ما وراء القمر

59

3,198

سماع أصوات الموتى في قبورهم !!!






سماع أصوات الموتى في قبورهم !!







بقلم: الدكتور أحمد محمد

الفاضل







قبل نحو أكثر من سنة ظهر الشيخ عبد المجيد الزنداني على الفضائيات ، ليسمع الناس شريطا ً ، يدَّعي أنه سُجل في روسيا من بئر عميقة للنفط




و أن الأصوات المخيفة التي تنبعث منه




– و هي عويل و صراخ واستنجاد –




ما هي إلا أصوات الموتى الذين يعذبون في قبورهم ، و يُصْلوَنْ حرَّ النار ..!!




و ادعى أيضا ً أنَّ هذا الشريط المرعب ، كان قد ســُجـَّل قبل نحو عشر سنوات ، و أن أحد الذين التقطوا هذه الأصوات ، قد قُـتل غيلة لئلا ينشر هذا الاكتشاف بين الناس حرصا ً على الإلحاد و اللادينية ، لأن هذه الحقائق التي حواها هذا الشريط تنقض بنيان الإلحاد و تهدمه ...





إلى أخر ما قال!!





و انتشر هذا الشريط بين الناس عامَّهم و خاصَّهم




انتشار النار في الهشيم ، لأنَّ كثيرا ً من الخطباء و الدعاة تحدث عنه و نبه عليه




ولعل بعضهم صعد المنبر و بيده مسجل ليسمع الناس الأصوات التي تتقطع لها القلوب رعبا ً و خوفا ً ...




و إنما قصد هؤلاء من ذلك تقرير عذاب القبر و تثبيته في عقول الناس و أفئدتهم ...




فيطمئن التقي الصالح ، و يرعوي الشقي الطالح ...!!





و غفل هؤلاء جميعا ً أنَّ سماع ما يجري في القبور مستور عن الناس و محجوب عنهم حجبا ً مطلقا ً ، ولا يتأتـَّى لأحد ٍ أن يطـَّلع عليه ، ولن يغدو مسموعا ً و مدركا ً في يوم من الأيام .





ولعل قائلا ً يقول مستفهما ً أو مستنكرا ً :





فيم َ هذا الإنكار ؟





و ما سرُّ هذه الحرب الشعواء على هذا الشريط و مُـرَوَّجيه ؟





و ها أنا ذا أجيب


– عسى المستفهم يزول استفهامه ، و المستنكر ينقلب استنكاره –





فأقول :




إن الغيب المحجوب عن الناس قسمان :





الأول :





الغيب النسبي : و هو الغيب الذي يكون غيبا ً بالنسبة لزمن دون زمن ، أو مكان دون آخر ، أو أشخاص دون غيرهم ...




و هذا كثير جدا ً ، و أمثلته لا تكاد تحصى .




فمن ذلك : النطفة أو الحوين المنوي للرجل ، و البيضة للمرأة ، لم يكونا تحت الأنظار من قبل ، لأن العين المجردة لا تدركهما ، لأن للبصر عتبة ً يقف عندها ، كما أن للعقل حدا ً ينتهي إليه .




لكننا في العصر الحديث و بعد تطور العلوم ، استطعنا بوساطة المجاهر المكبرة و المقربة أن نراهما رأي العين لكن عن طريق غير مباشر .





إذن ، كان الحوين المنوي غيبا ً في الأزمان الغابرة ، لكنه غيب نسبي يختصه بوقته المنصرم ، ثم غدا اليوم من المدركات المحسَّات .





الثاني :





الغيب المطلق : و هو الغيب الذي حجبه الله تعالى عن الناس في كل زمان و كل مكان حجبا ً مطلقا ً ، و حال بينهم و بين الاطلاع عليه ، لأنه تعالى أراد ابتلاء الإنسان بالإيمان و التصديق به .





و هل الإيمان في أصله إلا تصديق بهذا الغيب ، لأنه ليس من المعقول في شيء أن يطلب الله عز و جل من الإنسان أن يؤمن بوجود ما يراه و يدركه ، فلا أين مع العين كما قالوا .





و هذا الغيب المطلق الذي نتحدث عنه رأسُ الصفات التي يتحلى بها المتَّقون ، لذلك قُدَّم عليها كلها




فقال تعالى :


( ذلك الكتاب لا ريب فيه


هدى للمتقين الذين يؤمنون


بالغيب ويقيمون الصلاة


و مما رزقناهم ينفقون )


/ البقرة – 2 / .





هذا الغيب لا يمكن للناس أن يدركوه سواء أكان ذلك بطريقة مباشرة ، أو غير مباشرة كالاستعانة بالآلات التي اخترعها الإنسان أو سيخترعها في قادمات ا لأيام .





و من هذا الغيب :


عذاب القبر أو نعيمه .




و رؤية الملائكة أو الجنة و النار ...




و السر في هذا الحجب المطلق أن الإنسان لو قدر على الاطلاع على هذه الغيبيات ، لانتهى الابتلاء بالإيمان بها ، و لآمن الناس كلهم جميعا ً ، كما يؤمنون عند سكرات الموت وقت يغدو عاَلمُ الغيب عاَلمَ شهادة ٍ ، فيؤمن المنكر الإيمان الاضطراري الذي لا ينفعه شروى نقير ، و يرى المؤمن ما آمن به من الغيب حقا ً فيلتقي علم اليقين مع عين اليقين ثم حق اليقين ..





هذه حقائق ثابتة وراسخة من أصول العقيدة الإسلامية ، ما كان ينبغي أن تفوت الشيخ عبد المجيد الزنداني




و من تلقف كلامه دون تبصر و نظر ...





و لا ريب أن الشيخ الزنداني ليس أول سار ٍ غرَّه ضوء القمر ...






التعليقات (7)

دنجوان     

مشكورة على التوضيح الواضح والصريح


جعله الله في ميزان حسناتك

sawsan     

مشكورة يا غالية

دمت بخير

أبـو الليث     

انا سمعت المقطع من شيخ من الشام

شكرااا عالموضوع اختنا

endless love     
مشكوره على الموضوع
والتنويه
كتاكيتو     

مشكورة بارك الله بك

وردالشام     

اللهم أجرنا من عذاب القبر



جزاك الله خيرا

نور الدين البلدي     

مشكور أختي وجزاك الله خيراً