باحث عن الحق

45

3,992

في ذكرى الابعاد إلى مرج الزهور

في ذكرى الابعاد إلى مرج الزهور


في الثالث عشر من كانون أول (ديسمبر) 1992م، اختطف الجهاز العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) كتائب الشهيد عز الدين القسام، جندياً إسرائيليا، وطالبت الكتائب الحكومة الإسرائيلية بإطلاق سراح مجموعة من معتقلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وعلى رأسهم مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين، وعدد من المعتقلين من الفصائل الفلسطينية والأسرى العرب، وإلا فإن الكتائب ستقوم قبل الساعة التاسعة من اليوم التالي بقتل الجندي الأسير، وفعلاً قامت بقتله بسبب عدم التجاوب الإسرائيلي مع مطالب كتائب القسام.


اجتمع المجلس الوزاري الإسرائيلي بتاريخ 17 كانون أول (ديسمبر) 1992م، واتخذ قراراً بإبعاد عدد كبير من قادة حماس والجهاد الإسلامي، فتم اعتقال عدد منهم، وفرز عدد آخر من المعتقلين سابقاً، وقامت مصلحة السجون وقوات الجيش بتجميعهم في أماكن محددة، وهم لا يعرفون ما هو مصيرهم، وقد بلغ عدد المعتقلين والمجتمعين من المعتقلات نحو ألف معتقل، وخلال ذلك الوقت كانت المخابرات الإسرائيلية تعد قائمة بالأشخاص الذين سيتم إبعادهم، وقد تم نقل المعتقلين أثناء تجميعهم من المعتقلات بطائرات الهيلوكبتر أو بالحافلات (حسب بعد وقرب مكان المعتقل من مكان تجميع المعتقلين) قرب الحدود الفلسطينية اللبنانية.


قررت (إسرائيل) إبعاد (415) شخصاً غالبيتهم من حركة حماس ومنهم حوالي (40) من حركة الجهاد الإسلامي.


أنزل الجنود الإسرائيليون المعتقلين من الطائرات والحافلات، وفكوا قيودهم، ورفعوا الأربطة عن عيونهم، وقاموا بتجميعهم بشاحنات نقل تجارية تعود ملكيتها إلى أشخاص دروز، كانوا يعملون في النقل بين الحدود اللبنانية- الفلسطينية، وتحركت الشاحنات مسافة خمسة عشر كيلو متر في المنطقة المحرمة، وعندما وصلت الشاحنات الحدود، اعترضها الجنود اللبنانيون وطلبوا من المعتقلين عدم النزول من الشاحنات، والعودة من حيث جيء بهم، لأنه لا يوجد قرار من الحكومة اللبنانية بإدخالهم إلى لبنان.


عادت الشاحنات إلى تجاه المطلة، لكن القوات الإسرائيلية فتحت النار بكثافة باتجاه الشاحنات، الأمر الذي جعل السائقين يعودون للخلف، ويطلبون من المعتقلين النزول من الشاحنات، فهم بين نارين، نار الجيش الإسرائيلي، وعدم السماح اللبناني لهم بالدخول إلى أراضي لبنان.


نزل المبعدون من الشاحنات، وجلسوا على الأرض، لا يدرون ما يفعلون ، وقد أدركوا أنه قد تم إبعادهم عن أرضهم، فأقاموا تلة ليقيموا فيها، وعرفت تلك المنطقة فيما بعد باسم (مرج الزهور)، وهي قرية لبنانية، وقد قال لي كثير من المبعدين بعد عودتهم عن تلك المنطقة عند وصولهم إليها:" لو ربطنا فيها قرداً لهرب من سوء ظروفها، وشدة بردها في كانون أول".


كانت اللحظات والأيام الأولى من الإبعاد في غاية القسوة، بسبب الإبعاد عن الوطن وشدة البرد، وعدم امتلاك الطعام واللباس والفراش المناسب وعدم توفر الأدوية للمرضى منهم.


في صباح اليوم التالي وصلهم الصليب الأحمر الدولي، ونقل إليهم الخيام والأغطية، وبعض المستلزمات الضرورية الأولى للاستقرار، وبدأت وسائل الإعلام تتحرك تجاههم وتنقل صورهم.


بدأ المبعدون يقسمون أنفسهم للقيام بالمهمات المطلوبة، لتسيير حياتهم في تلك البقعة المقطوعة، واتفقوا على أن يكون الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الناطق باسم المبعدين، وبعد ثلاثة أشهر من الإبعاد أجرى المبعدون انتخابات داخلية، وتم اختيار عدة لجان هي: لجنة العلاقات الخارجية، ولجنة الإعلام الخارجية والداخلية، ولجنة التموين، ولجنة التعليم والصحة، فتمت الاستفادة من العلماء والأكاديميين والخطباء والوعاظ، فأنشئت جامعة (ابن تيمية) للمبعدين، وتم التنسيق مع الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة على احتساب المساقات التي يدرسها الطلبة (المبعدون) في جامعة (ابن تيمية) في تلك الجامعات، كما أقامت الجامعة دورات تدريبية لغير طلبة الجامعات فاستغلوا أوقاتهم، وارتفعت معنوياتهم، وطوّروا قدراتهم.


كان الإبعاد إلى (مرج الزهور) رغم قسوته وظروفه الصعبة ذا ايجابيات منها: تعّرف العالم على حركة حماس، لأنها كانت قبل ذلك حركة مقاومة داخل فلسطين ولا يعلم العالم عنها شيئاً، كما برزت قيادات جديدة لحماس بديلاً عن تلك القيادات المبعدة، وظهر للجميع أن أولئك المبعدين يختلفون في سلوكهم وأخلاقياتهم عمن سبقوهم في لبنان، واتضح إصرار أولئك المبعدين على العودة، فظلوا في مكانهم، لا يغادرونه، حتى تمكنوا من العودة إلى غزة والضفة، وبذلك افشلوا مشروع الإبعاد الجماعي.











التعليقات (4)

سميحة     

مشكور سلمت يداك

كتاكيتو     

مشكور أبو فاتح

sawsan     


سلمت يمناك

بنت قبلان     


فلسطينين ولن نركع


بوركت اخي على موضوعك