super-firas

22

5,243

أنواع السجدات في ديننا الإسلام

السلام عليكم أبين لكم اليوم بعون الله أنواع السجدات في الإسلام وهي نوعان
واجب، ومندوب.
فالواجب أربعة أشياء:
الاَول: سجود الصلاة ، والذي يعتبر جزءاً منها بل ركناً من أركانها الاَساسية فلا يجوز تركه بأي شكل كان سواء كانت الصلاة واجبة أو مندوبة ؛ لاَنّه لا تتم الصلاة إلاّ بوجوده واتيانه وفق ما جاء في الشرع المقدس.
الثاني: سجود قضاء مافاته من سجدات الصلاة ناسياً . في حالة نسيان المصلي لبعض السجدات بحيث فات محلّها ولا يمكن تداركها في الصلاة، فيجب قضاؤها بعد الصلاة مباشرة وبدون أن تكون فاصلة بين الصلاة وبين أدائها.
الثالث: سجود السهو في الصلاة : وهو عبارة عن أداء سجدتي السهو لجبران ما سها به المصلي أثناء صلاته وسنبيّن تفصيل ذلك.
مواضع سجود السهو:
تجب سجدتي السهو في ستة مواضع وهي:
1 ـ إذا تكلّم في الصلاة ناسياً (سهواً) أو الظن بأن صلاته قد تمت.
عن عبدالرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبدالله الصادق عليه السلام عن الرجل يتكلم ناسياً في الصلاة يقول: أقيموا صفوفكم، فقال عليه السلام: « يتم صلاته ثم يسجد سجدتين، فقلت: سجدتي السهو قبل التسليم هما أو بعده؟
قال عليه السلام: بعده » (1).

2 ـ إذا ترك سجدة واحدة ولم يتذكر حتى يركع أو يتشهّد ويسلّم في الثانية: قضى السجدة المنسية بعد التسليم ويسجد سجدتي السهو (1).

3 ـ إذا ترك التشهّد الاَول ولم يتذكر حتى ركع في الثالثة، قضى التشهّد المنسي بعد التسليم وسجد سجدتي السهو.
عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبدالله الصادق عليه السلام عن رجل نسي أن يجلس في الركعتين الاَوليتين؟
فقال عليه السلام: « إذا ذكر قبل أن يركع فليجلس، وإن لم يذكر حتى يركع فليتم الصلاة حتى إذا فرغ وسلّم فليسجد سجدتي السهو » (2).

4 ـ إذا سلّم في غير موضعه، كما لو سلّم في الركعة الثانية من الصلاة الرباعية سهواً: أتم صلاته ثم يسجد سجدتي السهو (3).

5 ـ إذا شكّ بين الاَربع والخمس وهو جالس: تشهّد وسلّم وسجد سجدتي السهو.
روى عبيدالله بن علي الحلبي عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام أنّه قال: «إذا لم تدرِ أربعاً صليت أم خمساً أم نقصت أم زدت فتشهّد وسلّم واسجد سجدتي السهو بغير ركوع ولا قراءة وتشهّد فيهما تشهّداً خفيفاً » (4).


ـ في كلِّ زيادة أو نقصان تحدث في الصلاة عدا الواجبات الركنية بعد اليقين بها.
روى سفيان بن السمط عن الاِمام الصادق عليه السلام أنّه قال: « تسجد سجدتي السهو في كلِّ زيادة تدخل عليك أو نقصان » (1).
وفي رواية اُخرى فيها تفصيل لعبارة كل زيادة ونقصان الواردة في الفقرة السادسة.
عن عمار بن موسى الساباطي قال: سألت أبا عبدالله الصادق عليه السلام عن السهو، ما يجب فيه سجدتا السهو؟
فقال عليه السلام: « إذا أردت أن تقعد فقمت، وإذا أردت أن تقوم فقعدت، وإذا أردت أن تقرأ فسبّحت، وإذا أردت أن تسبّح فقرأت، فعليك سجدتا السهو وليس في شيء مما يتم به الصلاة سهو » (2).
وهناك مواضع اُخرى تجب فيها سجدتي السهو مع أعمال اُخرى كصلاة الاحتياط من قيام أو جلوس وغيرها فمن أراد الوقوف على تفاصيلها مراجعة الرسائل العملية باب شكوك الصلاة.
صفة سجود السهو:
تجب المبادرة إلى أداء سجدتي السهو في حال وجوبهما بعد
الانصراف من الصلاة أي بعد التسليم مباشرة وقبل صدور ما ينافيها من الاَقوال والاَفعال ومن تعمد تأخيرها عُدَّ عاصياً. فقد روى عبدالله بن ميمون القداح عن الاِمام جعفر بن محمد عن أبيه عن الاِمام علي عليهم السلام أنّه قال: « سجدتا السهو بعد التسليم وقبل الكلام » (1).
وأما لو نسي أداءها فيجب عليه السجود متى ذكرها ـ وإن مضت أيام، ولا يجب إعادة الصلاة ـ، لرواية عمار بن موسى الساباطي عن الاِمام الصادق عليه السلام وهو يسأل عن الرجل إذا سها في صلاة فينسى أن يسجد سجدتي السهو؟
قال عليه السلام: « يسجدها متى ذكر » (2).
كيفية سجود السهو:
وسجدتا السهو بعد التسليم هي: أن يسجد الاِنسان كسجوده في صلاته متفرّجاً معتمداً على سبعة أعظم ـ كما تبين فيما سلف ـ ومراعاة جميع ما يعتبر في سجود الصلاة من الطهارة والاستقبال والستر وغير ذلك، ويجب الاِتيان بالذكر الخاص في سجدتي السهو، وقد اختلف العلماء في صيغة هذا الذكر لاَجل اختلاف الروايات الواردة فيه والذي جاء في الرسالة العملية للسيد السيستاني هو أنْ يقول: (باسم الله وبالله السلام عليك أيُّها النبي ورحمة الله وبركاته) (3)وإن شاء قال: (باسم الله وبالله اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وآل محمدٍ الطاهرين) فهو مخيّر في القولين

أيّهما قال أصاب السُنّة، ثمَّ يرفع رأسه فيجلس، ثم يعود إلى السجود فيقول ذلك مرة اُخرى، ثم يرفع رأسه ثمّ يجلس ويتشهد ويسلّم(1).
الرابع: سجود العزائم : ويسمى عادة سجود التلاوة وهو سجود واجب كهيئة سجود الصلاة يؤدى في أربعة مواضع من القرآن الكريم وهي:
1 ـ سورة السجدة الآية: 5.
2 ـ سورة فصلت الآية: 37.
3 ـ سورة النجم الآية: 62.
4 ـ سورة العلق الآية: 19.
حكم سجود التلاوة:
يجب على المستمع لها بل على السامع ـ عند الكثير من الفقهاء احتياطاً ـ أينما كان أن يسجد إذا لم يكن في حال الصلاة، أو كان في حال يتعذر عليه أداء السجود المتعارف، ان يومئ إلى السجود.
قالوا: وليس في سجود التلاوة تكبيرة افتتاح ولا تشهّد ولا تسليم، بل يستحب التكبير للرفع منه بعد أدائه.
وقالوا: ولا يشترط فيه الطهارة من الحدث ولا من الخبث ولا الاستقبال ولا طهارة محل السجود ولا الستر ولا صفات الساتر، بل يصح حتى على المغصوب، إذا لم يكن السجود تصرفاً فيه.

ولا يشترط فيه مراعاة وضع الاَعضاء السبعة، أو وضع الجبهة على الاَرض أو مافي حكمها. ويكفي فيه مسمى السجود.
ويشترط فيه النية، واباحة المكان. أما الذكر فلا يجب فيه ذكر خاص. ويستحب فيه الذكر الواجب في سجود الصلاة.
وجوب أداء السجدة فوري فلا يجوز التهاون بها وتأخيرها، ويتكرر السجود مع تكرر السبب، ويكفي في التعدد رفع الجبهة ثم وضعها من دون رفع بقية المساجد والجلوس (1).
المندوب من السجود خمس عشرة سجدة وهي:
1 ـ سجدة الفصل بين الاَذان والاِقامة.
2 ـ سجدة الشكر، وسيأتي تفصيل ما يتعلق بهذه السجدة في المبحث الثاني.
3 ـ سجدة المتابعة للاِمام، ومعناها أنّه إذا رأى الاِمام رافعاً رأسه من الركوع أو السجود وأراد الدخول معه في الصلاة، سجد، فإذا رفع الاِمام رأسه، رفع هو رأسه وقام فاستقبل الصلاة.

ـ السجود لمن دخل المسجد الحرام إذا قرب من الحجر الاَسود، وسجدات التلاوة ما عدا العزائم الاَربع وهي إحدى عشر سجدة.
5 ـ سجدة آخر سورة الاَعراف، وهي قوله تعالى: ( إنّ الَّذينَ عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون ) (1).
6 ـ سجدة سورة الرعد وهي قوله تعالى: ( ولله يسجد من في السموات والاَرض طوعاً وكرهاً وظلالهم بالغدو والآصال ) (2).
7 ـ سجدة سورة النحل وهي قوله تعالى: ( ولله يسجد ما في السموات وما في الاَرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون ) (3).
8 ـ سجدة سورة بني اسرائيل (الاسراء) وهي قوله تعالى: ( قُلْ آمنوا به أو لا تؤمنوا إنّ الذين أوتوا العلم من قبلهِ إذا يُتلى عليهم يخرّون للاَذقان سُجداً ) (4).
9 ـ سجدة سورة مريم عليها السلام وهي قوله تعالى: (... إذا تُتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجّداً وبُكيّاً ) (1).
في سورة الحج سجدتان:
10 ـ السجدة الاُولى من سورة الحج وهي قوله تعالى: ( ألم ترَ أنَّ الله يَسجُدُ لهُ من في السموات ومن في الاَرض والشمس والقمر والنجوم والشجر والدواب وكثير من الناس... ) (1).
11 ـ السجدة الثانية من سورة الحج وهي قوله تعالى: ( يا أيُّها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربّكم وافعلوا الخير لعلّكم تفلحون ) (2).
12 ـ سجدة سورة الفرقان وهي قوله تعالى: ( وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا ) (3).
13 ـ سجدة سورة النمل وهي قوله تعالى: ( ألاّ يسجدوا لله الذي يُخرج الخبْءَ في السموات والاَرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون * الله لا إله إلاّ هو ربُّ العرش العظيم ) (4).
14 ـ سجدة سورة ص وهي قوله تعالى: (... وخرَّ راكعاً وأناب ) (5).
15 ـ سجدة سورة الانشقاق وهي قوله تعالى: ( وإذا قُرئ عليهم القرآن لا يسجدون ) (6).
و يستحب في السجود عدة أُمور أهمها هي:
ـ التكبير حال الانتصاب من الركوع قائماً أو قاعداً ورفع اليدين حال التكبير قبل الهوي إلى السجود. 2 ـ السبق باليدين إلى الاَرض للرجل ثم ركبتيه، وللمرأة بالعكس تسبق بركبتيها إلى الاَرض ثم تضع يديها.
3 ـ أن يسجد على الاَرض بل التراب والاَفضل منه التربة الحسينية.
4 ـ استيعاب الجبهة على ما يصح السجود عليه.
5 ـ الارغام بالاَنف بالاضافة إلى الجبهة.
6 ـ بسط اليدين مضمومتي الاَصابع حتى الابهام حذاء الاذنين متوجهاً بهما إلى القبلة.
7 ـ شغل النظر إلى طرف الاَنف حال السجود.
8 ـ الدعاء قبل الشروع في الذكر بان يقول: (اللهمّ لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت وعليك توكلت وأنت ربي سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره والحمد لله رب العالمين تبارك الله أحسن الخالقين).
9 ـ تكرار الذكر واختيار التسبيح والكبرى منه وهو: (سبحان ربي الأعلى وبحمده) والختم على الوتر، تثليثها والاَفضل تخميسها والاَفضل تسبيعها.
10 ـ مساواة موضع الجبهة للموقف، بل مساواة جميع المساجد.
11 ـ الدعاء في السجود بما يريد من حاجات الدنيا والآخرة وخصوص طلب الرزق الحلال بان يقول: (يا خير المسؤولين ويا خير
المعطين، ارزقني وارزق عيالي من فضلك فإنّك ذو الفضل العظيم).
12 ـ التورك في الجلوس بين السجدتين وبعدهما وهو: ان يجلس على فخذه الاَيسر جاعلاً ظهر القدم اليمنى في بطن اليسرى.
13 ـ أن يقول بين السجدتين: (استغفر الله ربي واتوب إليه).
14 ـ أن يكبّر بعد رفع الرأس من السجدة الاُولى بعد الجلوس مطمئناً ويكبر للسجدة الثانية وهو جالس، ويكبر بعد الرفع من الثانية كذلك، ويرفع اليدين حال التكبيرات.
15 ـ وضع اليدين على الفخذين حال الجلوس مطمئناً اليمنى على اليمنى واليسرى على اليسرى.
16 ـ التجافي في حال السجود بمعنى رفع البطن عن الاَرض والتجنح، بمعنى تجافي الاَعضاء حال السجود، بأن يرفع الرجل مرفقيه عن الاَرض مفرّجاً بين عضديه وجنبيه ومبعّداً يديه عن بدنه جاعلاً يديه كالجناحين.
والمرأة بالعكس، فيستحب عدم تجافيها عن الاَرض حال السجود بل تفترش ذراعيها وتلصق بطنها بالاَرض وتضم أعضاءها.
17 ـ إطالة السجود والاكثار فيه من التسبيح والذكر.
18 ـ أن يصلي على محمد وآل محمد في السجدتين.
19 ـ أن يبسط يديه على الاَرض معتمداً عليها للنهوض رافعاً ركبتيه قبل يديه.
والمرأة بالعكس: تبدأ برفع يديها قبل ركبتيها حال النهوض للقيام وتنهض وهي منتصبة الجسم.

وتنهض وهي منتصبة الجسم.
20 ـ أن يقول عند النهوض (بحول الله وقوته أقوم وأقعد وأركع وأسجد) (1).
الاَماكن التي يستحب فيها السجود في الصلاة:
كما بيّنا آنفاً أنّ السجود لله تعالى هو من أفضل صور العبادة فينبغي أن يكون في الاَمكنة المحترمة وفي المواضع الطاهرة وقد ورد استحباب السجود والصلاة في بعض الاَماكن المقدسة وأهمها هي:
1 ـ المسجد الحرام، فقد ورد أن الصلاة فيه تعدل ألف ألف صلاة.
2 ـ مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فالصلاة فيه تعدل عشرة آلاف صلاة. 3 ـ مسجد الكوفة، والصلاة فيه تعدل ألف صلاة.
4 ـ المسجد الاَقصى، الذي احتلته اليهود الصهاينة أعداء الله، والصلاة فيه تعدل ألف صلاة.
5 ـ المسجد الجامع للبلد، والصلاة فيه تعدل مئة صلاة.

6 ـ مسجد القبيلة، والصلاة فيه تعدل خمساً وعشرين صلاة.
7 ـ مسجد السوق، والصلاة فيه تعدل اثني عشر صلاة.
8 ـ مشاهد أئمة الهدى من أهل البيت عليهم السلام وهي البيوت التي أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه.
9 ـ روضات الاَنبياء عليهم السلام.
10 ـ مقامات الاَولياء والصالحين والعلماء والعباد (1).
الاَماكن التي يكره فيها السجود في الصلاة:
يكره السجود في الصلاة في مواضع عديدة منها ما روي عن الاِمام الصادق عليه السلام قوله: « عشرة مواضع لا يصلى فيها: الطين، والحمام، والقبور، ومسان الطريق، وقرى النمل، ومعاطن الإبل، ومجرى الماء، والسبخ، والثلج » (2).
وهناك أماكن اُخرى يكره السجود فيها نتعرض إليها جميعاً:
1 ـ الحمام: وهو المكان الذي يغسل فيه، وعمم بعض الفقهاء الكراهة إلى المسلخ (3).

2 ـ المزابل: وهي المواضع القذرة التي تجمع فيها القمامة.
3 ـ المكان المتخذ للكنيف.
4 ـ في مكان أمامه حائط ينز من بالوعة يبال فيها أو كنيف (1).
5 ـ المواضع التي يصنع فيها المسكر أو يباع (2).
6 ـ الاَماكن التي تذبح فيها الحيوانات أو تنحر.
7 ـ المطابخ وبيوت النار (3).
8 ـ البيع والكنائس وبيوت المجوس، إلاّ إذا رُشت وجفَّ ما عليها من رطوبة (4).
9 ـ الاَرض السبخة (5). 10 ـ أعطان ومرابط الإبل والبغال والحمير والبقر ومرابض الغنم وذلك لقذارتها (6).

11 ـ الطرق العامّة مالم تضر بالمارة، فإن اضرت بها حرم السجود وبطلت الصلاة (1).
12 ـ مجاري المياه وإن لم يتوقع جريان الماء فيها.
13ـ السجود على القبر أو بين المقابر ولا سيّما بين قبرين بدون حائل(2).
14 ـ السجود قرب قرى النمل (3).
15 ـ السجود في الطين (4).



سجود الشكر وآثاره
1 ـ صفة سجود الشكر:
لا يشترط في أداء سجود الشكر شرط، فيصح كيفما أتى به الساجد الشاكر، ولكن الاَفضل أن يكون السجود على الاَرض وعلى المواضع السبعة ووضع الجبهة على ما يصح السجود عليه كما في سجود الصلاة، والصاق الساعدين والبطن بالاَرض عكس ما يعمل في سجود الصلاة من استحباب التجافي عن الاَرض، كما يستحب وضع الجبهة على الاَرض أولاً ثم التعفير، والمراد به وضع الخدين على التراب ثم العودة الى السجود بوضع الجبهة على الاَرض ثانياً، وبه يتحقق تعدد سجود الشكر ؛ لاَن العودة إلى السجود بعد التعفير يعني تحقق سجدة شكر اُخرى وهي مستحبة اتفاقاً ؛ ولاَجل هذا يقال سجدتا الشكر.
وفيما يلي صورة لسجدتي الشكر كما أوردها الشيخ المفيد فقال: وليحمد الله بعد تسليمه وليثنِ عليه ويصلي على محمد وآله عليهم السلام ويسأل الله حوائجه، ثم يسجد سجدتي الشكر، فليلصق فيها ذراعيه بالاَرض ويقول في سجوده: (اللهمَّ إليك توجهت وبك اعتصمت وعليك توكلت، اللهمَّ أنت ثقتي ورجائي فاكفني ما أهمّني وما لا يهمني وما أنت أعلم به مني عزَّ جارك وجلَّ ثناؤك ولا إله غيرك صلِّ على محمد وآل محمد وعجّل
فرجهم).
ثم يرفع جبهته عن الاَرض ويضع خدّه الاَيمن على موضع سجوده ويقول:
(ارحم ذلي بين يديك، وتضرعي إليك، ووحشتي من الناس، واُنسي بك يا كريم يا كريم يا كريم).
ثم يرفع خدّه الاَيمن عن الاَرض ويضع مكان خدّه الاَيسر ويقول:
(لا إله إلاّ أنت ربي حقاً حقاً، سجدت لك يا رب تعبّداً ورقاً، اللهمّ إنّ عملي ضعيف فضاعفه لي يا كريم يا كريم يا كريم).
ثم يرفع خدّه عن الاَرض ويعود إلى السجود فيقول في سجوده: شكراً شكراً، مئة مرة، وإن قالها ثلاث مرات أجزأه، وأكثر من ذلك أفضل، والمئة فيها أفضل وبها جاءت السُنّة.
ثم يرفع رأسه، ويجلس مطمئناً على الاَرض، ويضع باطن كفّه الاَيمن موضع سجوده، ثم يرفعها فيمسح بها وجهه من قصاص شعر رأسه إلى صدغيه، ثم يمرّها على باقي وجهه، ويمرّها على صدره، فإنّ ذلك سُنّة وفيه شفاء إن شاء الله.
وقد روي عن الصادقين عليهما السلام أنهم قولهما: « إنّ العبد إذا سجد امتدَّ من أعنان السماء عمود من نور إلى موضع سجوده، فإذا رفع أحدكم رأسه من السجود فليمسح بيده موضع سجوده، ثم يمسح بها وجهه وصدره فإنّها لا
تمر بداء إلاّ نفته إن شاء الله تعالى » (1).
2 ـ استحباب سجود الشكر:
لا خلاف بين العلماء، إلاّ من شذّ (2)، في استحباب السجود شكراً لله عزَّ وجلّ عقيب الصلوات، لاَنّها مظنة التعبّد، وموضع الخضوع والشكر على التوفيق لاَداء العبادة، وعند تجدد النعم، ودفع النقم، لما روي من أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أتاه أمر يسرّه أو يُسرّ به خرَّ ساجداً شكراً لله تبارك وتعالى (3).
عن عبدالرحمن بن عوف قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتوجه نحو صدقته، فدخل فاستقبل القبلة، فخر ساجداً فأطال السجود حتى ظننت أن الله عزَّ وجلَّ قبض نفسه فيها، فدنوت منه فجلست، فرفع رأسه فقال صلى الله عليه وآله وسلم:
« من هذا؟ قلت: عبدالرحمن »
قال: ما شأنك؟، قلت: يا رسول الله، سجدت سجدة خشيت أن يكون
( 67 )

الله عزَّ وجلَّ قد قبض نفسك فيها.
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ جبريل عليه السلام أتاني فبشرني فقال: إنّ الله عزَّ وجلَّ يقول: من صلّى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه، فسجدت لله عزَّ وجلَّ شكراً » (1).
وروي عن الاِمام علي عليه السلام انه سجد شكراً لله تعالى يوم النهروان لما وجدوا ذا الثدية مقتولاً (2).
وعن هشام بن أحمد قال: كنت أسير مع أبي الحسن عليه السلام في بعض أطراف المدينة، إذ ثنى رجله عن دابته فخرّ ساجداً فأطال وأطال، ثم رفع رأسه وركب دابته، فقلت: جعلت فداك، رأيتك قد أطلت السجود؟
فقال عليه السلام: « إنّي ذكرت نعمةً أنعم الله بها عليَّ، فأحببت أن أشكر ربي»(3).
ومن الاَوقات التي يتأكد فيها استحباب سجود الشكر، هو عقيب الصلاة المكتوبة.

( 68 )

ويؤكد ذلك ما رواه مرازم عن الامام أبي عبدالله الصادق عليه السلام أنّه قال: «سجدة الشكر... تتمّ بها صلاتك، وترضي بها ربك، وتعجب الملائكة منك، وإنّ العبد إذا صلّى ثمّ سجد سجدة الشكر فتح الرب تبارك وتعالى الحجاب بين العبد وبين الملائكة فيقول: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي، أدى فرضي وأتمّ عهدي ثمّ سجد شكراً لي على ما أنعمت به عليه، ملائكتي ماذا له عندي؟ قال: فتقول الملائكة: يا ربنا رحمتك.
ثمّ يقول الرب تبارك وتعالى: ثم ماذا له؟ فتقول الملائكة: ياربنا جنتك.
ثمّ يقول الرب تبارك وتعالى: ثمّ ماذا له؟ فتقول الملائكة: يا ربنا كفاية مهمه.
فيقول الرب تبارك وتعالى: ثم ماذا له؟ قال: ولا يبقى شيء من الخير إلاّ قالته الملائكة.
فيقول الله تبارك وتعالى: يا ملائكتي، ثمّ ماذا له؟
فتقول الملائكة: ربنا لا علم لنا. فيقول الله تبارك وتعالى: أشكر له كما شكر لي، وأقبل إليه بفضلي وأريه رحمتي... » (1).
3 ـ أهم الاَدعية والاَذكار الواردة في سجود الشكر:
إنّ المسنون من الاَدعية والاذكار في سجود الشكر ـ كما في أحاديث أهل البيت عليهم السلام ـ كثير، وللساجد الاقتصار على ما شاء منه، وسوف نقتصر
على ذكر بعضه، وعلى النحو الآتي:
أ ـ عن الامامين الصادق والكاظم عليهما السلام، أنّهما كانا يكثران في سجدة الشكر من قول: « أسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب » (1).
ب ـ كما روي عن الاِمام الصادق عليه السلام أنّه قال: « إذا أصابك أمر فبلغ منك مجهودك فاسجد على الاَرض وقل: يا مذلَّ كل جبار، يا معزَّ كل ذليل، قد وحقك بلغ بي مجهودي فصلِّ على محمد وآل محمد وفرّج عني»(2).
جـ ـ وسُئل الاِمام علي بن موسى الرضا عليه السلام عن سجدة الشكر وما يقال فيها، فقال عليه السلام: « السجدة بعد الصلاة المكتوبة شكراً لله على توفيقه عبده لاَداء فرضه، وأدنى ما يقال في هذه السجدة: شكراً لله ثلاثاً.. » (3).
4 ـ من فوائد سجدة الشكر:
إنّ لسجدة الشكر فوائد وعطاءات جمّة تشتمل على غاية ما يصبو إليه الاِنسان المؤمن من خير الدنيا والآخرة، كزيادة النعمة، وتوفيق الطاعة، واستجابة الدعاء فيها، زيادة على ما يكتبه الله عزَّ وجلَّ من حسنات وما يمحوه من سيئات كما هو واضح من كلام أهل البيت عليهم السلام.
فقد سُئل الاِمام الرضا عليه السلام عن سجدة الشكر وعن معنى شكراً لله؟
فأجاب عليه السلام: « إنّ معناها أنّ هذه السجدة هي شكر مني لله تعالى على أن وفقني لاَن قمت بخدمته وأديت فرضه، وشكر الله يوجب زيادة النعمة وتوفيق الطاعة، وإذا كان قد بقي في الصلاة تقصير ولم تتم بالنوافل أتمّتها هذه السجدة » (1).
وعن جهم بن أبي جهم، قال: رأيت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام وقد سجد بعد الثلاث الركعات من المغرب فقلت له: جعلت فداك، رأيتك سجدت بعد الثلاث ركعات، فقال عليه السلام: « ورأيتني؟ فقلت : نعم، قال عليه السلام: فلا تدعها، فإنّ الدعاء فيها مستجاب » (2).
وعن الاِمام أبي عبدالله الصادق عليه السلام أنّه قال: « من سجد لله سجدة الشكر وهو متوضئ كتب الله له بها عشر صلوات، ومحا عنه عشر خطيئات عظام (3)، ورفع له عشر درجات في الجنان » (4).

التعليقات (1)

عماد الدين السقا     
جزاك الله خير يا غالي

تقبل تحياتي