عماد الدين السقا

22

4,516

وهج التوبة ( قصيدة مؤثرة عن توبة الغامدية رضى الله عنها ), للشاعر صالح على العمرى


بسم الله الرحمن الرحيم



وهج التوبة ( قصيدة مؤثرة عن توبة الغامدية رضى الله عنها ), للشاعر صالح على العمرى






جاءت إليه و نار الجوف تستعرُ *** و دمعة العين لا تنفكّ تنهمرُ



جاءت إليه تجرّ الهمّ مخبتةً *** كأنها أشعث أضنى به السفرُ



فراشها السهد ، و الأحزان كسوتها *** و البؤس يعصر قلبا كاد ينفطرُ



جاءت إليه و موج الغمّ ملتطمٌ *** والنفس لهفى ، وحبل السعد منبترُ



جاءت إلى الرحمة المسداة في لهفٍ *** في ساحة ا لأمن.. لا ذلٌ ولا خطرُ



الحدُّ يُدرءُ . . و الأحكام عادلةٌ *** والذنب مغتفرٌ ، و العرض مختفرُ



تقدمت و الضمير الحيُّ يشحذها *** لجنّةٍ نحوها الأرواح تبتدرُ



واستجمعت تفضح الأسرار في أسفٍ *** لعلّها في مقام العرض تستترُ



وهج الفضيحة أمرٌ يستهان به *** فحرقة الجوف لا تبقي و لاتذرُ



فأقبلت و رسول الله في حِلَقٍ *** من صحبه و فؤاد الدهر مفتخرُ



كأنه الشمسُ . . أو كالبدر مزدهرا *** أستغفر الله.. ماذا الشمس و القمرُ؟!



فأفصحت – يالهول الخطب- وانفجرت *** و طالما هدّها الإطراق و الفكرُ



قالت له : يا رسول الله معذرةً *** ينوء ظهري بذنبٍ كيف يُغتفرُ!!



فجال عنها و أغضى عن مقالتها *** و للتمعّر في تقطيبه أثرُ



واسترسلت يا أجلّ الخلق قاطبةً *** يا أرحم الناس طُرّا: غرّني الغررُ



فجال عنها و أغضى عن مقالتها *** رحمى..وللعفو في إعراضه صورُ



قالت وللصدق في إقرارها شجنٌ *** والصمت يطبق والأحداث تُختصرُ



أصبت حدّاً فطهّر مهجةً فنيت *** وشاهدي في الحشا، إن كُذب الخبرُ



دعني أجود بنفس لا قرار لها *** فالنفس مذ ذاك لا تنفك يحتظرُ



حرارة الذنب في الوجدان لاعجةٌ *** إني إلى الله جئت اليوم أعتذرُ



فقال عودي.. وكوني للجنين تُقى *** فللجنين حقوقٌ مالها وزرُ



فاسترجعت وانثنت شعثاء شاردةً *** فهل لها فوق نار الوزر مُصطبرُ؟!



ما أودعت سجن سجّانٍ و كافلها *** تقوى الإله . . فلا سوطٌ و لا أَسرُ



تغصّ في كل ليل حالك قلقا *** و عندها سامراها : الهمُّ و السهرُ!!



واغتالها غائل الإشفاق من سقرٍ *** سبحان ربي. . وما أدراك ما سقرُ!!



لم تنتظر قرّة ً للعين أو سندا *** و إنما هو حتف الروح تنتظرُ



لكل ميلاد أنثى فرحةٌ و رضا *** و ما لميلادها سعدٌ و لا بِشَرُ!!



حتى إذا حان حينٌ و انقضى أجلٌ *** و قد تقرح منها الخدّ والبصرُ



حلّ المخاض فهاجت كلّ هائجةٍ *** مثل الأسير انتشى و القيدُ ينكسرُ



طوت عليه لفاف البين وانطلقت *** فروحها للقاء الطهر تستعرُ



أمٌّ تغشّى حياض الموت مشفقةً *** إذا اعترى المذنبين الأمن والخدرُ



و أقبلت .. يارسول الله : ذا أجلي *** طال العناء و كسري ليس ينجبرُ



فقال قولة إشفاقٍ و مرحمةٍ *** و القلب منكسرٌ ، و الدمع ينهمرُ



غذّي الوليد إلى سنّ الفطام فقد *** جرت له بالحقوق الآيُ و السورُ



فاسترجعت ، ولها آهات محتسبٍ *** بمهجةٍ غيّرت و جدانها الغِيَرُ



ومرّ عامٌ .. وفي إصرارها جلدٌ.. *** ومرّ عامٌ .. فلا ضعفٌ و لا خورُ



الله أكبر . . والأذكار سلوتها *** والبرّ يشهدُ و الإخبات و السحرُ



حتى إذا ما انقضت أيام محنتها *** تكاد لولا عرى الإيمان تنتحرُ



جاءت به ورغيف الخبز في يده *** وليس يعلم ما الدنيا و ما القدرُ !!



وليس يدرك ما تفشيه لقمته *** و الشمل عمّا قريبٍ سوف ينتثرُ



يلهو.. و لم تبلغ الأحداث مسمعه *** جهلاً. . وعن مثله يُستكتم الخبرُ



قالت: فديت رسول الله ذا أجلي *** قد ملّني الصبر،والعقبى لمن صبروا



فقال: من يكفل المولود من سعةٍ *** أنا الرفيق له.. يا سعد من ظفروا!!



فاستله صاحب الأنصار في فرحٍ *** وحاز أفضل فوزٍ حازه بشرُ



كأنما الروح من وجدانها انتسلت *** يا للأمومة . . و الآهات تنفجرُ



وكفكفت دمعةً حرّى مودِّعةً *** و للأسى صورةٌ من خلفها صورُ



حتى إذا ما انطوى عن ظهرها ألقٌ *** واستسلمت لقضاء زفّه القدرُ



شدوّا عليها رداء الستر واحتُفرت *** الله أكبر. . ماذا ضمّت الحفرُ



الحكم لله فردٍ لا شريك له *** ما أنزل الله . . لا ما أحدث البشرُ



وفي الحدود نقاء النفس من لممٍ *** وفي الحدود حياة الناس فاعتبروا..



وشذّرتها شظى الأحجار فالتجأت *** و في تألمها عتقٌ و مطّهرُ..



فالعين مسملةٌ .. و الخدّ منهشم *** و الشعر في جندل الأحداث منتثرُ



لو أن للصخر قلبا لانشوى ألما *** و قد ينوء بأثقال الأسى الحجرُ



أو أن للطفل عين -والدماء سدى- *** ماذا عسى أن يقول الطفل يا بشرُ؟!



هناك- والجسد الذاوي يفوح شذى- *** لم يبق إلاّ جمال الطهر والظفرُ



واستبشرت بعبير التوب واغتسلت *** كما ينقي صلاد الصخرة المطر



وقال فيها رسول الخير قولته: *** تابت و توبتها للناس معتبر



لو وزّعت بين أهل النخل قاطبةً *** كانت لهم دون بأس الله مُدّثر



قام النبي وصفّ الصحب في أثرٍ *** فيهم أبو بكرٍ الصدّيق و العمرُ



صلى وصلّوا وضجوا بالدعاء لها *** و دعوة المصطفى للعبد مُدّخر



في ذمة الله يا من فاح مرقدها *** عطرا، وطبتِ وطاب القبر و المدر



بيّنتِ حكما، و كنتِ للتقى مثلاً *** وفاز بالصحبة الغراء مبتدر



سارت إلى جنة الفردوس فابتسمت *** لها الربى و النعيم الخالد النَضِر



وجنّة الخلد تجلو كل بائسةٍ *** يحلو إليها الضنى والجوع والسهر



إن غرّها طائف الشيطان في زمنٍ *** فلم تزل بعدها تعلو و تنتصر



هناك قصة توبٍ تزدهي مثلا *** للتائبين و فيها البرّ و العبر ..



في كل لفتة حزنٍ نور موعظةٍ *** أليس في سيرة الأصحاب مُدّكر



و رب ذنبٍ دعا لله صاحبه *** إن أخلص العزم أو إن صحّت الفطر



يا من يصرّ على الآثام في صلفٍ *** و الموت خلف جدار الغيب مستتر



الله يفرح إن تاب المسيء ..ألا *** قوموا إلى الله و استعفوه و ابتدروا



لا تأمن العمر والأيام راكضةٌ *** وقد يجيء بما لم تحذر القدر!!



في الدهر زجرٌ وفي الأحداث موعظةٌ *** فما لقلبي المعنّى ليس ينزجر؟!



كم غرّ إبليس والأهواءُ من نفرٍ!! *** وأعظم الذنبِ أنّ الذنبَ يُحتقرُ..

التعليقات (1)

Hisham_khateeb     
لا إله إلا الله
شكرا على هذه القصة الجميلة اخي عماد
تقبل مروري