وردالشام

63

1,434

سبحانك .. ما عبدناك حق عبادتك



بسم الله الرحمن الرحيم


******************


السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


******************


قال ابن القيم رحمه الله :


إن في القلب شعث : لا يلمه إلا الإقبال على الله


وعليه وحشة : لا يزيلها إلا الأنس به في خلوتك


وفيه حزن : لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته


وفيه قلق : لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه


وفيه نيران حسرات : لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه


وفيه طلب شديد : لا يقف دون أن يكون هو وحده المطلوب


وفيه فاقة : لا يسدها الا محبته ودوام ذكره والاخلاص له ، ولو أعطى الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا!!






فمثل أهل الدنيا في غفلتهم كمثل قوم ركبوا سفينة فانتهوا إلى جزيرة معشبة فخرجوا لقضاء الحاجة فحذرهم الملاح من التأخر فيها وأمرهم أن يقيموا بقدر حاجتهم وحذرهم أن يقلع بالسفينة ويتركهم ، فبادر بعضهم فرجع سريعا فصادف أحسن الأمكنة وأوسعها فاستقر فيه ، وانقسم الباقون فرقا الأولى استغرقت في النظر إلى أزهارها المورقة وأنهارها المطردة وثمارها الطيبة وجواهرها ومعادنها ، ثم استيقظ فبادر إلى السفينة فلقي مكانا دون الأول فنجا في الجملة



، الثانية كالأولى لكنها أكبت على تلك الجواهر والثمار والأزهار ولم تسمح نفسه لتركها فحمل منها ما قدر عليه فتشاغل بجمعه وحمله فوصل إلى السفينة فوجد مكانا أضيق من الأول ولم تسمح نفسه برمي ما استصحبه فصار مثقلا به ، ثم لم يلبث أن ذبلت الأزهار ويبست الثمار وهاجت الرياح فلم يجد بدا من إلقاء ما استصحبه حتى نجا بحشاشة نفسه



، الثالثة تولجت في الغياض وغفلت عن وصية الملاح ثم سمعوا نداءه بالرحيل فمرت فوجدت السفينة سارت فبقيت بما استصحبت في البر حتى هلكت



، والرابعة اشتدت بها الغفلة عن سماع النداء وسارت السفينة فتقسموا فرقا منهم من افترسته السباع ومنهم من تاه على وجهه حتى هلك ومنهم من مات جوعا ومنهم من نهشته الحيات ، قال : فهذا مثل أهل الدنيا في اشتغالهم بحظوظهم العاجلة وغفلتهم عن عاقبة أمرهم . وما أقبح من يزعم أنه بصير عاقل أن يغتر بالأحجار من الذهب والفضة والهشيم من الأزهار والثمار وهو لا يصحبه شيء من ذلك بعد الموت





-----------------------------------------------------------------------------------


فالله الله يا اخواني


ليست الدنيا وما فيها هي الغاية


نفوز في انتخابات أو نخسر ، نشارك في اضراب أو نمتنع ، يعتقلون منا الأطهار ، ويطلقون أطهار آخرون ، نخوض مع الباطل معارك ينتصر فيها جولات وننتصر فيها جولة ، يترك أناس الصف ويلتحق به آخرون ، نسب ونشتم ونتهم وتلوث سمعتنا في وسائل للإعلام ونمدح ويحتفى بنا في وسائل أخرى ، يضيقن علينا في شتى مناحي الحياة بباطلهم ومعاصيهم ونوسع على أنفسنا بالطيب المباح فنجد متعتنا فيما لا يعلمون ولا يتخيلون ، هذه هي حركة الحياة بكل ما فيها من خير وشر منذ خلق آدم وحتى الآن ، أمرنا أن نعيشها وأن نعمر الدنيا ونعبد الناس لربهم ، وأن ندرك رغم كل ذلك أن أيا من هذه التكاليف الشاقة هي الغاية ، ولا النجاح فيها هو الغاية


الغاية هو الله وحده لا شريك له ، أن ننال رضاه وحده ، أن تشملنا رحماته وحده ، سبحانه هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ، سبحانه له مقاليد السماوات والأرض رب السموات السبع ورب العرش العظيم ، رب كل شيء ومليكه


ان الأمر جلل أيها الاخوان


الموت قادم لا محالة


والقبر قادم لا محالة


والقيامة آتية لا محالة


والحساب واقع لا محالة


والسؤال آت لا محالة


يارب ارحمنا




عن جابر بن عبد اللّه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما في السماوات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كف، إلا وفيه ملك قائم أو ملك ساجد أو ملك راكع، فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعاً سبحانك ما عبدناك حق عبادتك إلا أنا لم نشرك بك شيئاً




أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: إن جبريل يوم القيامة قائم بين يدي الجبار ترعد فرائصه فرقا من عذاب الله يقول: سبحانك لا إله إلا أنت، ما عبدناك حق عبادتك إن ما بين منكبيه كما بين المشرق إلى المغرب، أما سمعت قول الله: يوم يقوم الروح والملائكة صفا


جبريل ترعد فرائصه بين يدي الجبار، خوفا من عذاب الله ، يقول الله - وهولم يعصه قط - ما عبدناك حق عبادتك



وعن الفضيل بن عياض رحمه اللَّه أنه قال: إني لا اغبط ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا أليس هؤلاء يعتبون يوم القيامة إنما أغبط من لم يخلق



وروى عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه أنه دخل المسجد وكعب الأحبار يحدث الناس، فقال له عمر رضي اللَّه عنه خوفنا يا كعب الأحبار، فقال: والله إن لله ملائكة قياماً من يوم خلقهم اللَّه ما ثنوا أصلابهم، وآخرين سجدوا ما رفعوا رؤوسهم، حتى ينفخ في الصور، فيقولون جميعاً: سبحانك اللهم وبحمدك ما عبدناك حق عبادتك وحق ما ينبغي لك أن تعبد، والذي نفسي بيده إن جهنم لتقرب يوم القيامة لها زفير وشهيق حتى إذا دنت وقربت زفرت زفرة فلم يبق نبيّ ولا شهيد إلا جثا على ركبتيه ساقطاً، يقول كل نبي وكل صديق وكل شهيد يا رب لا أسألك إلا نفسي، وينسى إبراهيم إسمعيل وإسحق، فيقول يا رب أنا خليلك إبراهيم: فلو كان لك يا ابن الخطاب يومئذ عمل سبعين نبياً لظننت أنك لا تنجو، فبكى القوم حتى شجوا فلما رأى عمر رضي اللَّه تعالى عنه ذلك قال: يا كعب بشرنا، فقال أبشروا فإن لله تعالى ثلثمائة وثلاثة عشر شريعة لا يأتي العبد يوم القيامة بواحدة منهن مع كلمة الإخلاص إلا أدخله اللَّه الجنة، والله لو تعلمون كنه رحمة اللَّه تعالى لأبطأتم في العمل







بسم الله أحمده وأستعينه وأصلي وأسلم علي خير خلقه سيدنا محمد. اللهم يا حسيب وكفي بك حسيباً .. اللهم يا رقيب وكفى بك رقيباً لايخفى عنك أصغر ذرة في السموات ولا في الأرض ولا يعجزك شئ لإحاطة قدرتك فعاملنا اللهم بالفضل لا بالعدل والإحسان لا بالميزان وحسبنا من رحمتك التي وسعت كل شيء ما شكرناه من نعم ربوبيتك وما أطعناه من نعمة ألوهيتك. وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين.



اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد النبى الأمى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا


باسم الله افتتحت وبالله ختمت وبه آمنت

التعليقات (8)

sawsan     

جزاك الله كل خير

و جعله في ميزان أعمالك

وردالشام     

جزاكم الله خيرا

عربيات     

شكرااااااااااااا لك
وبارك الله فيك

abubkir     
شكراً لك موضوع رائع
ما وراء القمر     

سلمت يداكِ ورد الشام
جزيتِ الجنة

وردالشام     

شكرا لك من مر على الموضوع

عزت عودة     

مشكورررررررررررر


سميحة     

مشكورة ورد الشام بارك الله بك
وجزاك خير الجزاء