باحث عن الحق

50

2,001

رسائل إلى أختي المحجبة

كم يثلج صدري رؤية أخواتٍ محجبات بعمر الورد.. في زمنٍ القابض فيه على الدِّين كالقابض على الجمر..



مغرياتٌ شتّى.. على الأرض وفي الفضاء.. في المجتمع والبيت.. وجهادٌ للشيطان والنفس والهوى.. فبارك الله في هذه القلوب العامرة بالإيمان، الراجية رضا الرحمن جل وعلا..



إلا أننا لسنا ملائكة.. والكمال لله جل وعلا، والعصمة لرسوله صلى الله عليه وسلّم.. وقد تصدر منا بعض سلوكيات، قد تُسيء للإسلام وللحجاب ولأنفسنا.. أحياناً كثيرة دون قصد أو تنبّه..



ولذلك أحاول في رسائلي هذه التوجّه إلى نفسي قبل غيري من المؤمنات الغيورات على الدِّين، لألفت نظرهنّ إلى أمور قد لا يعرنها أهمية كبرى، ولكنها تخدش إيمانهنّ.. وهي النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامّتهم..



خرجت من مركزٍ دعوي في بيروت وقفلت عائدة إلى بيتي في طرابلس.. مررت أمام حديقة أثريّة رائعة وأخذت أتأمّل من فيها، ساعدني على ذلك ضوء الإشارة الحمراء التي ألجمت السيارة عن المسير..



كانت الحديقة مليئة بالناس.. رجال يمارسون رياضة المشي، ونساء يتسامرن على المقاعد، وأطفال يلعبون ويركبون الدراجات.. ولفتني في منتصف الحديقة شاب وفتاة يجلسان متلاصقين كأنهما يعيبان على الهواء المرور من بينهما! كان يمسك بيديها ويغرق في النظر بعينيها ويخشى أن تزلّ قدمه عن بساط التأمل فيها فيهوي في فراغٍ عميق! وهي لا شك تبادله النظرات واللمسات والقرب!



ساءني ما رأيت.. وأتعبني الحال الذي وصل إليه شبابنا.. هذا ولم أسئ الظن بهما.. واعتبرت أنهما مخطوبان وأن علاقة شرعية تربطهما.. وتساءلت.. إلا يوجد بيت لهما أو لأهلهما يضمهما ليهربا فيه من نظرات الناس وليفعلا ما بدا لهما بعيداً عن الجهر بمكنون مشاعرهما في وسط البلد؟!



ما ذنب الحاضرين في المكان أو المارّين من جانبه ليروا ما لا يحق لهم رؤيته؟ وما حال العذارى والشباب العازب لينظر فيرغب فيفتش عمّن يُشبع احتياجاته إن بالحلال أو بالحرام؟! ومن يتحمّل مسؤولية سوء الظن الذي قد يطرأ على بال "المتفرّج" حين يعتقد أنها ليست زوجته فلو كانت لوجد مكاناً يغلق بابه عليهما!



قد يقول قائل هل توقف الأمر على منظر في مكان عام والفضائيات تذخر بقلّة المروءة، والمواقع الإباحية متاحة للمتسكعين في أرجائها، وبائعو الرذائل ينشرونها بثمن بخس؟! أقول نعم، قد توقف! حين تكون الفتاة التي تترجم مشاعرها في مقطع "تمثيلي" في وضح النهار وفي مكان عام فهذا قد يكون مسيئاً من نواح عدّة.. فقد يُضفي "شرعية" ولو قاصرة على ما تقوم به.. وقد تسهِّل لمن وراءها أن انضموا إلى نادي التعبير دون خجل.. فأول خاطرة سترِد إلى ذهن الفتاة غير الملتزمة حين ترى هذا المنظر: إن كانت محجبة وتفعل ما تفعل فلا عتب عليّ! وقد يعتقد الشباب أن المحجبة يمكن أن تكون لقمة سائغة للعبث.. فكما تهاونت هذه تتهاون غيرها! والستر مطلب أساس فلا بد –وإن كانت العلاقة شرعية- من التستر في عرض المشاعر والبوح بالانجذاب!





ورسالة أُخرى..





جلسَت إلى جانبي في محاضرة للدكتور وجدي غنيم.. لباس فضفاض وسَمتٌ إيمانيّ عالٍ.. وفي وجهها وقار.. فانشرح قلبي لها، وما إن جلست حتى بدأت أصوات غريبة تصدر منها.. وكان كل صوت كسوط يجلد ظهري، ويزيدني ضيقاً على ضيق.. كانت تضع اللبّان أو ما يسمّى باللهجة اللبنانية "العلكة"، وتمضغه بطريقة تصدر أصواتاً كالمفرقعات المتتالية، ولكن بصوت أخف.. وبغض النظر عن فوائد العلكة التي تحدث عنها علماء وأطباء الصحة والأسنان والتي صرّح بعضهم أنها تساعد على التركيز، فإنني أؤكد بدوري أن مضغها في مكان عام بشكل منفِر قد يكون عائقاً في التركيز لمن يجلس إلى جوار ماضغها.. وهي مأساةٌ ولا شك أن تشتّت "علكة" انتباه المرء عن فوائد تُعرَض وراحة نفسيّة تُرجى!



لطالما نُظِر إلى العلكة بطريقة سلبية وأن الذي يضعها في مكان عام هو إنسان مستهتر لا مبال ولا يحترم الآخرين.. وهذه حقيقة اجتماعية تربّينا عليها، إلا أنها تصبح أكثر سوءا إن رافق المضغ أصوات تثير العصبية، فيضطر مَن يسمعها إلى ترك المقعد والتماس الراحة والتركيز في أماكن أُخرى أهدأ وأفضل!



أختي المحجبة.. يريدك الله جل وعلا أن تكوني شامة بين الناس.. داعية للخير راقية في تصرفاتك وفكرك.. فلا تجعلي قطعة من "العلكة" تزيل عنك الوقار وسمتك الحسن!..



أختي المحجبة.. حجابك وقار.. وعفّتك فَخار.. درّةٌ مكنونةٌ أنتِ.. فلا تعرضي نفسك للسعات الألسنة!



وللحديث بقية..



التعليقات (5)

باحث عن الحق     

بارك الله فيك
اللهم رد شباب وبنات المسلمين لدينك




الهم أمين جزاك الله خير ياغالي

أبـو الليث     

بارك الله فيك
اللهم رد شباب وبنات المسلمين لدينك

باحث عن الحق     
المستغفر     

جزاك الله كل الخير أخي في الله

باحث عن الحق