أبو قتيبة

39

1,338

الصلاة تشتكي

بسم الله الرحمن


" الصلاة تشتكي"


الشيخ خالد بن محمد الراشد




عليَّ أن أعبده كما أمرني ..


وعليه أن يرزقني كما وعدني ..


معاشر الأحبة ..


جاءني أحد الشباب منذ فترة ماضية وبدأ يعرض مشاكله ..


وما هي أكثر مشاكل الشباب !!..


قال :


أشتكي من ..


كثرة الهموم والغموم ..


أشتكي من ..


قلة التوفيق في كل شأن من شؤون حياتي ..


ما طرقت باباً إلا ..


وجدته موصداً مغلقاً ..


ما أقدمت على مشروع إلا ..


باء بالفشل ..


زيادة على هذا ..


وجع يلازمني في بطني ..


عرضت نفسي على الأطباء ...


تنقلت من مكان إلى مكان طلباً للعلاج ..


ولم أجده..


قلت مستعيناً بالله :


المريض إذا مرض يذهب إلى الطبيب ..


والطبيب ينظر في أعراض المرض ؛ ثم يبدأ بتشخيص المرض ..


فإذا اكتشف العلة ..


واكتشف المرض ..


نصح بالدواء ..


والمطلوب من المريض حين يُعطي الدواء أن ..


يحافظ عليه ..


بكميته المحددة ..


في وقته المحدد ..


قلت أيضاً له : المطلوب منك أنك تحافظ على الدواء ..


قال : لا توصي حريصاً فلقد تعبت وأنا أبحث عن العلاج والدواء ..


همومي كثيرة ..


مشاكلي كثيرة ..


آلامي التي أقضت مضجعي فلا أهنأ بطعام ولا بشراب ولا بمنام ...


قلت : العلاج موجود ..


ولكن المطلوب منك أنك تحافظ على العلاج ..


وتدوام عليه ..


قال : وما هو ؟!..


قلت : خمس صلوات في اليوم والليلة ..


( من أداهنّ حيث ينادى بهن – يعني في المساجد – من أداهنّ حيث ينادى بهن كن له نوراً وضياءً وبرهاناً يوم القيامة )..


ومن ضيعهنّ ضيعه الله يوم القيامة..


{ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى } ..


وأي هدىً أعظم من ..


المحافظة على الصلوات ..


{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى } ..


هذا هو العلاج ..


هذا هو علاج ذلك الشاب ..


وعلاج مشاكل كل واحد منا :


أن يطرق باب الطبيب خمس مرات ..


وأن يرتمي بين يديه ..


ويرفع إليه الحاجات والمسائل ..


ويبتهل إليه بالدعاء والتضرع ..


والله ..


لن تُحل مشاكلنا ..


ولن تُكشف همومنا ..


ولن تتبدل أحوالنا إلا إذا ..


استقمنا في الصلوات ..


حالنا مع الصلوات ..


يُبكي العين ..


ويُدمي القلب ..


ويقطّع الجبين ..


انقسم المسلمون مع صلاتهم إلى ثلاثة أقسام :


قسم :


لا يصلي ..ولا يركع ..ولا يسجد ..لا بالليل ولا بالنهار ..


أسماؤهم عبد الله ، وعبد الرحمن..


كذبوا والله ..


كذبوا والله .. لو كانوا عبيداً لله ما خالفوا أوامر الله { أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ ، لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ، يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } ..


والله نعرف كثير منَّ الله عليهم بالإستقامة والهداية ..


سألناهم عن أحوالهم في الصلوات !..


كثير منهم يقول : مرت علي سنوات لم أسجد فيها ولم أركع ..


سنوات ..


لم يسجدوا لله فيها ..


ولم يركعوا ..


أي حياة هذه !!..


والله ..


لن يستقيم حال الإنسان إلا إذا ..


استقام على صلاته ..


والله ..


إنك لن تتقرب إلى الله بقربة أعظم من ..


المحافظة على الصلوات ..


قال صلى الله عليه وسلم :


( اكلفوا من العمل ماتطيقون ، واعلموا أنَّ خير أعمالكم الصلاة ) ..


والله ..


لن ينفعك ..


صوم ..


ولا حج ..


ولا زكاة ..


ولا أي نوع من الأعمال ..


إلا إذا صلح أمر الصلاة ..


أول ما يُسأل العبد عنه يوم القيامة ..


سيُسأل عن صلاته ..


إن استقامت وصلُحت ..


نظر الله في باقي الأعمال وإلا ..


{ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً } ..


قسم لا يركع ، ولا يسجد ..


وهم كثير ..


وهم كثير ..


امتلأت بهم البيوت ..


وانتشروا في الطرقات ..


تراهم في المجمعات ..


وأوقات الصلوات ..


يغدون ، ويروحون ..


كأنَّ الأمر لا يعنيهم ..



قسم آخر :


هم أيضاً كثير ..


يقدمون ، ويؤخرون ..


ينامون ، ويتكاسلون ..


يلعبون ، ويلهون ..


إن استيقظ من نومه ..صلى ..


إن انتهى من لعبه ..صلى ..


إن انتهى من أكله وشربه ..صلى ..


تناسوا أنَّ الله قال : { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ، الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ } ..


تناسوا أنَّ الله قال : { لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } ..


تناسوا أنَّ الله قال : { إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً } ..


لو أنك موظفاً في شركة من الشركات ، أو مؤسسة من المؤسسات ، ودوامها يبدأ في السابعة صباحاً ..


فإذا بك في اليوم الأول تأتي بعد عشرين دقيقة من مرور الوقت ، ويستقبلك الرئيس ..


سيغض الطرف عنك ..


فإن جئته في اليوم الثاني سيخاطبك ويقول لك : إنَّ نظام المؤسسة ودوامها يبدأ في الساعة السابعة ؛ لا في السابعة والنصف ..


ثم إذا تكرر التأخر ستُعطى إنذاراً شفهياً ، أو إنذاراً خطياً ..


فإذا تكرر منك التخلف والتأخر ؛ فلا مكان لك في تلك المؤسسة ..


هذه مؤسسة ، وشركة من الشركات ..


فكيف بالذين ..


يتأخرون عن طاعة ربّ الأرض والسماوات مرات ومرات..


قال صلى الله عليه وسلم :


( ولا يزال أقوام يتأخرون حتى يؤخرهم الله ) ..


( ولا يزال أقوام يتأخرون حتى يؤخرهم الله ) ..


فقسم لا يركع ، ولا يسجد ..


وقسم يقدّم ، ويؤخر ، ويتهاون ، ويتكاسل ..


وهم كثير ..


لا ينطلقون إلى المساجد إلا إذا سمعوا الإقامة ، أو انطلقت الصلاة بعد ركعة ؛ أو ركعتين ..


تناسوا أنَّ الله قال : { السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ، أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ } ..



قسم ثالث :


وهم قلة قليلة ..


- وأنا أعني ما أقول -..


قلة قليلة ..


مقارنة إلى تعداد هذه الأمة ..


أمة المليار ؛ أو ما يزيد ..


تريد تشهد هذه القلة !!..


اشهدها في صلاة الفجر ..


اشهد صلاة الفجر مع الجماعة حتى ترى عجب العجاب ..


ترى أنَّ آلاف مؤلفة بل ملايين ..


تغط في سبات عميق ..


وقلة قليلة هي التي ..


انتصرت على فرشها ، وعلى شهواتها ، وانطلقت تجيب منادي الله ..


ينطلق أذان الفجر في الرابعة وسبع دقائق ..


اخرج إلى الشارع ..


اخرج حتى تعرف مقدار المأساة !!..


فلا تكاد ترى سيارةً تتحرك ..


لا تكاد ترى إنسان يسير ..



لا تكاد تسمع أصواتاً في البيوت ..


ادخل المسجد ..


ترى آباءاً ، وكباراً في السن ..


وقلة قليلة من الشباب الذين هداهم الله ..


والبقية الباقية ..


تغط في سبات عميق ..


والبقية الباقية ..


تغط في سبات عميق ..


ثم اخرج بعد صلاة الفجر بساعة ..


ثم اخرج بعد صلاة الفجر بساعة ..


وانظر إلى الناس ..


قد ملأوا الطرقات والتقاطعات ، وانتشروا في مناكب الأرض يطلبون الدنيا ..


ما كأنَّ الله قبلها بساعة ناداهم مناديه :


الصلاة خير من النوم ..


وواقع حال كثير من الناس يقول :


النوم خير من الصلاة ..


اسألك بالله العظيم ..


أين صليت الفجر اليوم ؟!..


في صفوف المصلين !..


أم اتصفت بصفات المنافقين !..وأنت أيتها الفاضلة هل صليت الفجر اليوم أم أنت في ثبات عميق


أليست أثقل الصلوات عليهم ..


صلاة الفجر ، وصلاة العشاء ! ..


أليست هذه الأمة قد اتصفت بالنفاق في مشارق الأرض ومغاربها ..


تريد تعرف مقدار المأساة !..


اسمع بارك الله فيك ..


زرت ثانوية من الثانويات منذ أيام مضت .. وبعد أخذ وعطاء ..


تعداد المدرسة أكثر من ثمانمئة ( 800 ) طالب في ريعان الشباب ..


أعمارهم تجاوزت الثامنة عشر ، والتاسع عشر ، والعشرين عاماً ..


رجال !!..


المفترض أنهم يغيروا الواقع ..


أنهم يبدلوا الحال !..


سألتهم بعد أخذ وعطاء : اصدقوني في سؤالي هذا ؛ من منكم صلى الفجر في جماعة ؟!..


كم تظن من الثمانمئة ؟!..


مئة ، مئتان ، أم ثلاث ، أم أربعمئة ..


والله الذي لا إله إلا هو ..


لم يتجاوز العدد عشرين ..


لم يتجاوز عدد الذين صلوا الفجر في جماعة من أبناء المسلمين في مدرسة تعدادها ثمانمئة طالب عشرون طالباً فقط ..


وسبعمائة وثمانين بيت من بيوت المسلمين ..


اتصف بالنفاق ..


كيف يتغير الواقع ؟!..


كيف يتبدل الحال ؟!..


وأمتنا ضيعت الصلوات ..


لما تنزَّل قول الله جلَّ في علاه على النبي صلى الله عليه وسلم : { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً } ..


يقول النبي صلى الله عليه وسلم باكياً ، يقول :


( يا جبريل تضيع أمتي الصلاة !! ..


( يا جبريل تضيع أمتي الصلاة !! ..


قال : يا محمد يأتي أقوام من أمتك يبيعون دينهم كله بعرض من الدنيا قليل ) ..


فضُيّعت الصلوات ..


وارتُكبت المحرمات ..


كيف يستقيم الحال !..


وكيف يتربى المجتمع على الفضيلة !..


إن لم نحافظ على الصلوات ..


أليست الصلاة هي التي ..


تنهانا عن الفواحش والمنكرات ..


أليست الصلاة هي التي ..


تنهانا عن الفواحش والمنكرات ..


يكفينا أمراً ربانياً واحداً حتى نعلم عظم قدر الصلاة عند الله ..


أما يكفيك ..


أنَّ الله افترضها فوق السماوات ..


أما يكفيك ..


أن تعلم من قدر الصلاة وعظم شأنها عند الله أنها فرضت فوق سبع سماوات { وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ، ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ، فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى } ..


أمره بخمسين صلاة ..


فلا زال يخفف عنا حتى جُعلت ..


خمس صلوات بأجر خمسين ..


خمس صلوات بأجر خمسين ..


الصلاة نور ..


كيف تستطيع أن تسير في الظلمات ؟!..


كثير يتخبطون ..


كثير يشتكون من الهموم والغموم ..


علاجهم ..


الانضمام إلى صفوف المصلين ..


مآسي الشباب في كل مكان ..


وعلاجهم ..


ادخلوا بيوت الرحمن ..


انضبطوا في صفوف المصلين ..


التقيت ثلاثة من الشباب على أحدى الطرق الشمالية في ساعة متأخرة من الليل..


توقفت ..


ركب الثلاثة ..


قلت : أين تريدون ؟..


قالوا : نريد الدمام ..


دار بيني وبينهم هذا الحديث ..


قلت : ماذا تريدون من هناك ؟..


قالوا : نبحث عن وظائف ..


ولا عيب أنَّ الإنسان يسعى في طلب رزقه ..


لكن العيب كل العيب ..


تخرجنا الدنيا ..


ولا نخرج لأوامر الله جلَّ في علاه ..


نخرج لقضاء حوائجنا ولأكلنا وشربنا ..


ومنادي الله ينادينا :


حي على الصلاة ..


حي على الفلاح ..


فنتهاون في الاستجابة لنداء الله ..


قلت : ماذا تريدون من هناك ؟..


قالوا : نبحث عن وظائف ..


قلت : لا عيب ؛ فما هي شهاداتكم والمؤهلات التي تحملونها ؟..


فقال الذي بجانبي : أنا عندي شهادة ثاني متوسط ..


وأنت اللي ورا ؟..


قال : أنا أول متوسط ..


وأنت يالثالث ؟..


قال : أنا لم أكمل الخامسة ابتدائية ..


قلت : ما شاء الله .. المؤهلات ..


لكن هي ليس المؤهلات ؛ الأمر لله من قبل ومن بعد ..


{ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ..


نعرف أصحاب شهادات ..


لم يجدوا وظائف ، ولم يجدوا مرتبات ..


ونعرف من لا يقرأ ، ولا يكتب ..


أنعم الله عليهم ، وصبَّ عليهم من البركات ..


السرّ : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ } ..


جاء أحدهم إلى أحد الصالحين يشتكي ارتفاع الأسعار ..


غلت الأسعار ، وارتفعت الأثمان للمطاعم والمشارب ..


وهكذا هو حالنا ..


نتأثر بارتفاع الأسعار يمنة ويسرة ..


ولا نتأثر بأحوال المسلمين ..


نخاف على ما يسدّ جوعنا ، ويملأ بطوننا ..


ولا نخاف من تقرير مصيرنا ..


إما إلى جنة ، أو إلى نار..


جاء أحدهم إلى أحد الصالحين يشتكي ارتفاع الأسعاء والأثمان ..


قال الصالح : والله ما أبالي لو أنَّ حبة الشعير بدينار ..


عليَّ أن أعبده كما أمرني ..


وعليه أن يرزقني كما وعدني ..


عليَّ أن أعبده كما أمرني ..


وعليه أن يرزقني كما وعدني ..


{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ } ..


السرّ : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } ..


قلت : هذه الشهادات وهذه المؤهلات ..


اصدقوني كيف أنتم مع صلواتكم ؟ ..


فقال الذي بجانبي : أقول لك ، أم أكذب عليك ..


قلت : إن كذبت ؛ أنت تكذب على نفسك لا يضرني كذبك ومن { يََكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ } ..


قال : أنا لا أصلي ..


قلت : كافر ..


قال : لا ..


قلت : بلى ( فالعهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) ..


كم هم من الكفار من أبناء المسلمين الذين لا يركعون ولا يسجدون ..


حدّث ولا حرج ..


قلت للثاني : و أنت ؟!..


قال : أنا خير منه ..


قلت : كيف ؟!..


قال : أنا أصلي من الجمعة إلى الجمعة ..


قلت : أنت مثله ..


وأنت يا ثالثهم ؟..


قال : أنا أفضل منهم ..


قلت : كيف ؟!..


قال : أنا أصلي في اليوم صلاتين ..


أنا أصلي في اليوم صلاتين ..


قلت : هذا دين جديد !! { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ } ..


هذا هو الواقع ..


هذا هو الواقع ..


شئت أم أبيت ..


طلابنا لا يصلون ..


بل جاءني سؤال من الطلاب يقول السائل فيه :


ما حكم الذي يصلي بدون وضوء ؟..


ما حكم الذي يصلي بدون وضوء ؟..


قلت : هذا..


من نواقض الإسلام لأنه استهزاء بالدين ..


هل يخفى عليه أو على كثير من أمثاله ..


أنه ( لا صلاة لمن لا طهور له ) ..


هل يخفى عليه ..


أن عمود الدين هو الصلاة ..


حتى البنات ..


هذا واقع الأولاد ..


اسمع واقع البنات بارك الله فيك ..


تقول إحدى قريباتي تعمل في مُدّرسة من المدارس ..


خرجت من غرفة المدرسات فإذا بطالبتين بجانب الغرفة تتبادلان الحديث فإذا إحداهما تقول للأخرى :


لماذا لا تصلين معنا في المصلى !..


لماذا لا تصلين معنا في المصلى !..


قالت : أنا حتى في البيت لا أصلي ..


أنا حتى في البيت لا أصلي ..


وأزيدك من الشعر بيتاً ..


أهلي كذلك لا يصلون ..


قالت : أزيدك من الشعر بيتاً ..


أنا في البيت لا أصلي أيضاً ، وأهلي كذلك لا يصلون ..


{ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ }..


والله ..



لو أنَّ القلوب سليمة**********

لتقطعَّت ألماً من الحرمان



ولكنها سكرى بحب حياتها********

الدنيا وسوف تفيق بعد زمان




متى ستنضم إلى صفوف المصلين ..


وستكون من : { الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ } ..


وستكون من : { الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } ..


متى ستستقيم ..


وتعلم أنَّ أعظم أمور الدين بعد توحيد الله ..


المحافظة على الصلوات ..


والمسارعة إلى المساجد ..


والمحافظة على تكبيرات الإحرام ..


عباد الله ..


أوصيكم ونفسي بتقوى الله ..


اتقوا الله عباد الله ..


{ وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ} ..


واعلموا أنَّ من صفات المتقين أنهم { عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } ..


كيف تستطيع أن تواجه متقلبات الحياة إلا إذا انضممت واستقمت في صفوف المصلين ..


قال الله جلَّ في علاه : { إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً } ..


إلا من ؟!..


{ إِلَّا الْمُصَلِّينَ } ..


أي المصلين ؟!..


الذين لا يصلون إلا من الجمعة إلى الجمعة !!..


أو الذين يصلون صلاتين في اليوم !!..


أو الذين يتقدمون ويتأخرون !!..


{ إِلَّا الْمُصَلِّينَ ، الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ } ..


ثم أثمرت صلواتهم أخلاقاً وخشية في حياتهم { وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ، إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ } ..


من أين أتت الخشية !!..


أتت من المحافظة على الصلوات ..


{ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } ..


كيف أدوا الأمانات ، وحفظوا الحقوق ..


إلا لما حافظوا على الصلوات ..


{ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } ..


كيف حصّنوا الفروج ، وغضوا الأبصار إلاَّ لأنهم من : { الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ } ..


فإذا جاءت المدوامة ، وجاءت المحافظة ..


اسمع النتيجة بارك الله فيك ..


{ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ } ..


{ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ } ..


والله ..


لن تتقرب إلى الله بقربة ..


أعظم من المحافظة على الصلوات ..


يقول أنس : بينما كنا جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ دخل علينا رجل لا نعرفه ..


قال : أين هو ابن عبد المطلب ؟..


قلنا : ذلك الأبيض الأمهق _ أبيض مشرّب بحمرة صلوات ربي وسلامه عليه ؛ إذا تبسم كان وجهه كفلقة القمر _ ..


قلنا ذلك الأبيض الأمهق فجاءه فقال : يا ابن عبد المطلب إني سائلك ومشدد عليك السؤال ..


وكان متكأً فجلس ..


قال : يا محمد مَن الذي رفع السماء ؟..


قال : ( الله ) ..


قال : يا محمد ومَن الذي بسط الأرض ؟..


قال : ( الله ) ..


قال : ومَن الذي نصب الجبال يا محمد ؟..


قال : ( الله ) ..


قال : أسألك بالذي رفع السماء ، وبسط الأرض ، ونصب الجبال .. آلله أرسلك إلينا رسولاً ؟!..


أسألك بالذي رفع السماء ، وبسط الأرض ، ونصب الجبال .. آلله أرسلك إلينا رسولاً ؟!..


فاحمرَّ وجهه صلى الله عليه وسلم ..


وقال : ( اللهم نعم ) ..


قال : أسألك بالذي رفع ، وبسط ، ونصب ، وأرسلك إلينا رسولاً .. آلله أمرك أن تأمرنا بخمس صلوات في اليوم والليلة ؟!..


قال : ( اللهم نعم ) ..


قال : آلله أمرك أن تأمرنا بالصيام ؟..


قال : ( اللهم نعم ) ..


قال : آلله أمرك أن تأمرنا بأداء الزكاة ؟..


قال : ( اللهم نعم ) ..


قال : آلله أمرك أن تأمرنا بحج بيت الله الحرام ؟..


قال : ( اللهم نعم ) ..


قال : والذي بعثك بالحق ، والذي رفع السماء ، وبسط الأرض ، ونصب الجبال ، وأرسلك إلينا رسولاً لأحافظنَّ على الصلاة ، ولأصومنَّ رمضان ، وأعطي الزكاة ، وأحج البيت ، ولا أزيد على ذلك ..


فلما انطلق قال النبي صلى الله عليه وسلم :


( إن صدق دخل الجنة ) ..


إن صدق فيما قال وحافظ على الصلوات ، وصام رمضان ، وأدى الزكاة ، وحج بيت الله الحرام دخل الجنة ..


تأمل بارك الله فيك ..


تأمل رعاك الله ..


الزكاة قد تسقط في حال من الأحوال ..


إن لم يكن عندك مال ..


إن لم يكن عندك ما يستوجب الزكاة فلا زكاة عليك ..


والصيام يسقط للأعذار { فَمَن كَانَ مِنْكُم مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }..


الحج لمن استطاع إليه سبيلاً ..


لكن قل لي بالله العظيم ..


هل تسقط الصلاة في حال من الأحوال ؟!!..


إذاً ..


لو حافظ على صلاته دخل الجنة ..


في الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم :


( كان حقاً على الله من لقي الله وهو يحافظ على هذه الصلوات ؛ أن يدخله الجنة ) ..


حق على الله من لقي الله وهو محافظ على هذه الصلوات أن يدخله الجنة..


قال أبو ذر : وإن زنا وإن سرق !..


قال : ( وإن زنا وإن سرق ) ..


قال يا رسول الله : وإن زنا وإن سرق !..


قال : ( وإن زنا وإن سرق ) ..


فأعادها في الثالثة ..


فقال صلى الله عليه وسلم : ( رغم أنف أبي ذر ) ..


خمس صلوات من أداهنَّ حيث يُنادى بهنَّ كنَّ له نوراً وضياءً وبرهاناً يوم القيامة..


ومن ضيعهنَّ فلا يلومنَّ إلا نفسه ..


ومن ضيعهنَّ فلا يلومنَّ إلا نفسه ..


أطلت عليكم ..


لكن الحديث خطير ..


والقضية مهمة ..


أبناؤنا يموتون على غير صلوات ..


بل حتى الشيب تهاونوا في أدائها ..


مات رجل في السبعين من عمره منذ فترة ماضية ..


سألونا : نصلي عليه أم لا نصلي ؟..


قلت : ولماذا لا تصلون عليه ؟!..


قالوا : ما سجد لله سجدة من قبل ..


مات أحد الشباب في مقتبل العمر ..


فلما غسلوه ؛ وبدأوا بتغسيله انقلبت بشرته من البياض الشديد إلى السواد الشديد ..


خاف المغسلون وخرجوا من مكان التغسيل ؛ فإذا بالأب في خارج المغتسل يدخن ..


قالوا : من الميت ؛ ميتكم ؟!..


قال : نعم ..


قالوا : ما خبر هذا ؟!..


قال الأب : لم يك من المصلين ..


قالوا : خذوه ؛ أنتم غسلوه ؛ وأنتم كفنوه ..


{ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَـكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } ..


والعكس بالعكس ..


مات أحد الأخيار في مقتبل العمر ..


آمر بالمعروف ، ناهي عن المنكر ..


مسابق للصفوف الأولى ..


ما تخلَّف عن الفجر يوماً ..


يدعو ، ويعظ بالموعظة ، والذكرى الحسنة ..


فلما مات ..


يقول أحد مشايخنا : أنا الذي غسلته وكفنته ..


فلما بدأنا بتغسيله ، وبدأنا بإعداد المسك والكافور ..


والله الذي لا إله إلا هو ..


فاحت رائحة المسك منه قبل أن نضع المسك عليه ..


قلت لصاحبي : تشم !!..


قال : { فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ } ..


{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا } ..


فلما كفنَّاه وذهبنا به إلى المقبرة ..


يقول شيخنا : كنت ممن نزل على قبره ..


تخيل المنظر ..


الناس على شفير القبر ؛ ثم يُنزّل إليهم الميت ..


يقول : والله الذي لا إله إلا هو ..


فلما أنزلوه أُخذ من بين أيدينا ..


حُمل من بين أيدينا ؛ والله ما حملناه ..


ثم وُسّد في التراب ؛ والله ما وسدناه ..


ثم وُجّه إلى القبلة ؛ والله ما وجهناه ..


كشفت عن وجهه فإذا هو يضحك ..


كشفت عن وجهه فإذا هو يضحك ..


يقول الشيخ : والله لولا أني أنا الذي غسلته وكفنته ، ما كنت أظن أنه قد مات..


ما كنت أظن أنه قد مات..


اتقوا الله عباد الله ..


وحافظوا على الصلوات ..


وانتهوا عن الفواحش والمنكرات ..


اتقوا الله ..


ومن تقواه المحافظة على أوامره ..


تريد ضمان لخاتمة حسنة !!..


( من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة ..) من !!..


( في ذمة الله ) ..


يعني في حفظ الله ورعايته ..


زاد أهل العلم وقالوا : معناه أنه إذا مات من يومه دخل الجنة ..


( مروا أبناءكم بالصلاة لسبع ..اضربوهم عليها لعشر ) ..


اصنعوا لنا أبطال ..


اصنعوا لنا رجال ..


اصنعوا لنا أمهات عابدات ..



لا بدَّ من صنع الرجال

ومثله صنع السلاح



وصناعة الأبطال علم

علمه أولو الصلاح



من لم يُلقن أصله

من أهله فقد النجاح



لا يُصنع الأبطال إلا في

مساجدنا الفساح



في روضة القرآن

في ظلّ الأحاديث الصحاح



شعب بغير عقيدة

ورق يذريه الرياح



من خان حيَّ على الصلاة

يخون حيّ على الكفاح


اللهم أرنا الحق حقاً ؛ وارزقنا اتباعه ..


وأرنا الباطل باطلاً ؛ وارزقنا اجتنابه ..


اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ..


وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ..


اجعلنا من الراشدين ..



هل سنراك بعد هذا الكلام ..


تسابق المصلين إلى الصفوف الأولى !!..


أم ستستمر في التخلف مع المتخلفين !!..


وقد أعذر من أنذر ..



اللهم اجعلنا ..


من { الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ } ..


ومن { الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ }..


ومن { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ } ..


اللهم اجعل خير عمرنا آخره ..


وخير عملنا خواتيمه ..


وخير أيامنا يوم نلقاك ..


اللهم أصلح لنا الشباب والشيب ..


اللهم أصلح لنا الشباب والشيب ..





أقم الصلاة كما يريد الله

لن تبلغ الرضوان دون رضاه



اتبع رسول الله ؛ صلي صلاته

فالخير كل الخير في مسعاه



أحضر فؤادك واجتذبه فإنه

قد ضلَّ من سكن الفؤاد هواه



فإذا نطقت الله أكبر فاذكرِ

الجنات والنيران كي تخشاه



واركع وعظّم ربك الله الذي

ما الكون في إتقانه لولاه



واسجد وعفّر أنفك الغالي

وقل بالدمع : يا الله .. يا الله



أوَّاه كم أمسي وأصبح لاهياً

في غفلة وسذاجة أوَّاه



رباه مالي غير عفوك ملجأ

فاغفر لعبد تاب يا ربَّاه




التعليقات (3)

علي عوده     

مشكور أخي
بارك الله بك




سميحة     

مشكور أخي
بارك الله بك

سنة الكون     

جزاك الله خيراً أبو قتيبة


وبارك الله بك


موضوع يستحق التثبيت