غريب1

0

1,484

قالت:

قالت: أحبُّكَ قمّةً ممنوعةً




وأحبّ فيكَ غوامضَ الأسرار




وأحبُّ ما يُدني وما يُقصي وما




يُغري وما تطويه من أفكار




وأحبّ ذاك العمقَ بحراً هادئاً




وأحبّه في الصَّخْب والإعصار




وأحبّ ذاك النورَ يفلت من يدي




وأُحسّه في العمق من أغواري




إن كنتَ أنتَ البحرَ، في أطوارهِ




صفةُ الحليم وغضبة الجبار




أو كنتَ ذاك الطودَ يعلو شامخاً




في وحدة الرهبان والأحبار




فأنا الرياضُ الغُنُّ، في أفيائها




رِيُّ الظماءِ وراحة الأسفار




وأرى قوافلكَ المهيضةَ أُرهقَتْ




بالسير عبر مجاهلٍ وقفار




فاسكنْ إلى روضي الجميل، فجنّتي




ما شئتَ من ظلٍّ ومن أنهار




واقطفْ ورودي ما استطعتَ فإنها




كنزٌ يقيكَ غوائلَ الإعسار




وامخرْ بحارَ العشق فوق مراكبي




ودعِ القيادَ لجارف التيّار




ما نحْنُ إلا ومضةٌ من بارقٍ




وشرارةٌ في جذوةٍ من نار




تعلو فتُخمدُها الرياحُ وينطفي




ما كان من وَهجٍ ومن أوطار




وغداً يُغادركَ الربيعُ كأنّهُ




ما كان ملءَ السمع والأبصار




ويجفُّ ذاك الغضُّ من أغصانهِ




من بعد إيناعٍ ومن إزهار




وتمرّ بي، أينَ الشموخُ ومجدُهُ؟




خُيَلاؤه؟ خبرٌ من الأخبار




تلك الكؤوسُ كبيرُها وصغيرُها




نضبتْ ومات اللحنُ في الأوتار




أتلفتَ عمرَكَ لا مثوبةَ عابدٍ




حصّلتَ فيه ولا مُنى الفُجّار




وصرفتَ خيرَ العمر بين معابدٍ




للفكر أو في هيكل الأشعار




والفنُّ قد يُثري النفوسَ وإنما




نبضُ الحياة أجلُّ في الأقدار




لكَ أن تتيه بقمّة ممنوعةٍ




شمّاءَ عاليةٍ عن الأنظار




وتسدَّ دربَ القلب عن طُرّاقهِ




من كل غانيةٍ وذاتِ سِوار




وتلوذَ بالقمم المنيعةِ علّها




تحميكَ من متعاظم التيّار




سينالكَ السيلُ الدَّفوقُ وتنتهي




أسطورةُ الأغوار والأسرار




للقلب شأنٌ غيرُ شأنكَ في الهوى




سَلِّمْ له تَسلمْ من الأكدار




خَلْفَ المسوحِ القائماتِ طفولةٌ




لم تَخْفَ عن حدسي وعن إبصاري




ستفكُّ قيدَ العمر عن أسرارها




وتهدُّ ما أعليتَ من أسوار




وتطالع الأفْقَ الرحيب طليقةً




مكشوفةً، مرفوعةَ الأستار




لا القمّةُ الشمّاءُ تعلو عندها




كلا ولا الأغوارُ بالأغوار




تتوحَّدُ الأرواحُ إمّا مسَّها




حبٌّ يُحقّقُ رائعَ الآثار







خليفة التليسي

التعليقات (0)