ضاعت الطاسة .. حمام مقطوعة ميتها ..وصلت المي للقسطل .. قصص الامثال الشعبية في حمام السوق ..بقلم سعد
إعلانات
كان في إحدى خلوات الحمام رجلٌ جالس ، تقرّبت منه المجالس ، و تكأكأ عليه السمّار ، من مختلف الأعمار .
و هو أنحلهم جسما ، و أغربهم عني إسماً ، فشوّقني الفضول ، إلى سماع ما يقول.
فاقتربت من مجلسهم ، و أنصت لمحدّثهم ، فإذا بالكلام ، يدور على " أمثال الحمّام "
و أشار الرجل متحفزاً، و سأل ملغزاً:
ما القول الفصيح ، و المثل الصحيــح ، في قــــوم اجتمعــوا في شركة ، و توسلوا بوسيلـــة مشتركــة .
و تسابقوا بلا دور و لا نظام ، و نبذوا التعاون و الإنتظام .
فأطبق كل فرد أجفانــه ، مفوضا أمــره أقرانه ، فلما حانت اليقظــة و الإنتباه ، نادى قرينه فما لبّاه ، و ضاعت منه الوسيلة ، وليس بيده حيلة .
و الكل محبطون، يتعثرون ويتخبطون ، أمرهم فوضى ، و عمرهم قد تقضّى .
و الوقت تدنّـى ، و الوسيلـــــة منهم قاب قوسين أو أدنى.
- قالوا:و هل حكاية مثلها محاطة ، بمثلٍ كل الإحاطة ؟
فتركت أركاني ، و استبدلت مكانهم من مكاني ، و قلت :
مه ياقوم ، و عليكم اللوم كل اللوم .
- فقالوا: و هل أدركت مثل القوم و أساسه؟
- قلت : أجل :" لقد ضاعت الطاسة "!
(حينما يكون المتجمعون على جرن الحمام مغمضي العيــون بسبب الصابون ، و يسرق أحدهم الطاسة المشتركة ،يقــوم الصيـــاح و التفتيش الأعمى و كل يفتش في مكان غير مجد )
فتبسم الغريب و تثنّى ، ثم سألني و ثنّى:
فما القول يا أئمّـة ، فيما يصيب الفرد و الأمّــة ، فهم لايلبثــون على حال ، حتى تختلف عليهم الأحوال .
فإذا أعدّوا لأمرٍ عدّة ، لم تطل بهم المدّة ، و وقع عليهم التناقض ، بين أمـر و أمـر مناقض ، فانكفؤا يعدون ، يصححون و يعيدون .
فما يقطعـــون أشواطا، حتى يلغى الأمر اعتباطا ، ويحصل فيه الإنقلاب ، وبشكل آخــر يسامون العذاب .
وهكذا تختلف عليهم الأنواء ، باختلاف الأجواء، و تتركب المسائل ، بتناقض الوسائل ، والوضع على التمام ، متوفر في هذا الحمام.
فما هي الأمثولة الشاردة؟
- قلت :" طاسة ساخنة و طاسة باردة "
( حينما ينفد ماء الجرن يفتح القيّم أو القيّمة الماء السخن قبل أن يجـــري الماء البارد ، و كثيرا ما يغفــل المغتسل عن ذلك فيصب مـــن طاسة فتلذعه حرارتها.
فإذا أعاد القيم الكرة و ابتدأ بالماء البارد لإملاء الجرن قبل الساخن، أصاب المغتسل غير المنتبـه البرد الشديد بعــــد أن كان قد أصيب بالحرارة الشديدة فيصيح بالقيم : ما هذا ؟ طاسة باردة و طاسة ساخنة ؟)
- فقال : إنك تدقق في المعاني الدقيقــة ، و تصيب كبد الحقيقــة ، فانتبه ياصاح ، و أحسن الإجابة و الإفصاح ، و در بالدوائر ، و هات المثل السائر، في :
مكان هادئ كالخليج ، يرتفع فيه الضجيج ، و تفاجئه الضوضاء ، و تتشابك فيه الأعضاء ، فأهله في وضع عصيب ، و كلهم فوجئ بما أصيب.
فهذا وقف و هذا جـرى ، وثالث يسأل و رابع لا يرى .
و السائل لا ينتظــر الجواب ، و المجيب ليس على صواب ، فإذا غشيت عليهم المكان ، أدركت من أمرهم ما كان ، فما المثل ياحكماء ؟
- قلت :" حمام مقطوعة الماء ".
- فقال :آن أن أتحداك ، و أتعشاك و أتغداك.
- فقلت : هلمّ سل ، و لا تركن إلى الكسل .
فعمّق الرجل أنفاسه ، و سكب من الماء طاسه ، و قال :
إنك تدرك الأمثال من الحكايات ، فهلاّ أخبرتني عن بعض النكات؟
- فقلت :سل ما تشا ، فلقد حان وقت العشا .
- فقال :كنت كعادتي ،أرتاد الحمام مع خالتي ، لما في سني من حداثــة، و في أخلاقي من دماثـــة .
حتى قوي نابي ، فعرّتني مرة من ثيابي ، و أدخلتني خلوة النساء ،وكانت الوقت مساء.
و بينما أنـــــا أنتقل من خلوة إلى خلوة، أداعب هنداً و ألاعب حلوة، كانت جارتنـــا نظيره ، تحشو في ثناياها الدريرة .
فجلست لها صدراً لصدر ، أتأمل في الوجه البدر ، و أنا أقترب منها، فطردتني عنها ، و راحت بلسان كالمقص ، تحكي و تقص .
فانتشر الهمس ، و كثر اللمس .
و لكي تدرك خالتي أم رشدي ، أنني قد بلغت رشدي ، و أن حوضي ملآن ، و لا يجوز حضوري بعد الآن ، أسمعتها امرأة بعناية ، قولا فيه كناية .
فهل تدركه أم أنك مسطّل ؟
- فقلت : " جاء الماء إلى القسطل "
( يُقصد بذلك ماء البلوغ ، و القسطل هو الخصيتان عند البالغ ).
مشكووور خيو عالموضوع
شو هالمقامة الحلوة شكرا اخي علي على هالكلام الحلو بس شو اسم المقامة ومين كتبها