محمدأبوحسين

22

1,429

قضاء حوائج المسلمين .. وادخال السرور على قولبهم

جاء في كتاب لواقح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية ص 455 :

أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نقضي حوائج المسلمين وندخل عليهم السرور ولا نقبل على ذلك هدية منهم على قاعدة أن فعل الطاعات بالأصالة إنما هو للثواب الأخروي وما فاز بذلك إلا العارفون الذين يفعلون الأوامر الشرعية امتثالا لأمر الله دون الأجر الأخروي وأما غيرهم فهو بارك في وحلة الثواب لا ينفك وقد جربنا أن كل من قبل عوضاً على شفاعة شفعها عند حاكم فهو خارج عن الطريق ثم تنقطع الوصلة بينه وبين الحق فيرد الحاكم شفاعته ولا يصير له عندهم حرمة كما لا حرمة لأحد من أهل الدنيا عندهم بخلاف من هو قائم لله تعالى

فاقض يا أخي حوائج المسلمين لله تعالى وإن طلبت على ذلك أجراً فاطلبه من الله على سبيل إظهار الفاقة وإنه لا غنى لك عن فضله وإياك وقبول الهدية على ذلك لا سيما من النساء والفقراء من الدنيا

وقد كان الشيخ جلال الدين المحلى شارح المنهاج رحمه الله يخدم جميع عجائز الحارة وشيوخها العاجزين ويشترى لهم الحوائج من السوق وربما سأله إنسان في حاجة فيترك التدريس ويقوم لحاجة ذلك السائل.

وسألته عجوز مرة يشترى لها زيتا من السوق فقام من الدرس فقالوا له تترك الدرس لأجل عجوز ؟ فقال: نعم حاجتها مقدمة عليكم وكان أكثر ما يخرج لحوائج عجائز حارته حافيا ويقول الأصل في الأرض الطهارة وكان يخرج في الليلة المطيرة مشدود الوسط ويقول: من له حاجة بنار أجئ بها له من الفرن فيطوف على عجائز الحارة واحدا واحدا رضى الله عنه وقال للشيخ فخر الدين المقدسي والجوجري يوما حين قالوا له: كيف تقدم شراء زيت حار أو مجيئك بالنار على تدريسنا العلم ؟ فقال لهما: المدار على إدخال السرور والمحتاج يحصل له بقضاء حاجته من السرور أكثر مما يحصل لكما بتعليمكما العلم هكذا حكى لي الحاج جلال الدين بزددار الجوالي وكان قد صحب الشيخ جلال الدين سنين كثيرة قال: ورأيته مرة يخبز لعجوز فقلت له في ذلك فقال: قطعنا عمرنا في الاشتغال بالعلم والآفات فيه كثيرة قل من ينجو منها وما رؤى أحد من العلماء بعد موته فقال غفر لي بعلمي أبدا إلا قليلا لما فيه من الآفات بخلاف مثل هذه الحوائج فربما يغفر لنا بها. والله تعالى أعلم
وسمعت سيدي محمد بن عنان يقول: عندي أن النقيب الواقف في حوائج فقراء الزاوية أكثر أجرا من المقيمين العاكفين على القراءة والذكر والعبادة لأنه لولا سعيه عليهم لم يقدر أحد منهم على الجلوس لتلك العبادة بل كان يخرج يسعى على الرغيف قهرا عليه
وكان سيدي خضر الذي كفلني يتيما يخرجني في المطر ويعطيني جفنة ويقول: املأها نارا من الفرن ودر على أهل الحارة واعرض عليهم من له بها حاجة ثم يقول: يا ولدي إنما أقصد بذلك أن الله تعالى يقيض لك من يخدمك عند العجز مجازة على فعلك هذا ثم يقول لي: أما رأيت يا ولدي بعض الشيوخ العاجزين عليه الخليقات النظيفة وهو ضرير يقاد إلى المسجد لا يفوته صلاة في جماعة وهو مستغن عن سؤال الناس ؟ فأقول: نعم فيقول: أما رأيت شيخا عليه قحف حافي مكشوف الرأس وما عليه من الصلاة أبدا إذا فاتت وهو دائر يسأل الناس جديدا نقرة فلا يعطونه ؟ فأقول: نعم فيقول: هذا ضيع حقوق الله وحقوق عباده في صغره فضيعه الله في كبره وذاك وفى بحق الله وحق عباده في صغره فقيض الله تعالى له من يخدمه في كبره فلا تكاد ترى مخدوما قط في كبره إلا وقد خدم الناس في صغره. {والله غفور رحيم}



كتاب لواقح الانوار القدسية . لسيدى عبد الوهاب الشعرانى رضى الله عنه


التعليقات (1)

المستغفر     

جزاك الله كل الخير أخي في الله