firehorse

50

2,555

ضاعت الطاسة .. حمام مقطوعة ميتها ..وصلت المي للقسطل .. قصص الامثال الشعبية في حمام السوق ..بقلم سعد


إعلانات



كان في إحدى خلوات الحمام رجلٌ جالس ، تقرّبت منه المجالس ، و تكأكأ عليه السمّار ، من مختلف الأعمار .



و هو أنحلهم جسما ، و أغربهم عني إسماً ، فشوّقني الفضول ، إلى سماع ما يقول.



فاقتربت من مجلسهم ، و أنصت لمحدّثهم ، فإذا بالكلام ، يدور على " أمثال الحمّام "

و أشار الرجل متحفزاً، و سأل ملغزاً:



ما القول الفصيح ، و المثل الصحيــح ، في قــــوم اجتمعــوا في شركة ، و توسلوا بوسيلـــة مشتركــة .



و تسابقوا بلا دور و لا نظام ، و نبذوا التعاون و الإنتظام .



فأطبق كل فرد أجفانــه ، مفوضا أمــره أقرانه ، فلما حانت اليقظــة و الإنتباه ، نادى قرينه فما لبّاه ، و ضاعت منه الوسيلة ، وليس بيده حيلة .



و الكل محبطون، يتعثرون ويتخبطون ، أمرهم فوضى ، و عمرهم قد تقضّى .



و الوقت تدنّـى ، و الوسيلـــــة منهم قاب قوسين أو أدنى.



- قالوا:و هل حكاية مثلها محاطة ، بمثلٍ كل الإحاطة ؟



فتركت أركاني ، و استبدلت مكانهم من مكاني ، و قلت :



مه ياقوم ، و عليكم اللوم كل اللوم .



- فقالوا: و هل أدركت مثل القوم و أساسه؟



- قلت : أجل :" لقد ضاعت الطاسة "!



(حينما يكون المتجمعون على جرن الحمام مغمضي العيــون بسبب الصابون ، و يسرق أحدهم الطاسة المشتركة ،يقــوم الصيـــاح و التفتيش الأعمى و كل يفتش في مكان غير مجد )



فتبسم الغريب و تثنّى ، ثم سألني و ثنّى:



فما القول يا أئمّـة ، فيما يصيب الفرد و الأمّــة ، فهم لايلبثــون على حال ، حتى تختلف عليهم الأحوال .



فإذا أعدّوا لأمرٍ عدّة ، لم تطل بهم المدّة ، و وقع عليهم التناقض ، بين أمـر و أمـر مناقض ، فانكفؤا يعدون ، يصححون و يعيدون .



فما يقطعـــون أشواطا، حتى يلغى الأمر اعتباطا ، ويحصل فيه الإنقلاب ، وبشكل آخــر يسامون العذاب .



وهكذا تختلف عليهم الأنواء ، باختلاف الأجواء، و تتركب المسائل ، بتناقض الوسائل ، والوضع على التمام ، متوفر في هذا الحمام.



فما هي الأمثولة الشاردة؟



- قلت :" طاسة ساخنة و طاسة باردة "



( حينما ينفد ماء الجرن يفتح القيّم أو القيّمة الماء السخن قبل أن يجـــري الماء البارد ، و كثيرا ما يغفــل المغتسل عن ذلك فيصب مـــن طاسة فتلذعه حرارتها.



فإذا أعاد القيم الكرة و ابتدأ بالماء البارد لإملاء الجرن قبل الساخن، أصاب المغتسل غير المنتبـه البرد الشديد بعــــد أن كان قد أصيب بالحرارة الشديدة فيصيح بالقيم : ما هذا ؟ طاسة باردة و طاسة ساخنة ؟)




- فقال : إنك تدقق في المعاني الدقيقــة ، و تصيب كبد الحقيقــة ، فانتبه ياصاح ، و أحسن الإجابة و الإفصاح ، و در بالدوائر ، و هات المثل السائر، في :



مكان هادئ كالخليج ، يرتفع فيه الضجيج ، و تفاجئه الضوضاء ، و تتشابك فيه الأعضاء ، فأهله في وضع عصيب ، و كلهم فوجئ بما أصيب.



فهذا وقف و هذا جـرى ، وثالث يسأل و رابع لا يرى .



و السائل لا ينتظــر الجواب ، و المجيب ليس على صواب ، فإذا غشيت عليهم المكان ، أدركت من أمرهم ما كان ، فما المثل ياحكماء ؟



- قلت :" حمام مقطوعة الماء ".




- فقال :آن أن أتحداك ، و أتعشاك و أتغداك.



- فقلت : هلمّ سل ، و لا تركن إلى الكسل .



فعمّق الرجل أنفاسه ، و سكب من الماء طاسه ، و قال :



إنك تدرك الأمثال من الحكايات ، فهلاّ أخبرتني عن بعض النكات؟



- فقلت :سل ما تشا ، فلقد حان وقت العشا .



- فقال :كنت كعادتي ،أرتاد الحمام مع خالتي ، لما في سني من حداثــة، و في أخلاقي من دماثـــة .



حتى قوي نابي ، فعرّتني مرة من ثيابي ، و أدخلتني خلوة النساء ،وكانت الوقت مساء.



و بينما أنـــــا أنتقل من خلوة إلى خلوة، أداعب هنداً و ألاعب حلوة، كانت جارتنـــا نظيره ، تحشو في ثناياها الدريرة .



فجلست لها صدراً لصدر ، أتأمل في الوجه البدر ، و أنا أقترب منها، فطردتني عنها ، و راحت بلسان كالمقص ، تحكي و تقص .



فانتشر الهمس ، و كثر اللمس .



و لكي تدرك خالتي أم رشدي ، أنني قد بلغت رشدي ، و أن حوضي ملآن ، و لا يجوز حضوري بعد الآن ، أسمعتها امرأة بعناية ، قولا فيه كناية .

فهل تدركه أم أنك مسطّل ؟



- فقلت : " جاء الماء إلى القسطل "



( يُقصد بذلك ماء البلوغ ، و القسطل هو الخصيتان عند البالغ ).





التعليقات (5)

endless love     
مشكور على الموضوع
أبـو الليث     

مشكووور خيو عالموضوع

firehorse     
أهلا أخي دراجون
فلسطيني وافتخر     

شو هالمقامة الحلوة شكرا اخي علي على هالكلام الحلو بس شو اسم المقامة ومين كتبها

غريب1     
شكرااااااااااااااا على المشاركة الرائعة