آدم آدم

0

1,115

تفسير سورة الفاتحة (7) : الشيخ زيد البحري

تفسير




تفسير سورة الفاتحة (7 )



فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



ــــــــــــــــــــــ




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



سورة الفاتحة



من السور المكّية على أصح الأقوال :



لأن بعض العلماء يقول : أنها نزلت في المدينة



و البعض الآخر يرى أنها : نزلت مرتين مرة في مكة ،و مرة في المدينة



و لكن الصحيح :



أنها نزلت في مكة لسببين :



السبب الأول :



هو أن الله عز و جل فرض على النبي صلى الله عليه و سلم الصلاة ،و معلوم أن فرضية الصلاة كانت قبل الهجرة ، و يبعد أن يصلي صلى الله عليه و سلم صلواته تلك بدون قراءة الفاتحة



و السبب الثاني :



هو أن سورة( الحجر) سورة مكية و قد ذكر الله عز و جل فيها سورة الفاتحة ، فلما ذُكرت سورة الفاتحة في سورة الحجر و هي سورة مكية دل ذلك على أن سورة الفاتحة مكية أيضا ،و نزلت بمكةو الدليل :



قول الله عز و جل :



[وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ المَثَانِي وَالقُرْآَنَ العَظِيمَ] {الحجر:87}



و السبع المذكورة هنا هي سورة الفاتحة ،



و عدد سور القرآن :



مائة و أربع عشر سورة ،



منها المكية و منها المدنية،



ولذا :



لو قال قائل :



ما المصطلح أو القاعدة التي نُعرّف بها هذه السورة كونها مكية أو مدنية ؟



العلماء لم يألوا جهدا ، و لو فتحت المصحف لوجدت أمام كل سورة بيان موقعها ،أو مكانها من كونها مكية أو مدنية ،



و الأصوب بالنسبة لقاعدة المكي و المدني:



أنها باعتبار الزمن.



لا باعتبار المكان و لا باعتبار الأشخاص



كيف ذلك ؟



بعض العلماء يرى أن المكي ينظر فيه إلى الأشخاص الذين وجه فيهم الخطاب كقوله تعالى :



[يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ]



مكية لأن الناس فيما مضى يخاطبون على وجه العموم في مكة، وإذا قال :



[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا]



دل على أن هذه السورة مدنية لأن الناس قد دخلوا في دين الله و هم في المدينة ،



و بعض العلماء يرى العبرة بالمكان :



فالآية التي نزلت على النبي في مكة نقول أنها مكية و التي نزلت في المدينة نقول إنها مدنية ،



و من ثم :



فإن قول الله عز و جل :



[اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا ٌ] {المائدة:3}



نزلت على النبي صلى الله عليه و سلم في مكة و هو واقف على عرفة فتكون مكية،



و لكن الصواب :



هو أن المكي :



هو الذي نزل على صلى الله عليه و سلم قبل الهجرة،



و المدني:



هو الذي نزل على الرسول صلى الله عليه و سلم بعد الهجرة بقطع النظر عن المكان



و الآية :



(( اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا ٌ))



نزلت بمكة و لكن الصواب أنها مدنية لأنها نزلت على الرسول صلى الله عليه و سلم بعد الهجرة،



و كفائدة عرضية هنا :



فباتفاق العلماء :



أنه أول ما نزل من القرآن الكريم هو :



مطلع سورة العلق :



[اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(1) خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ(2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ(3) الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ(4) عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5) ].



أول ما نزل على الرسول صلى الله عليه و سلم :



خمس آيات كما جاء عنه صلى الله عليه و سلم كما في الصحيحين من قصة إتيانه صلى الله عليه و سلم و جبريل و هو في الغار ،



و لكن جاء في الصحيحين :



ما يخالف هذا من حديث جابر رضي الله عنه :



أن أول ما نزل من القرآن هو سورة ( المدثر )



فما الجمع بين القولين ؟



وجه الجمع بينهما :



أن قول جابر رضي الله عنه :



( أن أول ما نزل من القرآن هو سورة المدثر )



باعتبار فتور الوحي ،:



لأنه صلى الله عليه و سلم لما نُبأ باقرأ ، و أوضح هذا لبعض أقربائه مثل خديجة رضي الله عنه فتر عنه الوحي ، و اشتد عليه ذلك ،



و لذا قال عز و جل :



- مُقسما ببعض الأوقات ، و القسم من الله تعالى ببعض الأوقات فيه إشارة إلى ضرورة اغتنام تلك الأوقات ، فلم يقسم الله بهذه الأوقاتعبثا ،



كقوله:



[وَالضُّحَى(1 ) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى(2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى(3) وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى(4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى(5) ].



ما و دعك: أي ما تركك، و ما قلى :أي ما أبغضك



لأنهم قالوا : ( إن رب محمد قد قلاه )



فأول سورة نزلت بعد فتور الوحي هي:



سورة المدثر



أما أول ما نزل من القرآن فهو:



أول سورة العلق،



و آخر ما نزل من كتاب الله عز و جل :



على تسعة أقوال ،و لا تناقض بينها ،



فإذا قرأت أن آخر الآيات نزولا هي قوله تعالى :



[إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ] ،



أو قرأت أن آخر ما نزل من القرآن الكريم هو قوله تعالى :



[وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ]



{البقرة:128}



و على هذه فقس فلا تناقض بينهما ،



لأن الصحابة رضوان الله عنهم:



لما نقلوا عنه صلى الله عليه و سلم نقل كل منهم ما لم ينقله الصحابي الآخر ، فلا تناقض بينهم



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



و سورة الفاتحة:



سميت بهذا الاسم لسببين :



السبب الأول:



أنها أول سورة يُفتتح بها كتاب الله عز و جل كتابة ،



فأول سورة تراها في المصحف هي سورة الفاتحة-



السبب الثاني :



أنها أول سورة يفتتح بها في الصلاة ،



إذاً عندنا سببان من جهة الكتابة و من جهة القراءة



من جهة الكتابة :



أنها أول سورة كُتبت في المصحف ،



و من جهة القراءة :



أنها أول سورة تُقرأ في الصلاة ،



و من ثم :



نعلم خطأ و ضلال من يفعل أو يعمل عملا دنيويا و يبتدئه بسورة الفاتحة ،



هذا من البدع ،



و هذا حاصل :



قد يُفتتح مشروع دنيوي أو أخروي و يُقال اقرءوا سورة الفاتحة ، أو قد يُتوفى شخص فيقال اقرءوا سورة الفاتحة على روح فلان ، أو بعد دفن الميت



كل هذا من البدع .



ــــــــــــــــــــــــــــــــــ



و هي سورة :



قال عنها صلى الله عليه و سلم كما في سنن النسائي :



( ما أنزل الله في التوراة و لا في الإنجيل و لا في القرآن أعظم من سورة الفاتحة )



فهي أعظم سورة و في نفس الوقت هي السبع المثاني ،



لها كما قال القرطبي رحمه الله :



اثنا عشر اسما



بعضها منقول عنه صلى الله عليه و سلم و بعضها منقول عنالصحابة أو عن التابعين فهي أعظم سورة ،



جاء في صحيح البخاري:



( عن أبي سعيد المعلى رضي الله عنه قال كنت أصلي في المسجد فدعاني صلى الله عليه و سلم فلم أجبه فلما فرغت قال صلى الله عليه و سلم لِمَ لم تجب ؟



ألم تسمع قوله عز و جل :



[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ]



{الأنفال:24} ؟



أي دعوة من النبي صلى الله عليه و سلم فيها حياة للإنسان فأنكر عليه النبي عليه الصلاة و السلام



فقال صلى الله عليه و سلم :



(( لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد ))فلما أرادصلى الله عليه و سلم أن يخرج من المسجد



قال له أبو سعيد :



لقد قلت يا رسول الله لأعلمنك أعظم سورة في القرآن



فقال صلى الله عليه و سلم :



(( ( الحمد لله رب العالمين )هي السبع المثاني ))



السبع :



لأنها سبع آيات



و المثاني :



لأنها تُقرأ في كل ركعة ،



عدد كلماتها :



خمس و عشرون كلمة



و عدد حروفها :



مائة و ثلاثة عشرة حرفا ،



والحرف :



بحسنة و الحسنة بعشر أمثالها ،



سبحان الله ! خير عظيم !



تقرأ سورة الفاتحة فيكون لك ألف و مائة و ثلاثون حسنة ،



فلو صليت الظهر أربع ركعات كم من ألف و مائة و ثلاثين يمكن أن تخرج منها ، تخرج و أنت على خير ،



فسميت بالمثاني :



لأن هذه السورة يُثنى بها في كل ركعة ،



فيه قول لبعض العلماء قول جميل سميت بالمثاني :



لأن هذه السورة هي الوحيدة التي استثنيت بها هذه الأمة و لم تنزل على غيرها من الأمم و سبق و أن قلت لكم إن الله لم ينزل في التوراة و لا في الإنجيل و لا في القرآن أعظم من سورة الفاتحة



ولذا :



سماها النبي صلى الله عليه و سلم بأنها نور



و لم تنزل على أحد من الأنبياء قبله هي وخواتيم سورة البقرة لم تنزل على احد من قبله



و للحديث تتمة .







التعليقات (0)