينهم ، فينبغي لكل مسلم التنبه لهذه الأمور ، والحذر مما أحدثه الجهال وأشباههم من البدع والخرافات التي ما أنزل الله بها من سطان . والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا به .
أما الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي من أفضل القربات ، ومن الأعمال الصالحات ، كما قال تعالى : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يآ أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ) ( سورة الأحزاب : 56 ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً " ، وهي مشروعة في جميع الأوقات ، ومتأكدة في آخر كل صلاة ، بل واجبة عند جمع من أهل العلم في التشهد الأخير من كل صلاة ، وسنة مؤكدة في مواضع كثيرة ، منها بعد الأذان ، وعند ذكره عليه الصلاة والسلام ، وفي يوم الجمعة وليلتها ، كما دلت على ذلك أحاديث كثيرة .
والله المسؤول أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه ، وأن يمن على الجميع بلزوم السنة والحذر من البدعة ، إنه جواد كريم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه .



رسالة " حكم الاحتفال بالمولد النبوي "



الشيخ الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله

التعليقات (5)

mustafa000     
بسم الله الرحمن الرحيم
(مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف)
الحمـد لله رب العالـمين ، ذو الفضل والمنة والإحسان ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، الذي أنار الوجود بمولد أعظم بني الإنسان ، من كان خُلُقه القرآن ، ونشهد أن سيدنا محمداً رسول الله حبيب الله ومصطفاه وخليل الله ومجتباه صلى الله عليه وعلى آله أهل العرفان وأصحابه أهل الرضوان ، وسلم تسليماً كثيراً على مَرِّ الدهور والأزمان .
أما بعد ...
فإنه كلما أشرقت على الأمة الإسلامية ذكرى ميلاد خير البرية  كلما سعدت القلوب بها وتوالت معها مراحل من حياة رسولنا الكريم  على خواطر المؤمنين لهذا فقد أجمع علماء الأمة الإسلامية منذ القرن الثالث الهجري على إحياء ذكرى ميلاده  وسرد سيرته العطرة في المجامع لما فيها من ربط آخر هذه الأمة بأولها وتذكير للأجيال اللاحقة بمناقبه وأخلاقه وإظهار لمحبته والوفاء له  .
فهناك الكثير من المسلمين من يحتاج إلى التذكير بالفضائل والشمائل المحمدية للاقتداء به  وهذا يفيده الاحتفال والحفاوة والتكريم وسرد السيرة العطرة وإظـهار البهجة والسرور والفرح به  كلما مرت ذكرى المولد الشريف وقال تعالى :  وَذكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المْؤمِنِينَ 
وقد زعم أناس ممن لا دراية لهم ولا رواية أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة ولا يجوز فعله ، وهذا القول لا يصدر إلاَّ عمن جهل المنقول ولم يشم رائحة العلم ، وإن من المصائب العظيمة أن يختلف فى هل يستحق نبيها  أن يفرح به أو لا وأن يتحول التعبير عن الفرح والسرور بالنبي إلى الاتهام بأن هذا منكر ويحتاج إلى دليل وإثبات لحقّيته ، فهذا الأمر لا يحتاج إلى جهد كبير لمعرفته فمن فهم أن سيدنا محمدا  ( رسول الله ) حق الفهم ، فإن ذلك يظهر له أن عليه محبته  واحترامه وتعظيمه والبهجة والسرور به  في كل وقت .
وحاصل هذا الأمر أن الفرح به  وتحيُّن المناسبات لإظهار البهجة والحبور بالحبيب  إنما دافعه هو المحبة للنبىّ التي هي من الإيمان ، ومن حرم المحبة فليبك على نفسه .
أما ما يحتج به بعض مدعي العلم على عدم جواز الاحتفال بهذه الذكرى العطرة من أن الصحابة  لم يحتفلوا بذكرى ميلاد النبي  فهذا قول مردود عليهم ، فالقاعدة التى عليها كلّ المسلمين ما قاله عبد الله بن مسعود : ما رءاه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رءاه المسلون قبيحا فهو عند الله قبيح .وهى قاعدة لا يختلف فيها مسلمان فكلّ أئمة الإسلام حين ظهر عمل المولد فى القرن السادس الهجرىّ والذى عمله أولا الملك التقىّ المجاهد المظفّر ملك إربل فقبل ذلك كلّ علماء الإسلام ولم يظهر فيهم منكر لذلك ولا التفات إلى الشّرذمة الشّاذة نفاة التوسّل المشبّهة .
فهؤلاء لا يظهر فيهم أثر إظهار الدليل فى الغالب
ولتطمئن عقول الناس وتتخلص مما قد يكون علق بها من شكوك وتضليل ، نسوق إليهم ما قاله علماء الأمة في بيان مشروعية الاحتفال بمولد سيد الكائنات 
- إن الفرح به  مطلوب بأمر القرآن في قوله تعالى:
 قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون  سوره يونس 58 .
قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية الكريمة : فضل الله : هو الإسلام ، ورحمته : هو رسول الله 
أليس في قمة الفضل والرحمة سيدنا محمد  .. بل إذا أطلقت رحمة الله فى مواضع فالمراد بها النبي  لقوله تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَـك إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالمَينَ  الأنبياء 107 .
وقال عليه السلام إنما أنا رحمة مهداة  رواه الحاكم .
- وقال تعالى :
 فَالَّذِينَ آمَنَوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ المْفلِحُونَ  الأعراف 157 .
ومعنى ( عزروه ) : أكرموه وعظموه ، وإكرامه وتعظيمه  لا يختص بزمانه بل هو واجب في كل الأزمنة فتكون إقامة المجالس لإحياء ذكرى مولده 
وإنشاء الخطب والمحاضرات والمدائح بذكر شمائله  مصداقاً جلياً لقوله تعالى:  وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ  لما في هذه المحافل من تعظيم لقدره  وحث المسلمين على التمسك بآدابه وأخلاقه العظيمة  .
- قال تعالى :  ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ  الحج 32 .
و إذ علمت _ أخي المسلم _ أن تعظيم الشعائر التي جاء بها النبي  علامة من علامات التقوى فسيدنا محمد  هو أصل الشعائر التي أمرنا الله تعالى بتعظيمها فتعظيمه واحترامه  من التقوى ، والاحتفال بذكرى مولده نوع من التعظيم والاحترام له  .
- والاحتفال بمولده الشريف يبعث على الصلاة والسلام عليه  المطلوبين بقوله تعالى :  إِنَّ الله َوَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يـَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا  الأحزاب 56 .
وما كان يبعث على المطلوب شرعاً فهو مطلوب شرعاً فكم للصلاة علـى النبي  من نفحات وفوائد نبوية وإمـدادات محمدية يسجد القلم في محراب البيان عاجزاً عن تعداد آثارها ومظاهر أنوارها ، ومجالس الاحتفال بالمولد الشريف هي الأماكن الأكثر ذكراً للصلاة والسلام على النبي  وبهذا يكون أهـلها الأكثر تعرضاً لهذه النفـحات والإمـدادات المحمدية .
- قال تعالى :  قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ  المائدة 114 .
فإذا كانت المائدة السماوية سببًا لاتخاذ يوم نزولها عيدًا فلماذا لا يجوز أن نتخذ يوم مولده  عيدًا إذ هو مولد حبيب الله ومصطفاه ورسوله ومجتباه ، وهل يستطيع أحد ما أن يدعي أن وجوده  وما جاء به من الحق أقل بركة من المائدة التي نزلت على المسيح عليه السلام وتلاميذه ؟!! ..
- وقال تعالى :  وذكرهم بأيام الله  فلا شك أن مولد النبي  من أيام الله المباركة فيكون احتفالنا به تطبيقا لأمر الله تعالى ، وما كان كذلك فلا يكون بدعة قبيحة بل يكون سنة حسنة إحياء لحب رسول الله  في القلوب .
ومما ورد في السنة الشريفة المطهرة في جواز الاحتفال والابتهاج بمولده :
-عن أبى قتادة  أن رسول الله  سُئل عن صوم يوم الاثنين فقال  :
 فيه ولدت وفيه أنزل عليّ  رواه مسلم
فهذا الحديث أعظم دليل على أنه  أول المحتفلين بيوم مولده حيث كان يميزه عن غيره من الأيام بتخصيصه بالصيام شكراً لله تعالى على تفضله عليه بأن أظهره رحمة للعالمين .


- ويؤخذ من قوله  في فضل يوم الجمعة ، وعد مزاياه ( وفيه خلق آدم ) تشريف الزمان الذي ثبت أنه ميلاد نبي من الأنبياء عليهم السلام فكيف باليوم الذي ولد فيه إمام الأنبياء وزين المرسلين  فهو أولى بالتعظيم والتشريف .
ولا يخفى على أهل الفهم أن الإجماع هو الحجة الثالثة في الدين بعد كتاب الله وسنة رسوله  ، فقد ثبت عن ابن مسعود  أنه قال  ما رآه المسلمون حسناً فهو حسن عند الله  والاحتفال بالمولد حسن لإجماع المسلمين عليه .
- ومن الثابت أن عبد المطلب جد النبي  , قد ذبح عقيقة في اليوم السابع لميلاده  وسماه محمداً .
وقد ورد في الشعب للبيهقي عن سيدنا أنس بن مالك  أن رسول الله  قد أولم بذبح عقيقة عن نفسه بعد ذهابه إلى المدينة , علماً بأن العقيقة تذبح بعد أسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة ولكن كونه  يذبح شاتين عقيقة عن نفسه بعد هذا العمر معناه أنه عليه الصلاة والسلام احتفل بميلاده في حياته , وهذا يعني جواز الاحتفال مرة ثانية .
ويتأكد ذلك بما ثبت في الصحيح أنه  قد ذبح ثلاثاً وستين بدنة في حجة الوداع وهي بعدد سني عمره الشريف ، والمتأمل في هذا الفعل من النبي يجد كأنه احتفال  بميلاده جملة بذبح هذا العدد دفعة واحدة , لأنه  قد توفي في هذا العام .
وقد أقر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف كثير من علماء الأمة والذين أجمعت الأمة على عدالتهم وعنهم أخذت دينها كالإمام الشافعي والحافظ أحمد بن حجر العسقلاني وتلميذه الحافظ السخاوي والحافظ جلال الدين السيوطي والحافظ ابن كثير والحافظ ابن الجوزي والحافظ ابن دحية الأندلسي والحافظ شمس الدين ابن الجزري والحافظ شمس الدين الدمشقي وغيرهم كثير وألفوا كتبا تأييداً لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف .
وإليك – أخي المسلم – بعضاً من أقوالهم :

وروى البيهقي عن الإمام الشافعي  أنه قال : (( المحدثات من الأمور ضربان أحدهما مما يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً فهذه البدعة الضلالة والثاني ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد منها وهذه محدثة غير مذمومة وقد قال عمر بن الخطاب  في قيام شهر رمضان بصلاة رجل واحد نعم البدعة هي ))
قال الإمام السيوطي : (( وعمل المولد ليس فيه مخالفة لكتاب ولا سنة ولا أثر ولا إجماع فهي غير مذمومة كما في عبارة الشافعي )) .
وقال سلطان العلماء العز بن عبد السلام : (( أصل الاجتماع لإظهار شعار المولد مندوب وقربة لأن ولادته  أعظم النعم علينا , والشريعة حثت على إظهار شكر النعم )) .
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني : ( وقد ظهر لي تخريجه - أي عمل المولد - على أصل ثابت وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي  قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا هو يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى فنحن نصومه شكراً لله تعالى فقال  (( نحن أولى بموسى منكم ))
فيستفاد منه فعل الشكر على ما منّ به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة ويعاد في نظير ذلك اليوم من كل سنة )
وبعد كل ما تقدم من أدلة واضحة من الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة العدول , بحيث لا يبقي لمن له عقل وفهم وفكر سليم حجة لإنكار ما سلكه سلفنا الصالح في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف .
وأما ما ظهر من بعض الجهلة المتطفلين على موائد العلم من إنكار على الاحتفال بهذه الذكرى المباركة خارجين بذلك على إجماع علماء الأمة , ومتتبعين أذيال اليهود في كرههم للنبي  وحرصهم الشديد على نزع محبته من قلوب المسلمين بالتشكيك في كل ما هو من شأنه تعظيم واحترام وتمسك بنبينا  .
فهؤلاء يحتفلون في أقطارهم بأعيادهم الوطنية وملوكهم وعظمائهم بالشهور والأعوام بإقرار من مشايخهم وكل هؤلاء الملوك الذين يحتفلون بذكراهم ماذا يكونون أمام عظمة هذا النبي العظيم .
يقولون هذا عندنا غير جائز فمن أنتم حتى يكون لكم عند
وإذا كانت كل أمة تعتز بذكرى زعمائها وأبطالها الذين أنقذوها من الظلم وأشاعوا فى بلدانهم وسلكوا بها طريق السعادة وإذا كانت الأمم تحي ذكرى أنبيائها الذين جاءوا لسعادة هذه الأمم وبث نور الهداية بينها .
إذا كان كل ذلك كذلك ،ظهر أن علينا إظهار الحقّ فى ذكرى ميلاد سيّد البشرية جمعاء الذى به أنقذ من أنقذ من وهاد الشرك والظلم وهاديها إلى نور الإيمان والمحبة والمودة بين المؤمنين لأن هذه الذكرى العطرة وهذه الاحتفالات ، وما يتلى فيها من قصة مولده ، ومناقبه ، وغزواته  ، تعتبر دروساً يستفيد منها عامة المسلمين، وكذلك تثبيتاً لحب النبى  فى ضمائر الأجيال ، وتذكيراً للشباب المسلم بالمواقف العظيمة التى قام بها عظماء هذه الامة ، كذكرى الهجرة والغزوات والفتوحات والتضحيات .
فبمولد من نحتفل إن لم نحتفل بمولد رسول الله  ، وبمن نفرح إن لم نفرح بمولد حبيب الله  ولا يخفى على العاقل ما فى هذه المجالس من فوائد وثواب جزيل ،
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
sawsan     

مشكور أخي


كتاكيتو     

بارك الله بك موضوع رائع ومهم
جزاك الله كل خير

عربيات     

شكرااااااااااا
بارك الله فيك

عزت عودة     

شكرا لك


فالاسلام يحرم علينا الاحتفال باي عيد ماعدا عيد الفطر وعيد الاضحى