سنة الكون

39

1,305

لا تحـــــــــــزن










لا تحـــــــــــزن


إن وهبتهم عمــــــرك... و وهبتهم سعــــادتك... و وهبتهم طاقــــاتك.... ووهبتهم وقتك..... و وهبتهم قلبك.... و كامل عقلك


و بعضـــــك و كـــــلك... و افتديتهم غالـــــــيك.... و منحتهم كل الأشياء الجميلة في حياتك...


و أنكـــــــــــــــــــروك


و رحلوا مخلفينك فريســــــــــــة لذكريــــــــــــاتهم..





لا تحـــــــــــزن



إن مددت يديك إليهم.. وانتشلتهم من بحور أحزانهم


و انتقيت الشوك من على دروبهم...


و احتسيت المرار من أجــــــلهم...


و ارتضيت فوق همك بـــــــلائهم...


و استيقظت ليـــــلا ...لكي تدعو لهم


و تتوسل إلى الله أن يحفظهم


و تتضرع إلى الله أن يجمع بينك وبينهم


وتسأل الله بتعطش أن يبقيهم


وفتحت عينك لتجد نفسك في نصف الطريق بدونهم


فيختفون من حياتك..... مخلفين في ظهرك خنجرهم


تاركينك لليل موحش .... وذئب مســــــعور


واعصـــــار يعصف بك حنين إليهم





لا تحـــــــــــزن



إن اكتشفت بأن الزمان لم يعد زمانك


و أن قلوبهم ما عادت تسعك


و أنك بعدما أفنيت عمرك


و انتظرتهم و فقدت صبرك


و رجيت حضورهم بدمعك


تخلو عنك ... و تحت أقدامهم دهسوك


و كالأطلال خلفوك



لا تحــــــــزن


أن لــــــــم تتمكن من نســـــــيانهم


ما دمت غير قـــــادر على نسيانهم


لكــــــــن حـــــاول


و حــــــاول مــــرارا و تكــــــــرارا


و أكذب على نفسك كل يوم


و قل أنك الأقدر عــــلى النســـيان


و أنك مـا عدت تشعر باليتم بدونهم


و أنـــك ما عــدت تشــتاق لهم


و أنك ما عدت تتقصى أخبارهم





لا تحــــــــــــزن



إن فارقوك... و ألم بك الألم والسقم


فإن ألم الفراق لا يدوم


و قد لا يدوم إلا قليلا..... أو كثيرا


و حاول أن توهم نفسك


بأنك ولدت من جديد


و استقبل الحياة بثوب جديد


و لون جديد...و ابتسامة جديدة


و اخفي داخلك ذلك الممزق المتألم


بكل أنينه على فراقهم


فإنه سيخفق بهم و دونهم





لا تحــــــــزن



إن غابت شمسهم.. ورحلت معها أحلامك وأحلامهم


و انتظر شروق يوم جديد


بشمس جديدة...و أحلام جديدة


و إن طال بك ليلك


ثق ثقة عمياء


بأن لابد للشمس من ظهور






لا تحــــــزن



إن وقفت أمام أمام مرآتك


و لم تستطع تذكر ملامح وجهك


وتلمح في عينيك ذلك الكم من جيوش الأحزان


و التمست بقايا دموعك على وجنتيك


و أطفئت الأنوار في غرفتك


و جلست في الركن البعيد كالطائر الصغير


و تذكرت ملامحهم و تفاصيلهم معك


و ضممت رأسك بين يديك


و بكيت بكاء الأطفال


و أوصيت الظلام أن يستتر لحظات ضعفك بدونهم



لا تحزن


لأنك خسرتهم.... ولأنهم رحلوا


و لأن الدنيا أظلمت في عينا قلبك من بعدهم


و ضاق بك الوجود بدونهم


فأنت تعلم بأنهم أبدا لن يعودوا إليك يوما





لا تحـــــــزن



إن سمعت في الطريق أغانيهم.. و لا تتألم


عندما تمشي الطريق الذي كان يؤدي إليهم


و لا تعبس


إن انتقيت ألوانهم و عطرهم و تحدثت بحديثهم


و اكتشفت أنهم يسكنون في أعماقك أكثر منك


و بكيت على قلبك....و على مشاعرك


و أجهشت بالبكاء تفكر كيف استعمروك


و أنت تصفق بحرارة لهم




لا تحـــــــزن


إن غادروك و أنت في أمس الحاجة إليهم


و علمت بعد حين بأنهم اختاروا سواك


و تجاهلوك


و تجاهلوا آلامك و أحزانك...و دموعك و اشتعالك.. و انطفائك


و معاناتك... و ضياعك.. و رحيلك... و غيابك





لا تحـــــــزن


إن جردتك الدنيا منهم


و أصبحت في حياتهم عابر سبيل


و أصبحت تسكن قشور الذاكرة


و هم يسكنوك كالدم


و يعيشون .... و يعيشون


و أنت ما زلت تحتضر .. و تحتضر


شيع جثمان لأحلامك


و امسح دموع قلبك


و امسح بكفك على جبينك


و قبل رأسك في المرآة


و قدم الزهور لنفسك


و ردد بتضرع شديد بينك و بين نفسك


ربي أنت أرحم الراحمين



لا تحـــــــزن



إن فتحت جريدة صباحية


و قرأت اسمي بين السطور


في الزاوية المرعبة من قائمة الوفيات


فهو الحقيقة الوحيدة


و القدر الوحيد الذي لا ينكره عاقل


و يقينا بأنه آت ذات يوم لا محالة


فقد أصبح هذا الموت في كل مكان


و أصبح كالشبح يطاردنا حتى يدركنا


فحكاياته المرعبة يا سيدي ما عادت تخيفني


و ما عدت أجزع منه


فهو راحتي بعد تلك المسافة الطويلة في هذه الحياة


بعد كل ذلك الكم من التعب ... و الشقاء.. و العناء


و البكاء ....


فلا تحزن .... ولا تبتئس


ولا تذرف دموعك هناك... عند شاطئ البحر


و لا تخبر البحر بنبأ رحيلي


فهو أشدكم حزنا علي


و هو أكثركم معرفة عني


فلا تبكيه ... و لاتبكي علي


فقط امنحني قصيدة شعرية و اهدني إياها


على ضفاف شواطئ أحزاني


و اكتب على رمال الطريق


و اعترف ولو لمرة بأنني كنت أعشقك


و إني كنت أحبك حبا حما


وأني بكيتك حد الهلاك


و أني أحببتك حتى الممات


و مع موت الهمسات..لا تحزن





لا تحـــــــــــزن



بعد رحيلي


لا تنساني من دعائك لي بالرحمة والمغفرة


و قف هناك وحدثني


و حاورني كما عودتني


و أخبرني بأخبارك وأخبارهم


و كيف جرت بك الدنيا من بعدي و بعدهم


وكيف أصبحت الدنيا بعد غيابي


و كيف أصبح لون الأيام بعد غيابي


وكيف أصبح لون الأيام بعد رحيلي


و كيف حال الأشعار من بعدي


و كيف باتت خواطري


و لا تبكي.. حين تتذكر بأني ما عدت هناك


ما عاد هناك من ينتظرك بشغف


وينتظرك بخوف... وينتظرك بحنين


و ينتظرك بشوق... وينتظرك بألم..


و ينتظرك... وينتظرك... وينتظرك


وأنت في حرقة من زحمة أقدارك


تفكر في ذلك القلب الذي أحرقه انتظارك


ما هناك من يبكي اللحظات بدونك


و ما عاد هناك من يشكي مرور الوقت في غيابك


و ما عاد هناك من يحصي الثواني للقياك


لا تبكي.. لأن الدنيا حرمتك مني


فقد حرمتني منك قبلا



لا تبكي



لأنك فاجأتني يوما بالرحيل


و تلاشيت في الهواء كبخار الماء


و ودعتني في صمت هادئ كالغرباء


و قبل أن تنتهي الهمسات


شكرا... لأنك وهبتني و لو للحظات


قلبك.....صبرك... حلمك


و حرفك..... وصوتك


و عطفك و حنانك


يقولون يا سيدي بأن المسافة بين الميلاد والموت


تقاس بعدد الأيام التي أحببت فيها


فاحسب مسافاتي بأيامي الرائعة التي عشتها معك


معك أنت...... أنت وحدك


التعليقات (3)

كتاكيتو     

مشكور أبو ياسر
بارك الله بك
موضوع رائع

سميحة     

مشكور أخي بارك الله بك

رامز باراوي     
بارك الله بك أخ بلود