فلسطينيون ينامون في شوارع البرازيل منذ ستة أشهر
غزة - دنيا الوطن
من هنا تبدأ القصة: "على كل من يحمل اسماً ودماً ويملك بيده قلماً أو قراراً أن يعمل على إنقاذ أطفال صغار ونساء ومرضى ومسنين منذ ستة أشهر في شوارع البرازيل، فهم عرضة للهلاك والموت والجريمة".
نداء يخترق أجواء الفضاء من المتحدث باسم اللاجئين الفلسطينين في البرازيل عصام عرابي، الذي أبى السكوت ليحمل أصوات أبناء جلدته ويبث همومهم في سطور ليخاطب القارئ والضمير معاً.
فبعد مسيرة من الرعب والخوف والقتل على أيدي الميليشيات وفرق الموت في العراق في عام 2005، وبعد أن ناموا في مخيمات البؤس بين الحدود العراقية السورية، بما يعرف بحدود "الوليد"؛ تتقاذف الأيام الفلسطينيين صوب مهجر آخر، بعد أن وافقت حكومة البرازيل عام 2007 على احتضان الفلسطينيين المقيمين في العراق بطلب تقدمت به الحكومة إلى الأمم المتحدة، ولاقت على هذه الخطوة ترحيباً دولياً.
سوء الأوضاع الأمنية
وقال عرابي: "عانينا في العراق من الاضطهاد والخوف على أرواحنا من القتل والتعذيب، عانينا في المخيمات من الذل والإهانة وسوء الأوضاع المعيشية، ونعاني اليوم في البرازيل من الإظطهاد والخوف على أرواحنا وأرواح أطفالنا من الخطف والقتل جراء سوء الأوضاع الأمنية المتردية للغاية في البرازيل. فضلاً عن الذل والمهانة وسوء الأوضاع المعيشية التي نعيشها في بلد يفتقر إلى كل مقومات الحياة الآمنة الكريمة".
ويضيف قائلاً: "إنها ميليشيا الحكومة البرازيلية والجمعيات الفلسطينية في البرازيل، والتي تلعب دور الشيطان الذي يوسوس بما يصب من فائدة لصالح أهداف أسيادهم، والتي لا تدر على اللاجئين سوى المزيد من العيش المُهين وصولاً بهم إلى أدنى المستويات، فليس لهذه الجمعيات أو السفارة الفلسطينية أي دور تلعبه لانتشال الناس".
وتابع عرابي: "التخاذل والتآمر لخدمة الحكومة البرازيلية والمفوضية والمؤسسات المجرمة التابعة لها وكأنهم تبعية لهم وليسوا هيئات دبلوماسية وجمعيات فلسطينية مستقلة من واجبها مساندة ومؤازرة إخوانهم وأبناء شعبهم ممن ظلموا كل هذا يوضح سوء الحال الذي يعيش فيه اللاجئون اليوم".
رعب ثقيل في البرازيل
من جانبه، ذكر محمد النابلسي (33 عاماً )، أن البرازيل لديها ما يكفيها من تشرد وجريمة، وليست بحاجة إلى جلب أناس من الخارج ليناموا في شوارع المشردين، فهناك المئات من شتى الأشكال والأعمار والأصناف ممن يفترشون الشوارع وتحت الجسور، وينامون في بيوت من الصفيح والكارتون وبجوار المجاري وبين الأشجار وفي أحط الأماكن".
يذكر أن هناك الكثير من البرازيليين يجمعون طعامهم من حاويات وأكياس القمامة ومن بقايا الطعام الذي يخلفه زبائن المطاعم. وهناك أنواع شتى وطُرق كثيرة للتسول، حيث أن التسول اليوم بات أحد الفنون التي ربما ستدرج مستقبلاً في المناهج التعليمية في البرازيل.
وعن الجرائم في البرازيل، وتحديداً في المنطقة التي يتواجد فيها مئات العائلات الفلسطينية في الغابات, قال سيف عمران (35 عاماً) إن "الجرائم التي تحدث هنا مرعبة، فمثلاً امرأة برازيلية تضع طفلها الرضيع في كيس لجمع القمامة وتلقي به في النهر، وآخر يقتل ابنته بوخزها بمفك ليلقيها من الطابق العلوي، وأخرى تدفع بطفلتها الصغيرة من حافة النهر لتغرقها، فمن يشاهد التلفاز البرازيلي يرى العجب من هذه الجرائم".
وتقول سارة محمود (44 عاماً)، "إن مثل هذا المجتمع ليس فيه أي روابط أسرية، بل هو مبني على العنف وتقطع الأوصال والروابط. الناس لا يرحم بعضهم البعض إلا لمصالح وشهوات دنيئة، ولم يبق هناك شيء في هذا المكان إلا أن يأكل الناس بعضهم بعضاً".
حكاية وصول
ويروي عمر أكرم (27 عاماً)، وهو شاب فلسطيني في مخيم اللاجئين، حكايته قائلاً: "حين وصلت إلى العاصمة البرازيلية في شهر كانون الأول من العام الماضي قال لي أحدهم: خذ بالغ الحيطة والحذر في هذا الشهر بالذات. فقلت: لماذا هذا الشهر بالذات. أجابني: لكثرة السرقة فيه، لأنه مطلوب منهم في رأس السنة جمع المال لكي يحتفلوا، وإذا تعرضت لهذا الشيء فأنصحك أن تعطي كل ما في جيبك، لأنهم لن يكتفوا بالسرقة بل ربما تلقى حتفك إذا حاولت مقاومتهم".
ومن الجدير بالذكر أن هذه الأعمال طالت العديد من منازل اللاجئين الفلسطينيين. ويقول أحد البرازيليين الذين يقطنون بالقرب من مخيمات الفلسطينيين ويدعى كورمي وبرمز (33 عاماً)، "أنا أعمل في معمل أقمشة، وزوجتي تخدم في أحد بيوت الأغنياء، ومنذ 3 سنوات إلى اليوم وأنا أقول: لو كنت لصاً لكان اليوم وضعي أفضل".
وأوضح محمد شابي (45 عاماً)، وكان يعمل أستاذاً للغة العربية في بغداد، "هناك عائلات من اللاجئين الفلسطينيين الذين تم جلبهم إلى البرازيل لا يعلمون شيئاً عن البرنامج ومدته وأوضاع البلد، لأنهم تم جلبهم من مخيم الوليد في العراق، فمنهم من اضطر بدوافع عدة للقبول بمثل هذا البلد، والذي يفتقر إلى أبسط مقومات إعادة تأهيل وليس اندماج اللاجئين".
رسالة من البرازيل إلى فلسطين
يشار إلى أن أحد البنود بالأوراق التي وصلت إلى اللاجئين بعد أشهر من إقامتهم في البرازيل تتحدث عن ضمان احترام العادات والتقاليد والمعتقدات الدينية للاجئ الفلسطيني. بعدها فوجئ اللاجئون عندما تقدمت بعض المنظمات الحكومية البرازيلية بعروض مخزية، وذلك بطلب تشغيل النساء في البارات بحجة زيادة الدخل، علماً أن اغلب النساء اللاجئات ممن يرتدين الحجاب، ولهن عادات وتقاليد محافظة، ومنهن من لا تستطيع التعايش مع المجتمع البرازيلي بهذا النحو.
واختتم عصام عرابي، المتحدث باسم اللاجئين الفلسطينيين، حديثه بالقول: "أطالب باسم الفلسطينيين، بمن فيهم تلك الحالات الإنسانية والمرضية الصعبة، السلطة الفلسطينية وجميع الفصائل الوطنية، وأطالب إخوتنا في فتح، و الإخوة في حماس وكل من يحمل اسماً ودماً فلسطينياً؛ العمل من أجل إنقاذ أطفال صغار، ونساء ومرضى ومسنين يجوبون عباب الضياع في البرازيل".
والله ان العين لتدمع والقلب ليحزن
وانا على هذه الأوضاع وهاذا الصمت لخجلون