أصول الأدب في الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من حُسْنِ إسلامِ المرءِ تَرْكُهُ ما لا يعنيه"
ويُقصَد هنا تركه ما لا يعنيه من قول أو من فعل. فالناس يحشرون أنوفهم في موضوعات لا تعنيهم،
يسألون ماذا فعل فلان؟ وكم يبلغ راتب فلان في الشهر؟ وتلك المرأة لماذا طلقها زوجها؟
أي أنك إذا جالستهم لوجدت أن معظم أحاديثهم تدور حول الناس وأحوالهم ومشكلاتهم وسقطاتهم وخصوماتهم.
وهذا ليس بالسلوك الذي يرقى بالإنسان إلى حُسنِ إسلامه. لذلك كان أحد أصول الأدب ترك المرء ما لا يعنيه.
فما يعني المرء هو ما هو مكلف به وغير ذلك فهو لا يعنيه. لقد أمر الله الإنسان بأوامر ونهاه عن نواهي،
فمما يعني الإنسان أن يأتمر بما أمره الله ويمتنع عما نهاه الله عنه. ولعل من المؤسف أن الغالبية من الناس يقصرون فيما أمِروا به ويحشرون أنوفهم فيما تولاه الله عنهم. فما يعني المرء هو ما يتعلق به:
نفسه ودينه وعلمه وبيته وعائلته وعمله.
وقال عليه الصلاة والسلام:
"من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليقلْ خيراً أو فليصمت"
أي من كان يؤمن إيماناً صحيحاً أن الله رقيب عليه وسوف يقف يوماً بين يديه ليسأله عن كل كلمة قالها ويحاسبه عليها، عليه أن لا يتكلم إلا بالحق والخير، لا يتكلم إلا آمراً بالمعروف أو ناهياً عن المنكر، لا يتكلم إلا مذكراً بالله، لا يتكلم إلا ناصحاً وداعياً إلى الله عز وجل. فالكلام من أخطر نشاطات الإنسان المستمرة، وعلامة إيمان الإنسان
ضبط لسانه: فلا ينطق بكلمة ليس واثقاً منها، ولا يروج إشاعة ليس واثقاً من صحتها ولا ينقل قصة ليس متأكداً من وقوعها ولا يقول كلاماً يوقِع به بين اثنين ولا ينقل كلام رجل لرجل.
قال الله تعالى:
"ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد"
وقال جل جلاله:
"لا خيرَ في كثيرٍ من نَجواهمْ إلا من أمرَ بصدقةٍ أو معروفٍ أو إصلاحٍ بين الناس"
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
"يا رسول الله إني مُطاع ٌ في قومي فما آمرهم؟"
قال:
"مُرْهُم بإفشاء السلام وقلة الكلام إلا فيما يعنيهم"
***
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً
وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
واجعلنا ممن يسمعون القول فيتَبعون أحسنه
وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
آمين
22