مفردات ..على هامش العربية
مرصودين نحن لماضينا ..حيث نفقد في إحدى ملاجئه الآتية ..بعضاً من المعاني المستحيلة
لكننا نشاكس المعنى .. نهزمه
نشهد على حروف تعرت أمامنا في طفولتنا المبكرة .. فحملناها كالسر .. ونحن نخطو فوق أدراج الحياة بهيبة موكب له حضوره الطاغي في عالمنا المزعوم
حروف تتشكل منها كلمات لا نستطيع أن نَعبرها ببرود أو أن نسدل عليها ستائر النسيان
فقط .. لأنها كانت جزءاً من ماضينا .. وبعضاً من توجيهات تلقيناها بصيغة آمرة قدمها إلينا الأهل ومن ثم المجتمع بهالة لا تقبل المهادنة ولا النقاش
تقبل التسليم فقط بحضورها نبضاً نتنفسه ..وتاجاً يعلو عقولنا دون سؤال ..
ولأن ما يعلو العقل يصبح خارج امتلاكنا .. وفوق إطار لوحة لا نملك التحكم بها ..
تبقى تلك الكلمات على قيد البقاء .. لكنها كـ ( الما ) الزائدة من حيث الإعراب ..
كلمات كثيرة غدت في حاضرنا كتلك ( الما )..
لم يعد لوجودها إلا مبرر واحد .. هو أننا لم نقو على دفنها ، فغدت ميتاً نحمله ..
نمشي به .. دون أن نجرؤ على الاعلان بأنه لم يعد على قيد الحياة ..
ولعل كلمة الكبت هي إحداها ..
كلمة الكبت ...أظن أن استعمالها الشائع ككلمة لا يغير شيئاً ولا يضيف جديداً على وجودها ..
هي كلمة مفرغة من معناها ، كالقبر المغلق على القليل من الأتربة والفراغ ..
نواجه الجيل بها .. نسألهم عنها ..
نظرتهم تقول بحيرة .. ماذا تعنيه .. وما تؤول إليه ..
هذه المفردة لم تعد صالحة لزمننا هذا ..
لم يعد لها وجود في عالمنا ويومنا ..
فالجيل الجديد لا يفقه لها معنى .. لأنه ببساطة لم يعرف الكبت أبداً ..
ولكن .. هل نظلمه لأنه لم يعرف...
هل ندينه لأن تلك المفردة لم يتعرف عليها ولم يلتقيان معها يوماً وجهاً لوجه أبداً
فالجيل الجديد يعرف معان أشد منها بؤساً وأكثر منها هماً ....
لا يعرف الكبت .. لكنه يحترق بنار الفراغ واللا أمان .. تكويه حاجات مادية وأخرى معنوية ولا يملك غالباً الحصول عليها
ينفتح العالم أمام عينيه عبر شاشات تختصر له كل الأفراح والأحزان بلحظة واحدة وتأخذ منه الوقت والسكينة ...إلى الأبد
الحياة صارت أعقد مما يجب .. وسلبت أكثر مما يحتمل هذا الجيل ..
الحياة أفرغت هدوءها من معناه .. وطمأنينتها من سرها .. وحُجبت عن جيلها الجديد
ألق الانتظار والترقب .. ألق الدهشة عندما منحته كل شيء .. وسلبت منه شوق المغامرة للمجهول ..
الكبت مفردة متشردة فوق بلاط الأبجدية .. تتسكع في العتمة حّد النسيان ..
أضاعها الجيل الجديد .. لكننا أيضاً سلبنا منه لحظات الترقب والأمل والدهشة ..
وأضعنا عليه لحظات الاحتراق والتوهج .. وطالبناه دون خجل .. ودون تردد .. بأن يحمل كل المعاني .. ويضيء
كلام جميل بارك الله فيكي
جزاك الله كل خير
تقبل المرور
شكرا على إطرئك الرائع
أسعدني مرورك على مشاركتي