سنة الكون

32

1,217

رسالة إلى بنيتي ليلة زفافها


















قد كنت يا بنيتي حين أطللت على الدنيا قبل عشرين سنة فرحةً، وبهجة،





وأنساً. ثم تألقت بعد ذلك أدباً ، ودلاً وسمتاً . وها أنت تُزفين إلى زوجك على أجمل صورة ظاهرةٍ ، وباطنةٍ ،





تزفين بثياب الحسن والأدب ، مع ما منَّ الله به عليك من الدين والخلق . فهنيئاً لك ، وهنيئاً له .







أي بنيتي



ليس سهلاً على أبٍ فراق ابنته ، وحبة قلبه ، وإن بدا متجلداً ،







وعزاؤه أن كريمته انتقلت من يد شفيق ، إلى يد شفيق آخر ، يتقي الله فيها ، ويرعى حرمة الزوجية ، يسرها





وتسره ، يلاعبها وتلاعبه ، يؤانسها وتؤانسه . ولولا ذاك ، ولولا أن في البقاء منقصة ، ولولا أن الزواج مكرمة





ومعزة ، ما كان سوادك يفارق سوادي ، ولا أظلك بيت غير بيتي ، إلا أن يشاء الله . لكنها سنة الأولين ، وهدي





المرسلين ، وقانون الحياة والتكاثر . لا زلت يا بنيتي كريمة على أبويك ، تتقلبين بين بيتيك ؛ بيت تالد ، وبيت طريف





، فطيبي نفساً ، وقري عيناً ، فإما ترين من البشر أحداً ، فقولي: إني أحدثت للرحمن شكراً ،





حيث أحدث لي نعمةً وفضلاً .







أي بنيتي



الحياة الزوجية سكينة ، ومودة ، ورحمة ، وتلك آية من آيات الله !







أن يأدم الله بين قلبين ، ويمزج بين روحين ، بكلمة الله ! ومع ذلك ، فإن الحياة الزوجية لا تخلو من نوع كدر ،





تقتضيه طبيعة البشر . وقد وقع أشياء من ذلك في بيت النبوة ، وحجرات أمهات المؤمنين ، فلا تبتئسي لما قد





يعرض لك . وليس الشأن في حصول عارض ما ، ولكن الشأن في أسلوب مواجهته ، والتخفيف من وقعه ، ثم





تجاوزه . وفي الحياة الزوجية من الأفراح والمباهج ، ما يغمر الكدر الطارئ ، ويعيد الصفو الأصيل ،





وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث .






أي بنيتي



استمعي لهذه الوصايا التي قيدتها منذ أن تمت خطبتك ، كلما عنَّ







لي ما يسرني ، أو يسوؤني ، في حياتي الزوجية لتعلمي ما يتمناه الزوج من زوجته ، فتَسعدي ، وتُسعدي :





1- أكرمي مثواه : ليكن بيتك نظيفاً ، منظماً ، طيب الرائحة ، لا سيما ما يتعلق به من لباس ، وفراش ، ومجلس ، ومكتب ، فإن الرجل تأسره الخدمة ، ويزعجه الإهمال.





2- أكرمي نفسك : البسي في بيتك ما يعجبه ، والبسي خارجه ما يعجبك . إياك أن يجد منك رائحةً غير مستحبة ، في الفم ، أو البدن ، أو الثياب .





3- أكرمي أهله : لاسيما أبويه ، تفقديهم ، وأظهري الاحتفاء بهم ، أجيبي دعوتهم ، واحضري مناسباتهم . وإياك أن تبدي الاحتفاء بأهلك ، وتهملي أهله وقرابته .





4- أكرمي ضيفه : اجتهدي في تقديم ما تقدرين عليه من صنوف الخدمة ، فإن ذلك يسره . ولا تتبرمي من زواره ، فإن عجزت لعارض ، فأبلغيه عذرك ، ولا تحملي نفسك ما لا تطيق .





5- كوني منظمةً : في مواعيدك ، ووجباتك ، ونومك ، واستيقاظك . لا تسبقيه بالنوم أول الليل ، ولا تستغرقي في النوم صباحاً وهو في البيت ، ولا تنامي دون ضبط المنبه ، يُبارك لك في يومك ، وتنقضي حوائجك .





6- حاولي أن تتقني جميع المهارات التي تنبغي لربة البيت ؛ من طبخ، وخياطة ، وتدبير.





7- اجعلي أعمالك المنزلية وقت غيابه ، وافرغي له حين إيابه .





8- بادري بتلبية طلباته ، حتى ولو لم تكن عاجلة ، لأن الحزم في الأمور يريحك مما لابد لك منه ، والتسويف ينسيك ، ويشعر زوجك بعدم المبالاة .





9- لا تسترسلي في المكالمات الهاتفية أثناء وجوده في المنزل .





10- اجتهدي أن يراك مبتسمة دوماً،لاسيما حين الدخول أو الخروج، فيشتاق إليك.





11 - تجنبي مجادلته مهما كانت قناعتك برأيك ، واكتفي بالبيان مرةً واحدة ، فإن كثرة الجدال توغر الصدور ، ولا تحقق المقصود. والانكسار للزوج يستجيش عاطفته.





12- تحملي مزاحه ، وإن بدا لك ثقيلاً ؛ فاحتمالك مزاحه حال رضاه ، أهون عليك من تجريحه حال سخطه .





13- احذري من انتقاده بمقارنته بأقرانه ، فإن ذلك يخدش رجولته ، ويحمله على مقابلتك بالمثل . ووقع ذلك على المرأة أشد من وقعه على الرجل .





14- احفظي أسرار بيتك ، وحاولي حل مشاكلكما الصغيرة داخله ، فإن أحوج الأمر إلى مشورة ، فأقرب الناس إليك أبويك ، فلا تترددي ، ولا تكتمي ، فإن ذلك يؤذيك ، والنفس تستريح بالبث إلى ذي عقل .





15- لا تهجري فراشه ، مهما كان السبب ، وإلا فسيعتاد الاستغناء عنك .





16- احتسبي على ربك كل ما تقولينه ، وتفعلينه ، في طاعة الزوج ، فإن ذلك من





موجبات الجنة




في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم


قال

:


( إذا صلت المرأة خمسها ، وحصنت فرجها ،








وأطاعت بعلها ، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت )



رواه الإمام أحمد ، وابن حبان ، بسند حسن .







وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم :



أي النساء خير؟ قال :


( الذي تسره إذا نظر ، وتطيعه إذا أمر ،


ولا تخالفه فيما يكره في نفسه ، وماله )


رواه الإمام أحمد ، والنسائي ، والحاكم ، والبيهقي ، بسند صحيح .










أي بنيتي




فإن قلتِ : هذا له عليَّ ، فماذا لي عليه ؟ فالجواب : لك عليه







قول الله عز وجل: ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف)



(النساء: من الآية19)



وقوله ( فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ

اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً)







(النساء: من الآية34)



ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة ، في حجة الوداع :








( اتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ...





ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف )



رواه مسلم . وقال ( استوصوا بالنساء خيراً ) رواه البخاري .









أي بنيتي



أبشري ، وأمِّلي ما يسرك ، فلقد انفتح لك باب حياة سعيدة ، هنيئة ، بإذن الله ، مع زوج صالح ، وطالب علم ، يعينك ، وتعينينه ، ويُعِفُّك ، وتُعِفِّينه ، ويمنُّ الله عليكما بالذرية الصالحة ، والعشرة الحسنة، وأستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.









والدك ..






بقلم / د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي

التعليقات (2)

كتاكيتو     

مشكور ابو اليسر رسالة لايزاد عليها شئ

أبـو الليث     

بارك الله فيك أبو ياسر