وردالشام

50

1,201

أَسْئِلَةُ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسْ ضِمْنَ مَنْشُوْرَاتِهِ لإِغْوَاءِ النَّاسْ (2)





أَسْئِلَةُ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسْ




ضِمْنَ مَنْشُوْرَاتِهِ لإِغْوَاءِ النَّاسْ







الْمَنْشُوْرَةُ الثَّانِيَةُ




أَنَا فِيْ حِيْرَةٍ مِنْ أَمْرِيْ ، وَارْتِبَاكٍ فِيْ فِكْرِيْ ، إِذْ يَقُوْلُوْنَ : أَنَّ الرَّسُوْلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَى السَّبْعَ السَّمَاوَاتِ الطِّبَاقْ ، عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهُ الْبُرَاقْ ، وَكُلَّمَا تَرَدَّدَ عَلَى سَمْعِيْ قَوْلُهُ تَعَالَى { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } ( الإسراء/1 ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى { وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى } ( النجم/ 7 -10) فَتَزْدَادُ حِيْرَتِيْ فِيْ هَذَا الأَمْرِ الْعَظِيْمْ ، أَنَا وَكُلُّ صَدِيْقٍ لِيْ وَنَدِيْمْ ، وَلَمْ أَجِدْ ذَرَّةَ صِدْقٍ فِيْ نَفْسِيْ ، وَلا أَنْمَلَةَ تَقَبُّلٍ يَخْتَلِجُ فِيْ عُصَارَةِ رَأْسِيْ ، وَلَمْ يَدْنُ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ عَقْلِيْ ، أَوْ يَسْتَقِرَّ بِخَلَدِيْ ، حِيْنَهَا قُلْتُ : أَبَشَرًا مِنَّا يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ عَلَى فَرَسْ ؟! أَلَمْ يُصَادِفْ طَبَقَةً فِيْ صُعُوْدِهِ لا فِيْهَا أُكْسُجِيْنٌ وَلا نَفَسْ ؟!


وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا ذُكِرَ فِيْ الْقُرْآنِ الْعَزِيْزِ عَنْ نَبِيِّ اللهِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِيْ قَوْلِهِ تَعَالَى { وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ } ( الأنبياء/81 ) تَذْهَبُ بِهِ الْمَسَافَاتِ الشَّاسِعَةْ ، ذَاهِبَةً بِهِ وَرَاجِعَةْ ، كَيْفَ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الرِّيْحُ وَسَارَتْ بِسَاطًا تَحْمِلُ هَذَا الْمَخْلُوْقَ ؟!


فَأَنَا فِيْ حِيْرَةٍ مِنْ أَمْرِيْ ، وَيَدُوْرُ رَحَى الشَّكِّ فِيْ خَلَدِيْ وَفِكْرِيْ !




الرَّدُّ عَلَى الْمَنْشُوْرَةِ الثَّانِيَةِ




إِعْلَمْ أَيُّهَا الْحَيْرَانُ فِيْ أَمْرِهِ فِيْ مَسْأَلَةِ الإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ بِالرَّسُوْلِ الْكَرِيْمْ ، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَأَزْكَى التَّسْلِيْمْ ، فَأَنْتَ مُحْتَارٌ فِيْ أَمْرٍ لا حِيْرَةَ فِيْهْ ، وَتَغُوْصُ فِيْ بَحْرٍ لُجِّيٍّ مِنَ الشُّكُوْكِ وَمَا زِلْتَ فِيْهْ ، فَدَعْ عَنْكَ هَذِهِ الأَوْهَامْ ، فِيْ زَمَنٍ وُجِدَتْ فِيْهِ طَائِرَاتٌ وَصَوَارِيْخُ جِسَامْ ، تَرْتَقِيْ إِلَى مُرْتَفَعَاتٍ مِنْ فَوْقِ السُّحُبِ الْعُظَامْ ، وَمَا كَانَ يَتَصَوَّرُ وُقُوْعَهَا إِنْسٌ قَبْلَ ذَلِكَ وَلا جَانّْ ، فَإِذَا كَانَتِ الطَّائِرَاتُ وَالصَّوَارِيْخُ وَهِيَ مِنْ صُنْعِ بَشَرْ ، تَرْتَفِعُ ارْتِفَاعًا حَتَّى يَعْجَزَ عَنْ رُؤْيَتِهَا الْبَصَرْ ! وَأَمَّا الصَّوَارِيْخُ فَهِيَ عِبْرَةٌ لِمَنِ اعْتَبَرْ ، تُنْبِيْكَ عَنْ خَبَايَا فِيْ طَيِّ هَذَا الْكَوْنِ الأَغَرّْ ، فَسُبْحَانَ مَنْ سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَقَدَّرْ ، وَبَثَّ فِيْ هَذَا الْكَوْنِ الْعَجَائِبَ وَسَخَّرْ ، فَاحْذَرْ أَيُّهَا الْمُحْتَارُ أَنْ تَشُكَّ فِيْ عُرُوْجِ الْمُصْطَفَى إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى فَتَخْسَرْ ، وَقَدْ أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرْ ، فَقُدْرَةُ اللهِ لَيْسَتْ كَقُدْرَةِ جِنٍّ أَوْ بَشَرْ ! فَالْمَخْلُوْقُ وَهُوَ ضَعِيْفٌ صَنَعَ مَا تَرَى ، وَصَعَدَ إِلَى الْقَمَرِ سِرًّا وَجَهْرَا ! فَكَيْفَ بِخَالِقِ الْكَوْنِ وَمَا فِيْهْ ؟! وَهُوَ الَّذِيْ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَزَّزَهُ بِمُعْجِزَاتٍ لِتَثِقَ النَّاسُ فِيْهْ ، فَكَانَ كَمَا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى ، فَتَأَدَّبْ مَعَ رَسُوْلِ الْهُدَى ، وَقِفْ لَهُ احْتِرَامًا وَإِجْلالاَ ، صَلَوَاتُ رَبِّيْ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ مَادَامَ للهِ فِيْ كَوْنِهِ خَلْقًا وَإِيْجَادَا .


ثُمَّ الرِّيْحُ يَا أَيُّهَا الْمُحْتَارُ هِيَ الَّتِيْ تَرْفَعُ الطَّائِرَاتِ إِلَى الأَعْلَى ، بِوَاسِطَةِ مُحَرِّكَاتٍ تَدُوْرُ يَرَاهَا الْعُلَمَاءُ وَالْجُهَلاءْ ، وَإِذَا تَأَمَّلْتَ فِيْ هَذَا الْكَوْنِ سَتَجِدُ الْكَثِيْرَ مِنْ هَذَا الْقَبِيْلِ ، وَإِذَا كَانَ هَذَا صُنْعُ مَخْلُوْقٍ أَتَسْتَغْرِبُ مِنْ صُنْعِ الْخَالِقِ ؟! فَهُوَ سُبْحَانَهُ سَخَّرَ لِسُلَيْمَانَ الرِّيْحَ { غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ } ( سبأ/12) وَلا نَحْتَاجُ إِلَى مَزِيْدٍ مِنَ الأَدِلَّةِ يَا مُرْتَابْ ، فَالَّلبِيْبُ بِالإِشَارَةِ يَفْهَمُ الْمُسَبِّبَ وَالأَسْبَابْ ، فَارْجِعْ عَنْ غَيِّكَ ، وَأُبْ إِلَى رُشْدِكَ ، وَتُبْ إِلَى اللهِ مِنَ الْجِدَالِ الْعَقِيْمْ ، وَلا تُلْقِ بَالاً لِوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمْ ، حَتَّى وَإِنْ عَدِمَ النَّظِيْرْ ، فَآمِنْ بِاللهِ وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرْ .







التعليقات (5)

ما وراء القمر     
sawsan     


المستغفر     

جزاك الله كل الخير أخي في الله

كتاكيتو     

مشكورة ورد موضوع ممتاز

أبـو الليث     

بارك الله فيك اختنا